نحو "طائف" عراقي
نحو "طائف" عراقينحو "طائف" عراقي

نحو "طائف" عراقي

عندما تؤكد السعودية على سيادة العراق ووحدته، وتنادي العراقيين بوجوب التحاور من أجل ذلك، فهي تملك من المصداقية والتاريخ السياسي ما يشفع لها في هذه الدعوة.



الموقف السعودي الذي جاء ضمن بيان مجلس الوزراء السعودي الأخير، شدد على أن الأحداث الأخيرة «ما كانت لتقوم لولا السياسات الطائفية والإقصائية التي مُورست في العراق»، داعية بصراحة إلى «الإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني للعمل على إعادة الأمن والاستقرار، وتجنب السياسات القائمة على التأجيج المذهبي والطائفية».

لماذا تصبح هذه الدعوة من السعودية مناسبة ومؤثرة؟

لاعتبارات، منها:

إن السعودية متهمة من قبل الدعاية الإيرانية، وتوابعها في بغداد ودمشق والضاحية الجنوبية، كما من عتاة اليسار في الإعلام الغربي، بأنها هي من صنعت «داعش» وتغذيها في العراق وسوريا.

اتهام هجائي مرسل، لا برهان فيه ولا منطق؛ فالسعودية صنفت «داعش»، بل وجماعة الإخوان، مؤخرا بوصفهما إرهابيتين محظورتين، وفيما يخص «داعش» تحديدا حذرت، على لسان وزارة الداخلية، كل من يذهب لـ«داعش» و«النصرة» في سوريا وغيرها بالعقاب والسجن، ناهيك أن أدبيات «داعش» وخطبها منصبة، في هدفها النهائي، على ضرب السعودية بوصفها دولة مرتدة وكافرة، والشبان السعوديون الداعشيون يرسلون صورهم من سوريا وهم يمزقون جوازاتهم السعودية.

من هنا يصبح لمحاربة السعودية «داعش» ميزة خاصة بوصف المملكة مهد الحرمين وحضن الإسلام، لذلك تكرهها «داعش» وبقية الدواعش.

الاعتبار الثاني أن السعودية سبق لها أن دعت العراقيين إلى مؤتمر وطني للحوار والإنقاذ، لكن لم يستجب ساسة العراق، كان ذلك في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2010 عندما وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز دعوة لقادة العراق للاجتماع في الرياض عقب موسم حج ذلك العام، وتحت مظلة الجامعة العربية، بعد تعثر تشكيل الحكومة العراقية ثمانية أشهر.

لو لبّى نوري المالكي، تحديدا، تلك الدعوة وصدق النية لربما صلح حال العراق وتجنب ما نراه اليوم.

الاعتبار الثالث هو خبرة السعودية الخاصة في «الإنقاذ» العربي، كما تجلى ذلك في حالة لبنان الذي مزقته الحرب بين طوائفه، فكان مؤتمر الطائف الشهير 1988 الذي جاء بمبادرة من الملك فهد ودعم عربي، وتمخض عن مؤتمر الطائف إنقاذ البلد ووضع أساس ميثاقي جديد، رغم رفض ميشال عون آنذاك، ونكث سوريا وحزب الله لاحقا، لكنه ما زال الأمر الذي وقى اللبنانيين مصير سوريا الآن.

السعودية ليس لها نوايا إمبراطورية توسعية، بتاج الشاه أو بعمامة الفقيه، مثل إيران، ولا نهج عصابوي لا دولتي مثل الأسد والقذافي، هي دولة تريد الاستقرار وتصونه في الإقليم، لمصالحها كدولة، ومصالح العرب والمسلمين.

هي دولة غير مغامرة، وهذا ما يجعل أطراف النزاعات العربية والإسلامية، الواقعيين، يركنون لسلامة القصد السعودي.

هل آن للعراقيين أن يلبوا الدعوة السعودية المؤجلة من أربع سنوات للإنقاذ، ويتحاور «كل العراقيين» بواقعية وصدق، في صيغة طائف جديد.. أم سبق السيف العذل؟

(الشرق الأوسط)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com