أبوظبي
أبوظبيرويترز

مواجهة الكراهية ومجابهة التطرف

مرة جديدة يعلو صوت الوفاق في مواجهة دعوات الافتراق، وذلك من خلال اعتماد مجلس الأمن الدولي الأيام القليلة الماضية، قراراً اشتركت في صياغته الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، يهدف إلى تعظيم فرص التسامح والتصالح، وسيادة رؤى السلام والأمن الدوليين، في عالم كاد فيه خطاب الكراهية أن يورد البشرية مورداً غير محمود، يفتح الباب أمام تفاقم النزاعات القائمة، وتكرارها في الأيام القادمة.

تبدو بصمات الإمارات العربية المتحدة واضحة، فاعلة، ومؤثرة في صياغة هذا القرار الأممي، والذي يتسق وتوجه الدولة الدالة على السلام، والتي صدرت للعالم منذ أربع سنوات، «وثيقة الأخوة الإنسانية»، تلك التي لا يزال العالم يحتفي بها، وسوف يظل، لما فيها من جزيل الفائدة للخليقة عن بكرة أبيها، أمس واليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ما الذي يدعو إليه القرار الأممي، وما هي دلالة هذا النهج والتوجه الدوليين؟ بحسب نص القرار، فإنه يدعو إلى إدانة العنف وخطاب الكراهية والتطرف، ويشجع جميع الشركاء المعنيين، بما يشمل القادة الدينيين ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، على التصدي لخطاب الكراهية والتطرف الذي يؤدي إلى النزاع المسلح أو إلى تفاقمه، كما يطالب بعثات عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية التابعة للأمم المتحدة بمراقبة خطاب الكراهية والعنصرية وأعمال التطرف التي تؤثر سلباً على السلام والأمن.

لا تبدو مهمة مواجهة الخطابات العنصرية الضارة في عالم السوشيال ميديا مهمة يسيرة أو سهلة، لا سيما في ظل من أطلق عليهم «السيميائي» الإيطالي والفليسوف الكبير، «إمبرتو إيكو»، «فيالق الحمقى»، أولئك الذين يتمترسون وراء الهواتف الذكية، ليبثوا مشاهد تبعث على العداء ويكتبوا سطوراً تدفع عبر مزالق الهاوية والانحدار، ومن غير أدنى مقدرة على إيقافهم، كما كان يحدث مع أقرانهم في الحانات خلال العقود الماضية.

من هنا تطفو على السطح الحاجة الماسة لأصحاب العقول الراجحة والضمائر اليقظة الذين ينبهون الناس ويرفعون الالتباس، وبما يقطع الطريق على بث مشاعر البغضاء عبر الأثير، في عالم تحول من «قرية صغيرة»، على حد تعبير عالم الاجتماع الكندي، مارشال ماكلوهان، في ستينيات القرن الماضي، إلى عالم محصور وربما محشور في إطار «صندوق الدنيا» عبر الأجهزة النقالة، ومن غير انتظار لعالم الميتافيرس، حيث ينتظر البشرية واقع غير مسبوق منذ بدايتها وحتى اليوم.

أحسنت وزيرة الدولة الإماراتية معالي نورة الكعبي حين أشارت في بيان الإمارات إلى أن عالمنا المعاصر يعاني انتشار النزاعات المسلحة التي بلغت ذروتها منذ الحرب العالمية الثانية، وبات الواقع أكثر خطورة وتعقيداً، في ظل ما نشهده من انقسامات متزايدة وموجات متصاعدة من خطاب الكراهية والتطرف بجميع أشكاله.

يمكن اعتبار بيان الإمارات نقطة ارتكاز، تدفع في مسيرة طويلة ومجهدة لتغيير الأوضاع وتبديل الطباع، وللإمارات باع طويل يشهد لها به القاصي والداني، في تجذير ثقافة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، ومسيرتها في سياق ترسيخ مبدأ السلام والتعاون والتعايش السلمي، ناجعة، وتؤيده لا المؤتمرات الإيديولوجية فحسب، بل الفعاليات الإنسانية على الأرض، لا سيما حين تحل بالأرض النوازل، ليطابق قولها فعلها مرة واحدة.

السعي في طريق التصدي والتحدي لتسونامي الكراهية وإحلال المودات عوضاً عنه، أمر يتطلب وعلى حد تعبير وزير خارجية الفاتيكان، رئيس الأساقفة «بول ريتشارد غالاغر»، العمل بشغف وصبر وبعد نظر، فضلاً عن المثابرة والتفاني، وتالياً تفعيل دوائر الحوار والدبلوماسية. تبدو الحقيقة المؤكدة التي تدركها الإمارات العربية المتحدة، والقوى كافة الدالة على فعل الخير والرغبة في تغيير العالم أن «السعي إلى السلام يتطلب شجاعة أكثر من شن الحرب».

الاتحاد

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com