العملية في جنين.. لا بديل عن السلام بين الشعوب

العملية في جنين.. لا بديل عن السلام بين الشعوب

سجلت إسرائيل عملية عسكرية جديدة أخرى، وافتخرت بها أمام الشعب عند مدخل مخيم جنين للاجئين.

ربما كانت العملية ناجحة من وجهة النظر الأمنية الإسرائيلية، لكن من وجهة نظري، كمواطن عربي في دولة إسرائيل، يجب أن يُنظر إليها على أنها فشل آخر لها ولحكومتها وشعبها؛ لأنه لا يمكن أن يفتخر بشيء أساسه القتل والدمار.

تسيطر إسرائيل على الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من 50 عامًا. وعادة ما تشرع بإقامة مستوطنة، وتدمير المنازل، ومصادرة الأراضي، ردًّا على الهجمات الفلسطينية.

كما تعتقل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتحرمهم من حقوقهم. هل اكتسبت الثقة؟، الجواب واضح، إسرائيل أصبحت أخطر مكان لليهود على وجه التحديد.

في مايو/ أيار 2022، وعدت الحكومة اليمينية الإسرائيلية بالقضاء على كل البنية التحتية الإرهابية، ودخلت مخيم اللاجئين في جنين.

كنت هناك كصحفي، ورأيت مشاهد حرب ورعب ودمار في كل مكان وبكاء ويأس. هذا الأسبوع، وعدت حكومة إسرائيل بإبادة كل الجماعات المسلحة في جنين، لكن إنجازها الرئيس هو اشتداد الكراهية، وفقدان الأرواح، وعشرات الجرحى المحفور في ذاكرتهم أن إسرائيل دولة محتلة.

يظهر التاريخ في كل مكان في العالم، أن الحروب والقتل والدمار لن تحقق أي إنجاز غير الكراهية والرغبة في الانتقام، وأن السيطرة على شعب أو تدميره مهمة مستحيلة، حتى لو كانت أعظم قوة في العالم.

والأهم من ذلك، أن التاريخ يظهر أنه لا بديل عن الحوار والاحترام، ولا بديل عن السلام بين الأمم.

والأمر الأكثر سوءًا، هو أنه بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى النقطة التي سيطلب فيها الشعبان بقوة من قادتهما اتفاقية سلام، ووقف الكفاح المسلح، ستُراق المزيد من الدماء، وستدخل المزيد من العائلات في دائرة الفجيعة والألم والخسارة.

لقد خسرت إسرائيل جنديًا شابًا، وأحصى الفلسطينيون 12 قتيلًا وأكثر من 100 جريح. واعتقل العشرات غيرهم، وجميعهم بناء على مزاعم أو اشتباه في تورطهم في نشاط مسلح ضد إسرائيليين. رغم أنه لا يوجد دليل على تورط جميع هؤلاء الضحايا أو المعتقلين باستثناء قوات الأمن.

في إسرائيل، يُنظر إلى معلومات الأجهزة الأمنية على أنها توراة منزلة، لكنني أراها من زاوية مختلفة، خاصة عندما يكون كل فلسطيني خطرًا وإرهابيًا في نظر قوى الأمن، وقد علمتنا التجربة أن هناك العديد من الأخطاء.  

وبالضبط الآن، عندما تواجه السلطة الفلسطينية الانهيار التام، وعندما تكون إسرائيل هي التي تتحكم بها، فإنها تقوم بتحويل الأموال لها وتزويدها بالمساعدة والمعلومات الأمنية. وهذه هي الفرصة لشعب إسرائيل للبدء في ثورة ضد استمرار الاحتلال والسيطرة على الشعب الفلسطيني.

ربما تكون هذه فرصة ستؤدي إلى عودة القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال، بعد أن تم دفعها إلى الهامش، وتوقف اهتمام المواطن في إسرائيل بها، حيث أصبحت تصريحات كل سياسي وزعيم إسرائيلي بشأن حل الدولتين، عديمة الفائدة.

لن تتخلص إسرائيل من الفلسطينيين، ولن تكون قادرة على السيطرة عليهم، وفي الوقت نفسه لن يتمكن الفلسطينيون من إلقاء اليهود في البحر. لذلك، حان الوقت لكي نقدس الجزء من الأرض الذي نعيش فيه جميعًا، ولنعرف كيف يمكن للمرء أن يعيش، وليس فقط كيف يمكن أن يموت.  

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com