شو صاير بالقدس!
شو صاير بالقدس!شو صاير بالقدس!

شو صاير بالقدس!

زياد الدريس

تلقيت أكثر من مكالمة هاتفية، الأسبوع الماضي، كلها تسأل:

إيش صاير في اليونسكو عن فلسطين؟

ليش إسرائيل زعلانة من اليونسكو؟

ما مضمون قرار اليونسكو عن القدس؟!

من الملفت أن القرار المسؤول عنه كان قد صدر في النصف الأول من نيسان (أبريل) الماضي، أي قبل شهر ونصف شهر من الآن، لكنه جذب الانتباه إليه الآن بعد أن تصاعد الغضب الإسرائيلي منه، وبلغ رد الفعل أوجه خصوصاً ضد فرنسا التي كانت أبرز دولة صوتت مع القرار، في حين صوتت أميركا ضده بالطبع.

قرار اليونسكو في شأن القدس ليس جديداً فهو يتكرر في كل دورة للمجلس التنفـيـذي للمنظمة الدولية داعياً لحماية القدس بوصفها مدينة الأديان السماوية الثلاثة والتحذير من طمس هويتيها الإسلامية والمسيحية باسم التهويد.

إذاً ما الجديد، ولِم الغضب؟!

الجــــديـــد مخبــوء في النــــوايا الإسرائــــيـليــة وليس في القــرار، فإسرائيل اتخذت خطوة متـقـدمة في تهويد القدس، إذ بدأت تسمي باحات الحرم الشريف (المسجد الأقصى والمساجد المجاورة) باسم (جبل الهيكل) استناداً إلى المعتقد اليهودي بــوجـود هيكل سليمان هناك. والقدرة في تمرير وتــسويغ الاسم الجديد ستسمح مع الوقت بتسهيل العبث بالمسجد الأقصى وتخريب باحات الحرم بحثاً عن الهيكل.

بهذه النوايا الإسرائيلية المبيتة سيكون من الطبيعي أن يتغير المزاج السياسي الإسرائيلي تجاه القرار الدولي المألوف لأنه يقف عثرة في طريق الخطوة الإسرائيلية المتقدمة.

الغضب الإسرائيلي انفجر بقوة في وجه السياسيين الفرنسيين، ما اضطر وزير خارجية باريس للذهاب إلى مقر الجمعية اليهودية الفرنسية للاعتذار لهم عن التصويت الإيجابي مع القرار الدولي (وليس الفلسطيني فقط) الذي يسمي الحرم الشريف والمسجد الأقصى باسمهما المعتمد في المنظمات الدولية كافة ورفضهم استخدام الاسم الإسرائيلي المقترح!

اعتذار الوزير الفرنسي لم يكف لمسح دموع نتانياهو، فاعتذر الرئيس الفرنسي بنفسه ووعد بتصحيح الغلطة في اجتماع اليونسكو المقبل، لكأن اليونسكو وزارة فرنسية!

وحتى هذا الاعتذار والوعد الرئاسي، غير الديبلوماسي، لم يُغن عن زيارة فورية من رئيس الحكومة الفرنسية إلى تل أبيب لتطييب الخاطر الإسرائيلي الحزين.

تحليل الموقف الفرنسي المستكين لا يحتاج كثير تحليل، فالسباق الانتخابي على رئاسة الجمهوريــة بات وشيكاً، ومعه ستبدأ أعراض التزلف للقوى المتنفذة والمؤثرة في نتائج الانتخابات.

الموقف الإسرائيلي المتسارع هو الذي يحتاج إلى وقفات تحليلية، مأخوذاً في الاعتبار الوضع العربي المشغول بجراحه التي تنفتح على التوالي، وكذلك بتضخم صوت عربي جديد لم يتوقف عند لامبالاته بفلسطين باسم الالتفات إلى القضايا الوطنية المحلية، أو باسم الإيمان بحلّ الدولتين، وهو ما قد يمكن تفهّمه. ولكن باتت بعض هذه الأصوات تعلن تحيزها إلى المشروع الإسرائيلي ضد المطالب الفلسطينية، تحت حجج وذرائع مزاجية / شعبية يمكن وصفها بأي شئ إلا بالوعي الإستراتيجي لما وراء ذلك.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com