القاهرة التي تنتظر!
القاهرة التي تنتظر!القاهرة التي تنتظر!

القاهرة التي تنتظر!

سليمان جودة

أراهن على يوم نرى فيه موقفاً عربياً موحداً مع القاهرة، على الصورة التي تابعناها صباح أمس، أثناء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، تضامناً مع اليونان فى موقفها الرافض لمذكرة التفاهم التركية الليبية!.

ورغم أن الدول التى ترى أن المذكرة ستلحق بها الضرر، ثلاث دول على وجه التحديد، هى مصر واليونان وقبرص، إلا أن اليونان قد سارعت باتخاذ إجراء عملي، عندما أبلغت سفير ليبيا لديها بأن أمامه ٧٢ ساعة لا أكثر لمغادرة البلاد!.

ولأن اليونان عضو فى الاتحاد الأوروبى، ولأن قبرص عضو أيضاً، فما جرى لن يمر فى بروكسل، وكان الدليل أن جوزيب بوريل، المنسق الأعلى للسياسات فى الاتحاد، قد صرح مساء السبت بأن المذكرة ستكون بنداً أساسياً فى اجتماع وزراء الخارجية خلال ٤٨ ساعة، وأنهم يدرسون مذكرة التفاهم جيداً، وأن موقفاً موحداً من جانبهم سوف يجرى إعلانه!.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد وقّع مذكرة التفاهم مع فايز السراج، رئيس ما يسمى حكومة الوفاق الوطني فى العاصمة الليبية طرابلس، وقضت المذكرة بالتعاون بين طرفيها على المستوى العسكري، والأمني، والبحري!.. وبسرعة كانت القاهرة قد رفضت الاتفاق بشكل حاسم، وبسرعة كذلك كانت أثارت الموضوع على أكثر من مستوى دولي، وكان مستوى منتدى روما لحوار المتوسط الذي انعقد في ايطاليا قبل أيام، واحداً من بين هذه المستويات!.

وكانت أثينا قد راحت تعلن من جانبها أن مذكرة التفاهم باطلة تماماً، ليس لأنها تتناقض مع مبدأ حُسن علاقات الجوار بين الدول، ولا لأنها تضرب قانون البحار فى مقتل، ولا لأنها تصطدم بمبادئ القانون الدولي.. فالمذكرة تفعل هذا كله وأكثر.. ولكن السبب الأهم الذي يجعلها باطلة، هو أنها تتجاهل حقيقة تقول بعدم وجود حدود بحرية مشتركة بين تركيا وليبيا!.

إن جزيرة كريت اليونانية تفصل بينهما بحرياً، وبالتالي فلا مجال لتعاون بحري تركي ليبي، لأن قيام مثل هذا التعاون يلغى وجود الجزيرة، وهذا ما لن يقبل به اليونانيون أبداً، فضلاً عن أنه أمر مستحيل!.. وحين ينتقل الملف يونانياً وقبرصياً الى مستوى الاتحاد الأوربي، فإنه انتقال لن يكون فى طاقة أنقرة أن تتحمله، لأن الاتحاد يعرف جيداً كيف يحمى أعضاءه، وكيف يدافع عن مصالح كل دولة تتمتع بعضويته!.

السؤال هو: هل من حق القاهرة أن تنتظر موقفاً عربياً مماثلاً أو مشابهاً؟!.. إن عبث تركيا فى المنطقة لا يستهدف مصر وحدها، ولكنه يستهدف كل ما هو عربي، وإذا لم تكن عواصم العرب ترى هذا وتتابعه، فإنها لا ترى الواقع الماثل أمام العيون!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com