شريعة الإنجاز في الانتخابات التركية

شريعة الإنجاز في الانتخابات التركية

في إشارة منه إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متمسك بالسلطة ومستميت عليها، قال أستاذ التاريخ المتخصص بالشأن التركي في جامعة "سانت لورانس" الأمريكية هاورد أيسينشتات، خلال زيارته إسطنبول قبل أيام، إن الرجل لم يبنِ قصرًا من 1000 غرفة ليخرج في انتخابات. صحيح هو يريد انتخابات، لكنه لا يريد أن ينافس أشخاصًا يمكنهم أن يفوزوا فيها فعليًا.

وأشارك "أيسينشتات" توقّعه بفوز أردوغان في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التركية يوم غدٍ، وأتوقع أن يتجاوز خصمه بنسبة تزيد على 10 % من أصوات الناخبين، لكنني أرى أنه من الإجحاف وعدم الاتزان النظر إليه كمستبد ملتحم بالكرسي ومتهالك عليه.

سيغادر الرجل بعد 5 سنوات بكل سلاسة تاركًا القصر بغرفة الألف لمن يختاره الشعب من بعده. فما زالت في رأسي صورة الشباب الأتراك وهم يتصدّون ببسالة لمحاولة الانقلاب العسكري على جسر البسفور في إسطنبول قبل 7 سنوات، كانوا يواجهون الدبابة وكأنها ذبابة معطلة كسيرة الجناح. هم لم يخرجوا من أجل أردوغان حينها، كما قالوا، بل هبوا يدافعون عن ديمقراطيتهم، ومكتسباتهم، وأسلوب حياتهم، ولهذا لم نرهم حينها يرفعون صورة لزعيم أو قائد بل كان يمتشقون علم بلادهم فقط.

الأتراك متحمسون في حياتهم السياسية، وفاعلون فيها بطريقة مثيرة، وقد سجلوا نسب مشاركة تعد من أكثر دول العالم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، في مؤشر إلى حجم الرغبة الشعبية للمحافظة على ما تم إنجازه وإحرازه حتى الآن، والسعي إلى تكريس مستقبل مشرق لبلدهم، بعيدًا عن الانقلابات العسكرية التي ضربتهم حينًا من الدهر.

ولهذا، من السذاجة وقصر النظر أن نسلّم بقدرة أردوغان على أن يستبد بالسلطة ويتمسك بها إلى الأبد، حتى ولو أراد هذا؛ فثمة شعب حيٌّ متربص قادر على أن يزيح من يشاء عبر صناديق الاقتراع، وغيرها إن تعطلت.

وصل أوردغان إلى موقعه الرئاسي عبر ما يمكن تسميته بشريعة الإنجاز، فقد صنع تركيا جديدة بكل المقاييس من خلال حزبه وبقدراته الذاتية وكارزميته المعروفة.. ومع هذا فثمة نسبة لا بأس من الأتراك يرون أن من حقهم الحصول على ما حصل عليه، ولا منَّة من أحد في ذلك، ولهذا من حقهم أيضًا أن يروا مستقبلهم بعيدًا عن الرجل.

الانتخابات الرئاسية الحالية والسابقة قبل 5 سنوات كشفتا عن انقسام حادٍ في المجتمع التركي؛ فالمعارضة لها وجود فاعل ومتنامٍ رغم أنها لم تختبر في شريعة الإنجاز بعد، أو بالعمل الواقعي الميداني حتى الآن.. هي لم تمنح الناس حتى الآن سوى الوعود والتنظير لمستقبل أكثر إشراقًا، وقد لعبت على أكثر من وتر وأهمها اللاجئون، أي أن شريعة الإنجاز لم تكن فيصلًا في الانتخابات الرئاسية وإلا لما اضطُر أرودغان إلى جولة إعادة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com