حدود الرابع من إبريل!
حدود الرابع من إبريل!حدود الرابع من إبريل!

حدود الرابع من إبريل!

سليمان جودة

على كثرة ما قرأت عن القضية المشتعلة فى ليبيا، لم أقرأ أغرب من عبارة واحدة صدرت عن حكومة فايز السراج فى العاصمة الليبية طرابلس.. وقد راحت وكالات الأنباء تنقل العبارة وتنشرها خلال الساعات القليلة السابقة على مؤتمر برلين، الذى بدأ صباح أمس حول القضية فى العاصمة الألمانية!.

فالمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى، أعلن أنه سيحضر المؤتمر، وفى المقابل أعلن «السراج» أنه تلقى دعوة وأنه سيكون حاضرًا.. إلى هنا لا جديد ولا شىء يبدو غريبًا.. فالجيش والحكومة طرفان فى المشكلة، وحضورهما طبيعى لعل ليبيا تجد حلًا يحفظ ثرواتها لأبنائها جميعًا، ويبتعد بها عن الذين يسيل لعابهم عليها، وفى المقدمة منهم أردوغان!.

غير أن الأغرب حقًا أن تقول حكومة «السراج»، أثناء استعداد رئيسها للسفر إلى برلين، إنها ستطلب انسحاب الجيش الوطنى إلى حدود الرابع من إبريل!.

أما الرابع من إبريل، فهو التاريخ الذى بدأ فيه الجيش حملته للقضاء على ميليشيات تكاثرت فى البلاد فى مرحلة ما بعد سقوط نظام حكم القذافى، خصوصًا الميليشيات التى تتحصن فى العاصمة، وتحميها حكومة «السراج» وتحتمى بها!.

والشىء الذى يزعجك فى العبارة بالفعل أن حكاية الرابع من إبريل تستدعى إلى الذهن على الفور حكاية أخرى عن حدود الرابع من يونيو 1967، وهى الحدود التى لا تزال تمثل أساسًا لحل قضية فلسطين.. فكل الأراضى الفلسطينية التى استولت عليها إسرائيل فى ذلك التاريخ هى أرض محتلة، والجلاء عنها هو الحل الجذرى بينها وبين الفلسطينيين!.

فهل تتطلع حكومة «السراج» إلى الجيش الوطنى الليبى على هذه الصورة؟!.. وهل أصبح الجيش الليبى، الذى انطلق فى الرابع من إبريل فى اتجاه التأسيس لدولة ليبية آمنة ومستقرة، فى حكم الجيش الإسرائيلى الذى احتل أرض الغير دون وجه حق؟!.

إن عودة الجيش الوطنى الليبى إلى حدود الرابع من إبريل معناها أن يكون جيشًا لجزء من الوطن لا للوطن كله، وأن تصبح ليبيا فى الجزء الأكبر منها مسرحًا لجماعات الإرهاب وميليشياته تمرح فيه وتلعب كما تحب.. وبالذات المنطقة التى تقع فيها العاصمة أقصى الغرب على حدود تونس!.

الجيش الذى يقوده «حفتر» هو جيش ليبيا كلها، ومن حقه أن يسيطر على كامل أراضيها.. وإلا ما كان جيشًا يستحق أن يحمل هذا الاسم!.. والحكومة التى تجادل فى هذا هى حكومة لا تعرف معنى الوطن، ولا معنى أن يكون لهذا الوطن جيش يدافع عنه ويحميه!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com