هناك مستفيدان فقط في "السهم الواقي": نتنياهو وحماس

هناك مستفيدان فقط في "السهم الواقي": نتنياهو وحماس

بدأت وانتهت عملية عسكرية أخرى، وهذه المرة تحت اسم "السهم الواقي"، بنفس الصور والتصريحات والكليشيهات. ومرة أخرى، لم تقدم مجموعة الوزراء والقادة السابقين أي حل جديد من شأنه أن يوقف سلسلة جولات القتال، وفاز نتنياهو مرة أخرى عندما أوقف النزيف في الاستطلاعات، وجعل لـ بن غفير مدرسة، وعزز مرة أخرى حماس.

أنهت إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، عملية عسكرية أخرى في قطاع غزة، وهذه المرة تحت اسم "السهم الواقي"، لكن ما حدث سيكون مرة أخرى عملية مستقبلية من بين العديد من العمليات، بنفس الصور، قصف على غزة وإطلاق الصواريخ منها إلى إسرائيل، وبث مفتوح لا نهاية له في الاستوديوهات المختلفة التي تستضيف

جميع أنواع السياسيين الذين يأتون ليذكَّروا بما يجب فعله هذه المرة، والإدلاء بتصريحات لا أساس لها لوسائل الإعلام.

كذلك يدور الحديث مرة أخرى عن عملية انتهت بالبيان الدائم للحكومة والمؤسسة الأمنية، اللتين أكدتا أن "أهداف العملية تحققت"، وكررتا كليشيهات "الصمت سيجابَه بالصمت"، حيث يحاول الطرفان رسم صورة الانتصار في مقابلات مع وسائل الإعلام أو على شبكات التواصل الاجتماعي.

لكن من الناحية العملية، لا أحد يتظاهر بالالتزام ويعلن أن إسرائيل لن تقوم بعملية أخرى في المستقبل القريب. من الواضح للجميع أنها مسألة وقت، والسؤال الذي يبقى مفتوحاً هو "متى؟".

وإذا كنا نتحدث عن الأهداف، فلا شك في أنه في كل ما يتعلق بالسياسة، تم تحقيق الأهداف بالفعل، وتوقف النزيف في استطلاعات الرأي الأخيرة لأحزاب الائتلاف، وتمكن نتنياهو من تحسين موقعه في الاستطلاعات التي بثت أمس في وسائل الإعلام المختلفة، ناهيك عن استقرار الائتلاف للفترة المقبلة، بعد الإذلال العلني الذي وجهه نتنياهو للوزير المتمرد إيتمار بن غفير وأعضاء حزبه "عوتسما يهوديت".

بدأت وانتهت عملية عسكرية أخرى، وهذه المرة تحت اسم "السهم الواقي"، بنفس الصور والتصريحات والكليشيهات.

لكن إلى جانب نتنياهو، هناك مستفيد آخر من العملية، وهو حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وإذا عاد نتنياهو إلى السلطة في عام 2009 بشعار لا يُنسى "الإطاحة بحكم حماس"، فهو اليوم يخوض بالفعل عمليات عسكرية في غزة مع الحرص على الحفاظ على حكمها.

وبعد كل شيء، لا يمكن الحديث عن عملية "السهم الواقي" دون الخوض في محاولة الحكومة الصارمة وذات الوجهين ضمنا، لعدم إثارة غضب قيادة حماس، وإبعاد الحركة عن الصورة.

في الواقع، كان من المضحك أن نرى من دعا إلى إسقاط حكم حماس يخرج عن طريقه ويفعل كل شيء ليبعث برسالة غير مباشرة، أن حماس ليست في مرمى النيران، بل الجهاد الإسلامي فقط.

ولكن دون خطأ، فهذه في الواقع استراتيجية طورها نتنياهو منذ عودته إلى منصبه في القدس عام 2009. وحتى لو لم يعترف بذلك علنا ولا سيما لسكان الجنوب، فإن ما بدأ برغبة في إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس على حسابها من أجل إفشال أي محاولة لإجراء مفاوضات جادة في المستقبل، تحول إلى وضع لا يمكن تصوره بأن أصبحت حماس الشريك الاستراتيجي لنتنياهو. نعم، هذه هي الحقيقة.

كل طرف بالطبع، يرى في هذه الشراكة رصيدا استراتيجيا قد يخدمه في الساحة الداخلية.

ومن ناحية أخرى، تمكنت حماس من خلق مكانة لنفسها كحاكم بلا منازع في غزة، في حين أن أعضاء السلطة الفلسطينية بالكاد يستطيعون أن تطأ أقدامهم القطاع.

في المقابل نجح نتنياهو في خلق الانقسام الذي طال انتظاره بين غزة ورام الله. وهذا هو التطلع إلى أن الفلسطينيين ساهموا بكل ما في وسعهم لتحقيق ذلك: وهكذا يمكن القول إن محمود عباس أبو مازن لا يمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، لأن حماس في غزة لم تتجاهله.

لكن المثير للاهتمام في القصة هنا، هو أن الشراكة تطورت في كل شيء بين الطرفين، وقد بلغت ذروتها برسالة من يحيى السنوار إلى بنيامين نتنياهو، بجملة بالعبرية كتبها زعيم حماس بنفسه: "خذ مجازفة محسوبة"، وقالها رئيس مجلس الأمن القومي السابق، مئير بن شبات، لـ "يديعوت أحرونوت" في مقابلة.

وهذه هي المفارقة في الواقع: نتنياهو يعلن صراحة أن حماس بحاجة إلى أن يتم سحقها وانهيارها، لكنه عمليًا يفعل كل ما في وسعه للحفاظ عليها وتعزيزها، حتى لو كان ذلك على حساب عملية عسكرية، وعندما يكون هناك ضحايا من كلا الجانبين، وتكون الدولة مشلولة كل بضعة أشهر أو سنوات.

الشيء الرئيسي هو أنه في نهاية العملية يتم تصويره على أنه "السيد الأمن" أمام كل من يرشح نفسه لقيادة البلد. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجمهور، حتى لو لم يعترف بها أي سياسي: إنها حالة "مربحة لكلا الجانبين".

وأخيراً فإن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بعد؟ حتى نصوص الوزراء ومجموعة المحللين بأكملها الذين يتولون الاستوديوهات، بدأت في أن تكون نوعًا من المواد المعاد تدويرها، والتي لا تحتوي على أي شيء جديد أو أي اقتراح لحل مستقبلي، ولكن لغرض بسيط هو مهاجمة وتدمير أكثر فأكثر، وكأن ما لم ينجح في الماضي سينجح هذه المرة.

ألم يحن الوقت للتفكير خارج الصندوق؟ لا أحد يدعي أن السلام سيبدأ صباح الغد، ومن الواضح أنهم في الجانب الفلسطيني لم يعودوا يبنون على ذلك أيضًا؛ لكن هناك لحظات في حياة القائد يحتاج فيها إلى العودة إلى رشده والتوقف عن التفكير في السياسة والبقاء السياسي فقط، والبدء في التفكير في مستقبل المواطنين أيضًا.

من كان يظن أنه إذا بنى سجنًا لمليوني فلسطيني في غزة سينتهي بهدوء، فقد كان مخطئًا، لأنه سيواجه غزة سواء كانت تحت الأرض من خلال الأنفاق، أو في البحر من خلال محاولات متواصلة لكسر الحصار، أو في السماء بواسطة الصواريخ. يجب إعطاء الأفق والشعور الذي سيجعل الناس يشعرون أن لديهم ما يخسرونه، وطالما لم يحدث هذا، فلن يفاجأ أحد بأننا نعيش من جولة إلى أخرى.

موقع واللا العبري

ترجمة: يحيى مطالقة

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com