إعلام عبري: سقوط صواريخ أطلقت من لبنان في مستوطنة "كرميئيل" شمال إسرائيل
عبدالحميد الأنصاري
أشارت تقارير إلى موجة إلحاد تجتاح المنطقة بعد ثورات الربيع العربي التي هزت بعض المسلمات لدى الشباب العربي، وطبقاً لاستطلاع جامعة إيسترن ميتشيغان الأميركية، فإن عدد الملحدين في مصر وحدها، وصل إلى مليوني شخص، الأمر الذي دعا مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي إلى التحذير من بوادر إلحاد في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، وزيادة التشكيك في الدين الإسلامي، مطالباً بوجوب المسارعة إلى الوقوف في وجه هذه الظاهرة.
في المقابل هناك من يرى في الأمر مبالغة وتهويلاً، ولا يشكل ظاهرة، كما يشكك في الاستطلاعات أن الشخص لا يستطيع أن يفصح عن إلحاده في المجتمعات العربية، وطبقاً لوحيد عبدالمجيد فإن الذين يزورون المواقع التي توصف بالإلحاد، بدافع الفضول المعرفي، لا يصح وصفهم بالملحدين، كما لا يجوز أن تعد المواقع العلمانية في عداد الملحدة، كما لا يعد من يطالبون باستبعاد الدين من بطاقة الهوية ملحداً، وحتى المواقع التي توصف بإلحادية، هي في الحقيقة مواقع تعبر عن حالة تمرد واحتجاج وتنفيس عن غضب مكبوت لا عن إلحاد حقيقي، ومع ذلك تطرح قضية الإلحاد كما لو أنها خطر هائل، كما حصل في إغلاق مقهى في القاهرة بدعوى أن ملحدين يجتمعون فيه! في تصوري أن الإلحاد الحقيقي بالمعنى الفلسفي، لا وجود له في مجتمعاتنا، هناك تساؤلات قلقة، هناك تشكيك في مسلمات لدى شباب، هي تعبير عن تمرد وبحث عن دور لمهمشين، لكن لا يوجد عندنا إلحاد ينكر الأديان، انطلاقاً من فلسفة بديلة للكون والحياة، ونتيجة بحث معرفي كما هو حاصل في الغرب لدى بعض المفكرين.
في هذا السياق، نذكر كتب د. مصطفى محمود، "رحلتي من الشك إلى الإيمان" 1971، و"حوار مع صديقي الملحد" 1982، ومؤخراً صدر للدكتور عمرو شريف، كتب بالغة الأهمية في معالجة قضية الإلحاد، منها: رحلة عقل 2010، عن سير أنتوني فلو، أستاذ الفلسفة البريطاني وأشرس ملاحدة العصر الحديث، قضى ثمانين عاماً يدافع عن الإلحاد، ثم فاجأ العالم عام 2004 بكتابه المذهل "هناك إله" مزلزلاً مستندات وثوابت الإلحاد والملحدين من زملائه الذين أصابهم الخبر بصدمة هستيرية. لكن كتابه الآخر "خرافة الإلحاد" والصادر 2014، هو الأكثر عمقاً وشمولاً في تحليل الفكر الإلحادي وتفكيك مرتكزاته وأسانيده العلمية والفلسفية. قرأته بتمعن، ووددت لو أنه أدرج في المقررات الدراسية لطلاب الجامعة لأن فيه التحصين الكافي من شكوك وشبهات الإلحاد، يقول المؤلف: الإلحاد ببساطة هو إنكار وجود الإله، ويعالج الكتاب خرافة الإلحاد من خلال مشروعين فكريين متداخلين:
1- تجديد الفكر العلمي، باعتبار عدم وجود تعارض بين العلم والدين، انطلاقاً من أن الظواهر العلمية لا تتعارض مع وجود غائية وراءها.
2- تجديد التفكير الديني، وصولاً إلى خطاب يمثل عامل جذب للإيمان بعد أن أصبح عامل طرد.
يؤكد الكاتب أهمية التمييز بين مصطلحات تتردد في مجال الإلحاد، منها:
1- الملحد: هو المنكر للدين ولوجود الإله.
2- اللاديني: من لا يؤمن بدين وليس بالضرورة أن يكون منكراً للألوهية.
3- ضد الدين: هو الملحد الذي يتخذ موقفاً عدائياً من الإله والدين والمتدينين.
4- الربوبي: الذي يؤمن بأن الرب خلق الكون، لكنه ينكر أن يكون قد تواصل مع البشر عن طريق الديانات.
5- اللاأدري: هو الذي يؤمن أن قضايا الألوهية والغيب لا يمكن إثباتها وإقامة الحجة عليها، كما لا يمكن نفيها باعتبارها فوق قدرة العقل على الإدراك.
6- المتشكك: الذي يرى أن براهين الألوهية لا تكفي لإقناعه، وفي الوقت نفسه لا يمكنه تجاهلها.
7- العلماني: العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على العلم المادي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين، ومن ثم فهو اصطلاح سياسي لا علاقة له بعقيدة الفرد الدينية.
ختاماً: لا يتسع المقال لتلخيص الكتاب، ولعل ما ذكرته هنا، ما يشوق القارئ إلى الاطلاع عليه.