عن "المركزي" و"مؤتمر فتح" وضربة "الترويكا" الاستباقية
عن "المركزي" و"مؤتمر فتح" وضربة "الترويكا" الاستباقيةعن "المركزي" و"مؤتمر فتح" وضربة "الترويكا" الاستباقية

عن "المركزي" و"مؤتمر فتح" وضربة "الترويكا" الاستباقية

تقف الساحة السياسية الفلسطينية على عتبات استحقاقين مهمين، الأصل، أنهما سيحدثان "فارقاً" في مجرى السياسة الفلسطينية وفي تركيبة الأطر والهيئات القيادية الناظمة للحركة الوطنية..

الأول: اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير في السادس من شباط/ فبراير، ولاسيما بعد أن جُيّرت له كافة صلاحيات أعلى سلطة لدى الشعب الفلسطيني، المجلس الوطني.. والثاني: انعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح في الحادي والعشرين من آذار/ مارس، ذكرى معركة الكرامة، المنوطة به إعادة "صياغة" الحياة الداخلية والهياكل التنظيمية والوجهة السياسية، لكبرى فصائل منظمة التحرير.

لكن اجتماعاً جرى مؤخراً للجنة المركزية لحركة فتح، رسم مسبقاً، الحدود والسقوف التي يمكن لهذين الاستحقاقين أن يبلغاها، سياسياً وتنظيمياً، وربما يفسر أمرٌ كهذا ضعف اهتمام الرأي العام الفلسطيني بالاستحقاقين معاً، وتدني سقف توقعاته من التحولات التي يمكن أن تطرأ بنتيجتهما..

وبهذا أيضاً، يمكن تفسير إصرار بعض الفصائل - وبعضها من فصائل المنظمة - على مقاطعة اجتماعات "المركزي"، طالما أن المكتوب يُقرأ من عنوانه.

اجتماع الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير للجنة فتح المركزية، اتخذ جملة قرارات مهمة، ودائماً بالإجماع..

أولها: تجديد الثقة بالرئيس عباس زعيماً لفتح ورئيساً للسلطة والدولة والمنظمة.. ثانيها: ترشيح عضو مركزيتها ووزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ لعضوية "تنفيذية" المنظمة، ليحل محل الراحل صائب عريقات على رأس أمانة سرها، وهو الموقع الثاني عُرفاً في المنظمة، وليس قانوناً.. وثالثها: ترشيح روحي فتوح ليحل محل سليم الزعنون على رأس المجلس الوطني الفلسطيني.

قرارات مركزية فتح، حسمت جدلاً، أو قل صراعاً، بين أجنحة فتح ورموزها على ملء شواغر حدثت بالوفاة الطبيعية أو التقدم الفادح في العمر، وإن كانت أبقت الباب مفتوحاً لصراعات على درجة أقل من الحدة: من سيملأ مقعد الدكتورة حنان عشراوي؟ ومن سيملأ مقاعد الجبهة الشعبية في "تنفيذية" المنظمة ونيابة رئاسة المجلس الوطني، بعد رحيل عضوي مكتبها السياسي، عبد الرحيم ملوح وتيسير قبعة؟ ولاسيما أن الجبهة ما انفكت حتى اللحظة، تطلق التأكيدات بأنها عازفة عن المشاركة في اجتماعات "المركزي"، علماً بأن الباب سيبقى موارباً أمام العودة عن القرار، حتى ربع الساعة الأخير.

في الدلالة التنظيمية/ القيادية للقرارات الأخيرة، يمكن قراءة انتصار فريق الرئاسة، أو "ترويكا" الرئاسة، في الاقتراب من مربع الإمساك بكافة مقاليد لعبة صناعة القرار الفلسطيني الداخلي... الرئيس باقٍ حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، ولتضرب استطلاعات الرأي و"الإرادة الشعبية" بعرض الحائط... فريق التساوق مع نظرية "تقليص الصراع" في بعديها الأمني والاقتصادي- المدني، مقيم ما أقامت إدارة بايدن وحكومة بينت- لبيد، على أقل تقدير، والأرجح بعدهما.

كل الرهانات على تجديد بنى المنظمة وتشبيب قياداتها، سقطت دفعة واحدة، وكل المحاولات لٍلَم شمل حركة فتح، ذهبت مع الريح، وسط توقعات بأن المؤتمر الثامن للحركة سينتهي إلى تشديد قبضة الترويكا على بنية الحركة وهياكلها... وكل الدعوات لفصل الحركة عن السلطة، وإرجاعها إلى ما كانت عليه، كحركة تحرر وطني، تبخرت لصالح استحداث التماهي بين فتح والسلطة.

كل التشديدات على الحاجة لاجتراح استراتيجية وطنية فلسطينية جديدة، تضع مقاومة الاحتلال ورفع كلفته في صدارة أولوياتها، لم تصمد طويلاً أمام "صراع الكراسي" داخل الحركة والمنظمة والسلطة..

وبدل الاقتراب خطوة إضافية باتجاه المصالحة الوطنية الشاملة بوحيٍ من "حوارات الجزائر"، يبدو أن فتح والمنظمة باتتا بأمس الحاجة لمن يرأب صدوعهما الداخلية، الآخذة في الاتساع.

المكتوب يُقرأ من عنوانه، وعنوان اجتماع "المركزي" ومؤتمر فتح الثامن القادمين، بات مقروءاً بالأسطر القليلة، والأكثر أهمية، التي صدرت عن اجتماع "مركزية" فتح، ودائماً بالإجماع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com