المقاطعة العربية.. واعتزال الحريري
المقاطعة العربية.. واعتزال الحريريالمقاطعة العربية.. واعتزال الحريري

المقاطعة العربية.. واعتزال الحريري

رضوان السيد

حَدَثان لافتان في أسبوع واحد في لبنان؛ زيارة وزير الخارجية الكويتي والذي قَدِم بإنذار ووعدٍ بشروط، وإعلان سعد الحريري عن اعتزال العمل السياسي وعدم الترشح أو الترشيح للانتخابات النيابية في شهر مايو المقبل.
هناك مقاطعة عربية (من دول الخليج خاصة) للبنان بسبب تدخلات «حزب الله» اللبناني المسلَّح في اليمن، ومحاولات تصدير المواد الممنوعة إلى المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج، بل والعمل السري الأمني والمالي للحزب في بعض دول الخليج.
وقد استمات مسؤولون لبنانيون في استرضاء الدول الغاضبة، باعتبار أنّ مقاطعتَها شديدة الضرر على لبنان اقتصادياً وإنسانياً، ولأنّ مئات الآلاف من اللبنانيين يعملون في تلك الدول. ثم إنّ هذا وذاك يعنيان المزيد من الإضعاف والدفع أكثر إلى أحضان الحزب المسلَّح ورُعاته.
وبسبب الحرص العربي على المصالح اللبنانية وحياة الشعب اللبناني الذي يعاني معاناةً شديدةً من الانهيار الشامل في كل المرافق، جاء وزير الخارجية الكويتي إلى بيروت برسالة كويتية وعربية ودولية، هي بمثابة إنذار مقترن بوعد.
الإنذار يقول إنّ حكومة لبنان عليها أن تعمل على كفّ الأذى الذي يسببه الحزب المسلَّح. وإذا أراد اللبنانيون أن يستعيدوا دولتَهم ونظامَهم وسيادَتهم، فالعرب ينصحون بالعودة للالتزام باتفاق الطائف (وثيقة الوفاق الوطني والدستور)، وبقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بلبنان واستقراره وبخاصة القراران 1559 و1701، إذ ينص الأول على حلّ الميليشيات المسلحة، والثاني يقول بخلوّ جنوب لبنان من السلاح إلاّ سلاح الجيش أو القوات الدولية.
وتذكّر ورقة الوزير الكويتي بأن اللبنانيين كانوا قد اتخذوا قراراً في القصر الجمهوري عام 2011 بالنأي عن التدخلات في النزاعات بالدول العربية وغيرها. في مقابل ذلك قال الوزير الكويتي إنّ العرب لن يتركوا لبنان، ويريدون أن تقوم الحكومة بإجراء الإصلاحات الضرورية التي تؤهّل لبنان لتلقّي المساعدات الدولية والعربية.
أما الحدث الثاني البارز في الأسبوع اللبناني الحافل بعواصف الطبيعة والسياسة، فكان إعلان سعد الحريري، رئيس «تيار المستقبل» وأبرز سياسيي السنّة في لبنان، عن اعتزامه عدم الترشح للانتخابات، وفي الوقت نفسه اعتزال العمل السياسي. وهو أعطى لذلك ثلاثة أسباب: تزايد النفوذ الإيراني في البلاد، واستعار الأجواء الطائفية، وانهيار مؤسسات الدولة.
سعد الحريري مهم وأساسي في التركيبة السياسية القائمة في لبنان. ونوابه في البرلمان نحو العشرين (من أصل 128 نائباً). بيد أن حجمه البارز يأتي من أنه ممثل السنّة الرئيس وهم ثلث السكان بالبلاد. وما أقنعت أسباب الحريري للاعتزال، لا شبان السنّة الذين ما تزال نسبةٌ معتبرةٌ منهم تؤيد الحريري، ولا العوامّ الذين يشعرون بالضياع وسط الانهيار، ولأنّ أحوال الطوائف اللبنانية الأخرى أفضل بكثير، لوجود القيادات، ولأنّ أوضاعها الاقتصادية والمعيشية أفضل نسبياً.
بالطبع ليس بين زيارة الوزير الكويتي، واعتزال سعد الحريري علاقة مباشرة. إنما العامل المشترك ما ذكره الرجلان عن الإعاقات التي يتسبب بها النفوذ الإيراني. ما الذي سيحدث؟
الوزير الكويتي طالب المسؤولين اللبنانيين بمطالب يعجزون عن القيام بها. لأنّ الانزعاج العربي الرئيس هو من سلاح الحزب ونفوذه وسيطرته على المرافق بالسلاح وبوهجه. والسياسيون اللبنانيون الآخرون خاضعون لنفوذ الحزب أو خائفون منه ولا يستطيعون مواجهته لا بالقانون ولا في الشارع!
وقد قالوا للمسؤول الكويتي إنهم سيتشاورون ويرون ما يمكن فعله. وما يمكن فعله مع الحزب قليل أو معدوم. لذلك فالأرجح أن المقاطعة العربية للبنان ستستمر لأنّ الإيذاء للعرب من حزبٍ لبناني سوف يستمر. من أين يأتي الضوء؟
يمكن أن يأتي من إحدى أربع نوافذ: أن يقتنع صندوق النقد الدولي بضرورة المساعدة ولو لم تحدث الإصلاحات، وأن تنجح الحكومة في إجراء الانتخابات ويتغير المشهد السياسي، وأن يفكر الحريري أو أنصاره ببدائل له تهيئةً لمرحلة انتقالية يحدث خلالها توازن في الحياة السياسية، وأخيراً (وهو أفضل الحلول) إجراء الإصلاحات الجذرية في الاقتصاد (!): هل يمكن أن يحدث شيء من ذلك خلال ثلاثة أشهر؟ في الغالب: لا، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.

الاتحاد

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com