عاجل

اشتباكات بين فصائل فلسطينية وقوات إسرائيلية في محيط مدينة جنين بالضفة الغربية

logo
اتجاهات

لمن الفضل إن فاز أردوغان ثانية؟

لمن الفضل إن فاز أردوغان ثانية؟
04 مارس 2023، 9:02 م
كانوا (المعارضة التركية) جيدين للغاية في عرض "ما لا يريدون"، ولكن عند سؤالهم عمّا يريدون، كان يدركهم الصباح ويتوقفون عن الكلام المباح.

المكان: أنقرة، والزمان: ربيع العام 2012، أما الحدث، فكان جولة دراسية رفقة أزيد من خمسة وثلاثين قيادياً من أحزاب عربية، أغلبها ذات مرجعية إسلامية، تحت عنوان: "دروس من التجربة التركية"، حين أتيحت لي الفرصة لأول مرة للقاء زعيم المعارضة التركية في مقر حزبه الرئيس: حزب الشعب الجمهوري في العاصمة التركية.

لم يخطر ببال المشاركين في الرحلة، ومنهم من أصبح بعد أشهر قلائل على رأس السلطة التنفيذية أو التشريعية في بلاده، أن برنامج الزيارة سيشتمل على لقاءات مع أحزاب المعارضة..

كنّا قد أنهينا للتو أسبوعاً حافلاً بالحوارات مع حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عشر سنوات، بمشاركة رفيعة المستوى من قادة الحزب، وكنا قد طفنا بالبرلمان وعدد من لجانه، فضلاً عن زيارات وحوارات في الخارجية والقصر الرئاسي.. اللقاء مع كمال كليتشدار أوغلو وقادة الجمهوريين كان مختلفاً.

يومها رافقنا إلى مقر الحزب مسؤول في الخارجية والمراسم، التزام جانب الصمت، واتخذ لنفسه مقعداً قصياً، وبعد مداولات استمرت لأكثر من ساعتين، غادرنا المقر الرئيس، ولم يطق مرافقنا الدبلوماسي صبراً فسألني ونحن على درج المبنى الخارجي: كيف وجدت المعارضة وزعيمها "التاريخي"؟ أذكر أنني أجبته: اطمئن، أنتم من سيحتفل بمئوية الجمهورية بعد عشر سنوات أو أزيد قليلاً، فبمثل هذه المعارضة سيطول أمد بقائكم في الحكم..

قلت ذلك على الرغم من النبرة المتفائلة التي تحدث بها زعيم "الكماليين"، والثقة التي بدت على محيّاه وهو يتلو على مسامعنا آيات الرفض لكل ما يصدر عن العدالة والتنمية، دون أن نعرف بالضبط ما الذي تريده المعارضة.. كانوا جيدين للغاية في عرض "ما لا يريدون"، ولكن عند سؤالهم عمّا يريدون، كان يدركهم الصباح ويتوقفون عن الكلام المباح.

الأكراد اليوم، كما كانوا في مرات سابقة، هم بيضة القبان، وجذبهم أو إقصاؤهم، ربما يقرر مستقبل الرئاسة والأغلبية البرلمانية، سواء بسواء.

مناسبة هذا الحديث، ما أقدمت عليه خمسة أحزاب من أحزاب المائدة السداسية من ترشيح للسيد كليتشدار (75 عاماً)، خليفة دينز بايكال، منافساً لرجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية (14 أيار/مايو القادم)..

إذ قبل أن يهدأ ضجيج المتحلقين حول المائدة السداسية، كانت السيدة ميرال أكشنر تعلن خروجها عن الإجماع، وتشهر رفضها ترشيح عجوز المعارضة، الذي طالما حلم بهذا المنصب، وكرّس حياته من أجله، وخاض معاركه من دون كلل أو ملل، وبصورة لم تعد تذكرني سوى بالجنرال ميشيل عون، الذي نالها بعد أن بلغ من الكبر عتيّا، ولم يعد يقوى على أداء موجباتها على النحو الأمثل.

الحق يقال، إن السيدة ميرال لم تخفِ طموحاتها الرئاسية الشخصية، بيد أنها أدركت أن فرصها متواضعة، وهي عرضت ترشيح واحد من اثنين من قادة الحزب الجمهوري المجربين، اللذين هزما مرشحي أردوغان شر هزيمة، في إسطنبول (أكرم إمام أوغلو) وأنقرة (منصور ياواش)، وفي الأولى، مرتين متتاليتين.. لكن زعيم الحزب لم يصل بعد لاستخلاص الحاجة لتجديد شباب الحزب وقيادته، وهو مصرٌ على البقاء في بؤرة الأحداث والأضواء والاهتمام. 

وحتى بفرض نجاح المعارضة في لملمة صفوفها، وهو أمر أصعب على مبعدة شهرين من الاستحقاق الانتخابي، فإنه يتوجب عليها بذل جهود مكثفة لإقناع حزب الشعوب الديمقراطي (الأكراد) بتأييد مرشحها الخاص؛ فالأكراد اليوم، كما كانوا في مرات سابقة، هم بيضة القبان، وجذبهم أو إقصاؤهم، ربما يقرر مستقبل الرئاسة والأغلبية البرلمانية، سواء بسواء.

أردوغان ليس في أحسن أحواله، والهزات الأرضية التي ضربت بلاده زلزلت مكانته في أوساط ناخبيه والرأي العام، وهزيمته هذه المرة ممكنة أكثر من أي وقت مضى، لكن انشطار المعارضة، وتفاقم طموحات بعض قادتها الشخصية، وافتقارها لرؤية "ما تريد" وليس "ما لا تريد"، ربما يكون سبباً في إبقاء "السلطان" على رأس تركيا لولاية جديدة، حتى وإن بلغها كبطة عرجاء، حيث تشير بعض الدلائل إلى أن فرص فوز المعارضة بالأغلبية البرلمانية قد تكون أعلى بكثير من فرص فوزها بالرئاسة، والله أعلم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC