فلسطينيون ينزحون من منازلهم خشية القصف
فلسطينيون ينزحون من منازلهم خشية القصفإ.ب.أ

غزة وموسم الهجرة إلى الجنوب

يوم السبت قبل الماضي بتاريخ 2013/10/07 أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» عن انطلاق عملية «طوفان الأقصى» ضد إسرائيل، معلنةً أنها شنت هجمات إلكترونية وتقليدية وغير تقليدية حققت عنصر المفاجأة والتعطيل الجزئي لمنظومة الدفاع الإسرائيلي، مما مكنها من المباغتة والحصول على أسرى، وضربات صاروخية على تل أبيب ومهاجمة المستوطنات والمعسكرات في غلاف غزة، وتنفيذ هجمات منسّقة على أكثر من 50 موقعاً إسرائيلياً، بالتعاون مع فصائل فلسطينية أخرى، وقتل أكثر من 1400 إسرائيلي وآخرين من جنسيات مختلفة في المستوطنات، ليعلن عن تلك العملية أنها نجاح عسكري تاريخي وأنها بداية استرجاع بيت المقدس وتحرير فلسطين، وأن غزة ستكون فيتنام و«أفغانستان» أخرى للمعتدين الذين تنتظرهم مفاجئات عديدة، ومدينة بنيت تحت المدينة لمثل هذه الصراعات، فهل تستطيع إسرائيل الانتصار بتسوية غزة بالأرض وتهجير سكانها من الشمال إلى الجنوب وتوجيه الضربات لهم هناك لنزوح إلى مصر، أم سيعاد بناء غزة بحكومة تختارها إسرائيل وتكون منطقة منزوعة من السلاح في ظل مواجهة ستفتح على جميع الجبهات وظهور المخلص العم سام ليتكفل بالباقي؟

لبست «حماس» وعناصرها وتجهيزاتها طاقية الإخفاء طوال استعداها للعملية، وبدوره الجيش الإسرائيلي يرد بإطلاق عملية «السيوف الحديدية» وقرار سحق غزة واستئصال «حماس» في هجوم انتقامي كان المدنيين هم معظم ضحاياه، والإشارة من قبل المحللين العسكريين إلى استخدام قنابل «غبية»، وهي أقل دقة وأكثر تدميراً، وقنابل أخرى يعتقد أنها محرمة دولياً، وأكثر من 6000 قنبلة في أقل من أسبوع، وهو أكثر مما استخدمته الولايات المتحدة خلال عام في عملياتها في أفغانستان، وما استخدم ضد «داعش» في سوريا والعراق على مدار 4 سنوات، والإعلان عن حالة الحرب ليتبع ذلك ما حدث ويجري من أحداث وعودة نكبة 1948، وبما أنها حرب إعلامية بقدر ما هي معارك عسكرية سيتم تداول مصطلح لاجئي غزة، وكلمة السر هنا إعلان الحرب مما يعني خروج الفلسطينيين دون عودة! أم أن هناك أموراً أخرى لم تكشف بعد تفسّر قرار «حماس» بالهجوم على إسرائيل وهي تعلم بالتداعيات!

ما يحدث ينهي حلم «حل الدولتين» ويُسرع مخطط إعادة بناء هيكل سليمان في القدس وعودة نفوذ بعض القوى الكبرى إلى الشرق الأوسط بقوة، ولذلك لو لم تكن «حماس» موجودة في المعادلة السياسية الفلسطينية لأوجد من يريد تحقيق النبوءات وشرق أوسط جديد «حماساً» أخرى بنفس المواصفات للحصول على ما تبقى من دولة تسمى فلسطين، ولماذا غضّت «حماس» البصر عن بناء 50 مستوطنة أقربها على بعد 40 كم؟ وأين كانت المقاومة من كل الذي كان يجري نهاراً جهاراً؟

من جهة أخرى، يلعب قطاع غزة - وهو شريط ضيق من الأرض يقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط - دوراً محورياً في الجغرافيا السياسية وهي منطقة حيوية لفرض السيطرة على الحدود والمياه الإقليمية، ومن جانب آخر تعتمد غزة على إسرائيل في الحصول على المياه والكهرباء والاتصالات، وفي العلاقات الاقتصادية مثل تجارة الحمضيات ومحاصيل زراعية تصل لأوروبا كمنتجات إسرائيلية عبر اتفاقيات مع إسرائيل، وعلاوةً على ذلك يعتمد قطاع غزة بشكل شبه كلي على إسرائيل في إمدادات الطاقة والكهرباء والمياه وواردات القمح وغيره من المواد الأساسية.

كما تقع المنطقة (ج) من الضفة الغربية وساحل البحر الأبيض المتوسط قبالة قطاع غزة، فوق خزانات كبيرة من ثروة النفط والغاز الطبيعي وفقاً لدراسة حديثة أجراها منتدى الاستثمار العالمي، وتم منع الشعب الفلسطيني من استغلال تلك الثروات الموجودة في أراضيه ومياهه، والتي كانت كفيلة بجعل غزة مدينة يحلم بالعيش فيها كل فلسطيني، كما تمثل غزة فجوة بحرية للأمن القومي الإسرائيلي وردعاً متقدماً غير مباشر لإبعاد أكبر جيش عربي عن عمقها الحيوي، ويبقى السؤال هنا من هو العدو الأخطر على الشعب الفلسطيني، والذي يدمر ما تبقى من سيادة فلسطينية؟ ومن هو المستفيد الأكبر من النكبة الثانية؟

الاتحاد

المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبّر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com