كلنا سانتياغو نصار
كلنا سانتياغو نصاركلنا سانتياغو نصار

كلنا سانتياغو نصار

أشعر بتعاطف عميق مع دانيال بروفي، إن كان قد قرأ مقال زوجته الروائية نانسي كرامبتون "كيف تقتلين زوجك؟"، وقابله باستخفاف وسخرية بالغين، باعتباره دعابة عالية المستوى من زوجة مثقفة شهيرة..

وأشعر بشفقة لا توصف حيال الزوج القتيل، إن كان لم يقرأ المقال، ومات قبل أن يفهم سر الهمس والتغامز بين المعارف والأصدقاء وهو يعد لهم الطعام، فقد كان طاهيا ذائع الصيت، لكنه لم ينتبه لوجبة الموت التي تعدها زوجته برصاصتين وقلب ميت.

دليل موت الرجل الذي عمل معلما في معهد للطهي بولاية أوريغون الأمريكية، كان بحوزته منذ العام 2011، عندما أبصر مقال الجريمة التفصيلي النور، وطيلة الأعوام السبعة التالية، لم يدرك بروفي أنه محكوم عليه بالإعدام، وأن المليون ونصف المليون دولار قيمة بوليصة التأمين على حياته، ستكون ثمن الصفقة التي أبرمتها زوجته مع الشيطان.

الجريمة بحد ذاتها لا تحمل فرادة خاصة، وقصص القتل للاستئثار ببوليصة التأمين على الحياة لشريك أو قريب، شائعة في العالم وتكاد تصل حد الابتذال في السينما الأمريكية، وقاعات المحاكم، لكن المقال الذي نشرته الكاتبة كان أشبه بحكاية موت معلن، ولم ينقصها إلا مصارحة الزوج باعتزام القتل وطلب مساعدته عند لحظة التنفيذ.

كتبت نانسي كرامبتون روايات مثيرة ورومانسية مثل "الزوج غير المناسب"، و "العاشق غير المناسب"، لكن جريمة القتل التي أدخلتها السجن مدى الحياة، منح مقالها "كيف تقتلين زوجك؟" الشهرة الأكبر، وذكرت فيه "الشيء الذي أعلمه عن القتل هو أنه كامن في دخيلة كل واحد منا، لا سيما عندما يمارس عليه ما يكفي من الضغوط".

تحدثت نانسي في المقال عن طرق قتل الأزواج، بالرصاص والسكاكين والسم، أو تجنيد قاتل محترف، وقالت "إذا كان من المفترض أن القتل سوف يحررني، فأنا بالتأكيد لا أريد أن أقضي أي وقت في السجن.. وإذا كنت قد تزوجت من أجل المال، أليس من حقك الحصول عليه كله؟.. المشكلة أن الشرطة ليست غبية، لهذا فإن أول الاتهامات سوف تشير إليك، لهذا يجب أن تكوني منظمة وقاسية وذكية جدا.. لقد اختفى الأزواج من قبل في السفن السياحية، فلماذا لا يحصل هذا معك؟"، لكنها تعلم أن "الأماني وحدها لا تكفي لرؤية الأزواج ميتين!".

في مقالها، وجريمتها، تبدو الكاتبة وكأنها تسخر من حبكة غابرييل غارسيا ماركيز في روايته الشهيرة" قصة موت معلن"؛ فإذا كانت المصادفات العجيبة سهّلت مقتل سانتياغو نصار، ومنعت أهل القرية من تحذيره بعد إعلان الأخوين فيكاريو وهما يشحذان السكاكين، أنهما سيقتلانه، فإن واقعية نانسي كانت أشد فتكا من مصادفات ماركيز، فقد حذرت زوجها قبل موته بسبعة أعوام وفتحت له باب الفرار، لكنه لم يصدق مقال القتل المعلن.

بعد كل جثة تهمد برصاصة أو سكين، نكتشف أننا لم نقرأ أو لم نصدق إعلان القتل المسبق، وحتمية الاغتيال.. كل قتل هو حكاية موت معلن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com