الفلسطينيون يبنون «مستوطنة»
الفلسطينيون يبنون «مستوطنة»الفلسطينيون يبنون «مستوطنة»

الفلسطينيون يبنون «مستوطنة»

أعطي بين حين وآخر أمثلة على وقاحة، أو «بجاحة» إسرائيل وأنصارها، خصوصاً من ليكود أميركا، وعندي اليوم مَثل جديد أعتقد أنه أوقح ما قرأت منذ عقود هو: مستوطنة عربية غير شرعية في الضفة الغربية.

العنوان يعود الى قرار السلطة الوطنية الفلسطينية بناء بلدة الروابي، في خطة تشمل 600 وحدة سكنية لحوالى 40 ألف مواطن فلسطيني في بلادهم.

هذه مستوطنة؟ إسرائيل كلها مستوطنة، أو مستعمرة غير شرعية، والعنوان يتحدث عن مستوطنة «عربية» حتى لا يقول فلسطينية، فهم يشيرون الى الفلسطينيين بكلمة عرب فقط.

فلسطين من البحر الى النهر، وقد سكنها الفلسطينيون العرب منذ فجر التاريخ، أما اسرائيل فخرافة توراتية، لا آثار على الأرض لها، وحتماً ليس في فلسطين أو مصر أو سيناء.

إذا كان العنوان السابق فاز بقصب السبق، فإن المركز الثاني احتله العنوان «اعلِنوا عيد الغفران عيداً للأمم المتحدة». هذا عيد يهودي، فأعود الى التوراة، وأسأل هل فيها شيء يمكن أن يُحتَفَل به؟ إذا لم يكن الموضوع فيها عن إبادة جنس، فهو عن رجل لم يوجد «يشغِّل» زوجته عند فرعون، أو عن رجل آخر «ينام» مع ابنتيه، مع وجود زانيات بين فصل وآخر. هذا شيء تحتفل به الأمم المتحدة؟ سمعتها سيئة من دون إضافة ما في التوراة الى ميثاقها.

هناك أعياد للمسيحيين والمسلمين تحتفل بها الأمم المتحدة، لذلك المطالبة بزيادة عيد الغفران عليها هو طلب وقح جداً لأن أكثر إدانات في تاريخ الأمم المتحدة كلها هو لاسرائيل الارهابية المحتلة قاتلة الأطفال، ولولا الفيتو الاميركي في مجلس الأمن لكان عدد إدانات اسرائيل تضاعف.

الجائزة الثالثة، أو جائزة الترضية بلغة اليانصيب، من حق تشارلز كراوتهامر، الذي يلطخ صفحات «واشنطن بوست» بليكوديته، وهو يستحق الجائزة عن عمر في العمل دفاعاً عن دولة القتل والاحتلال والتدمير. واختار من مقالاته الأخيرة مثلاً هو «وقف أسوأ ناس على وجه الأرض» وموضوعه طبعاً ليس الحكومة اليمينية الارهابية في اسرائيل أو جيش الاحتلال المجرم أو المستوطنين، وإنما عن «الدولة الاسلامية» أي الارهابيين من داعش. وكنت سأعتبرهم أسوأ ناس في العالم لولا أن حكومة اسرائيل وجيشها ومستوطنيها سبقوا بألف مرحلة. غير أنني أتوقف هنا لأنبّه القارئ العربي الى أنني أتحدث فقط عن دولة الجريمة في اسرائيل وجيش الاحتلال ومستوطنين يعيشون خرافة من صنعهم، ولا أتحدث عن كل الاسرائيليين أو اليهود حول العالم، فبين هؤلاء طلاب سلام حقيقيون بعضهم أفضل من طلاب السلام العرب والمسلمين.

كان بين الأخبار المتنافسة على جائزة الوقاحة المتناهية خبر عنوانه «قصيدة مدح من جون كيري لدين الاسلام» ينتقد أن يقول وزير خارجية اميركا إن الاسلام «دين سلام يقوم على كرامة البشر جميعاً». هو كذلك، وهو رأيي قبل أن يكتشف كيري الاسلام.

لهذا المقال بقية عندي عليها مادة تكون إغراقية أختصرها في سطور، ففي مدينة روذرام، في انكلترا، اكتشفت عصابات رجال أصلهم من الهند وباكستان اعتدت أو اغتصبت مئات البنات. أعوان الشيطان تحدثوا مرة بعد مرة عن «اغتصاب إسلامي في روذرام». ولكن في الوقت نفسه كنت أقرأ في «واشنطن بوست» أن ثلث نساء اميركا، أي 50 مليون إمرأة، تعرضن لعنف منزلي. وقبل ذلك في اسرائيل قتل جيش الارهاب 500 طفل فلسطيني. عصابات جريمة اغتصبت البنات وليس الانكليز، ورجال اميركيون اعتدوا على نسائهم وليس كل الرجال الاميركيين، وحكومة مجرمة وجيش إرهابي في فلسطين قتل الأطفال وليس كل الاسرائيليين أو اليهود. فقط عندما يكون طرف في الجريمة مسلماً يصبح كل المسلمين شركاءه، والارهابيون الحقيقيون من الوقاحة أن يلصقوا بالآخرين ما يمارسون كل يوم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com