فلسطينيون يبحثون عن ناجين بعد القصف الإسرائيلي
فلسطينيون يبحثون عن ناجين بعد القصف الإسرائيليد ب أ

سيناريوهات إسرائيلية لما بعد الحرب

وسط هذه المواجهات الجارية يتنزل التساؤل حول مصير قطاع غزة، وإلى أين سيؤول مصيره، خصوصا، بعد التدمير الإنساني والمادي الذي تعرض له القطاع بشكل غير مسبوق.

هل سيعاد القطاع إلى سلطة أوسلو في رام الله، أم سيبقى تحت سيطرة حماس سياسيا بعد إضعافها عسكريا أو إنهائها وفقا للتطورات التي ستجري، أم ستقام به سلطة إدارية تابعة للاحتلال، أم سيتم فصله إلى جزأين، شمالي وجنوبي، ويكون الشمال مفصولا بشكل كامل، وبلا سكان كليا، كما تكون هناك منطقة عازلة محدودة، في الجنوب، لكنها محدودة المساحة؟

هذه السيناريوهات مطروحة الآن حول ما بعد المواجهات الحالية، وهي مطروحة داخل المؤسسة الإسرائيلية. وإذا كانت السيناريوهات تبدو مبكرة قليلا، وتفترض أصلا انتصار إسرائيل وتحكمها في القطاع بشكل كامل، دون أي ممانعات، إلا أنها سيناريوهات مطروحة على مستويات استراتيجية في عواصم عربية وأجنبية مختلفة، إضافة إلى تل أبيب، لكنها تفترض نصرا إسرائيليا داخل القطاع، وهذا افتراض قابل للشك أساسا في ظل ما نراه حاليا داخل القطاع.

هناك سيناريو يتحدث عن إعادة القطاع بعد السيطرة عليه وإنهاء حماس وفقا للمفهوم الإسرائيلي إلى سلطة أوسلو، وهذا السيناريو خطير جدا، لأن سلطة أوسلو هنا ستدخل على جبال من جماجم الشهداء وكأنها وكيلة الاحتلال، ونائبة عنه، وستجد نفسها أمام مهمات إدارية وسياسية وأمنية خطيرة ستجابه برد فعل شعبي في غاية السوء من باب التخوين، هذا فوق كلف إعادة إعمار القطاع غير المتوفرة، والانقسامات الداخلية..

ويستضعف بعض المراقبين هذا السيناريو لاعتبارات إسرائيلية تفضل أن يبقى القطاع مفصولا عن الضفة الغربية، ومقتطعا عن مشروع الدولة الفلسطينية، وغائبا عن كل الحسابات، بحيث يتعمق الانقسام الفلسطيني أكثر، ولا تأتي لاحقا أطراف فلسطينية ودولية وتطالب إسرائيل بإتمام اتفاقية أوسلو عبر إقامة الدولة الفلسطينية بوجود قطاع غزة الذي تغيب عنه كل جماعات المقاومة التي تهدد إسرائيل وفقا لهذا السيناريو.

السيناريو الثاني يرتبط بالسابق، أي مواصلة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، وإبقاء حماس في غزة، لكن دون سلاح، أو قدرات عسكرية، لتعميق الانفصال والانقسام والتباين بين مشروعين فلسطينيين، وبحيث تبقى حماس وبقية التنظيمات أمام المأساة الإنسانية، دون دعم دولي حقيقي، مع تدفق مساعدات قليلة على المستوى الصحي والغذائي، وبحيث يتم ترك حماس لمواجهة الغزيين بعد الخراب الذي لحق بالناس في غزة، وبحيث تنتقل المعركة إلى داخل القطاع وبين حماس وبقية التنظيمات، والغزيين الذين يمثلون أساسا حاضنة شعبية للمقاومة، قد تنقلب على هذه التنظيمات وفقا للتخطيط الإسرائيلي الاستراتيجي في هذه الحالة الخطيرة جدا.

أما السيناريو الثالث حول مصير غزة بعد المواجهات في حال تمكن الاحتلال من إنهاء حماس، فهو يقوم على أساس إعادة كل شيء إلى حاله، وتنصيب هيكل إداري تابع للاحتلال، بحيث يتحقق فصل غزة عن الضفة كليا، وإنهاء مشروع أوسلو والدولة الفلسطينية، وهذا السيناريو غير مؤهل للنجاح كون العنصر الشعبي هنا لن يقبل التعامل مع هيكل إداري تابع للاحتلال، تحت مسميات مختلفة، وسيعتبره عميلا، وسيجرم كل من يتعامل معه قياسا على تجارب سابقة.

السيناريو الرابع يتحدث عن فصل القطاع إلى جزأين، جزء شمالي وجزء جنوبي، إضافة إلى منطقة عازلة في جنوب غزة، وهو افتراض يقوم على أساس ترويع السكان وإعادة رسم الخارطة الاجتماعية السكانية من خلال عمليات القصف، والتهجير، وإعادة التهجير، بحيث تقام كتل اجتماعية جديدة بنسيج مختلف، بعد تقطيع النسيج الاجتماعي الأساسي القائم منذ عام 1948 داخل القطاع، ومن خلال نكبة جديدة داخل القطاع، تشمل الناس أولاً، ومقدرات الناس.

سيناريوهات إسرائيلية متعددة ولكل سيناريو كلفته، والأخطر أنها تفترض قدرة إسرائيل على تنفيذ كل شيء دون ممانعات، أو دون عراقيل، بما يؤكد أن القصة نهاية المطاف تتعلق بالحرب على الفلسطينيين ذاتهم وعلى وجودهم، بذريعة التنظيمات وعملياتها ضد إسرائيل.

الغد

المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبّر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com