إبراهيم حاج عبدي
إبراهيم حاج عبدي

إيلون ماسك.. الملياردير الخاسر!

ليس في العنوان أي خطأ مطبعي أو تلاعب لغوي، رغم احتوائه على تناقض واضح، وسيتساءل كثيرون عن كيفية الجمع بين مفردتي "ملياردير وخاسر"؟ لكن هذه هي الحقيقة كما تخبرنا تقارير موثوقة حول أن ماسك هو "أكبر خاسر في التاريخ".

فقد إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا 200 مليار دولار من ثروته خلال الأشهر الأخيرة، ليكون بذلك أول شخص على الإطلاق يخسر ثروة بهذا الحجم، ويفقد معها لقب "أغنى رجل في العالم"، حسب "بلومبيرغ".

ثروة ماسك ليست مجرد عقارات وفلل وسيارات فارهة ويخوت فخمة وحسابات نقدية في البنوك، بل هي ثروة "زئبقية" سائلة، ترتفع وتنخفض بإيقاع متسارع.

بلغت ثروة ماسك في نهاية العام 2021 نحو 340 مليار دولار، وهو أعلى رقم لثروة شخصية في العالم، لكن هذه الثروة انخفضت إلى نحو 140 مليار في فترة ما، والجزء الأكبر من ذلك مرتبط بشركة تسلا، التي هبط سهمها بنسبة 65 في المئة في عام 2022.

وباع ماسك، مؤسس "ستار لينك" لخدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، ما قيمته مليارات الدولارات من أسهم تسلا للمساعدة في تمويل شرائه لتويتر بقيمة 44 مليار دولار، ما ساعد على دفع أسهم تسلا إلى الانخفاض.

يضاف إلى ذلك أن المستثمرين كانوا قلقين أيضا من أن الطلب على السيارات الكهربائية للشركة قد يتباطأ، بسبب تراجع الاقتصاد، وارتفاع حدة شركات مماثلة، فضلا عن تحقيقات حكومية في حوادث تصادم وميزة القيادة الذاتية التي تقدمها تسلا.

ووفقا لبلومبيرغ، فقد حلّ رجل الأعمال الفرنسي برنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لمجموعة السلع الفاخرة "موي هنسي لوي فيتون"، مكان ماسك في صدارة الأغنى في العالم، إذ تبلغ ثروته 188 مليار دولار، بينما تبلغ ثروة ماسك الآن حوالي 178 مليار دولار.

على أن ثروة ماسك، مؤسس شركة "سبيس إكس" لصناعة الفضاء،  ليست مجرد عقارات وفلل وسيارات فارهة ويخوت فخمة وحسابات نقدية في البنوك، بل هي ثروة "زئبقية" سائلة، ترتفع وتنخفض بإيقاع متسارع، بفعل أداء البورصات وحركة الأسهم، ومخاوف المستثمرين من الأزمات والاضطرابات السياسية، فـ"رأسمال المال جبان"، كما يُقال، وهو لا ينتعش إلا في بيئة مستقرة.

الثروة، التي يسيل لها لعاب الجميع، قد لا تجلب السعادة المنشودة للبعض.

فقدان الثروة في حالة ماسك لا تنطبق عليها تلك الأجوبة التي نعرفها من قبيل تعثر مشروع أو كساد بضاعة خف الطلب عليها، أو انخفاض سعر سلع تجارية، أو ارتفاع سعر المواد الأولية لمصنع ما، بل هي خاضعة لمنطق آخر أكثر تعقيدا، تتحكم بها "الشبكة العنكبوتية"، وتحميها أو تقوضها أرقام مبهمة في وول ستريت ونازداك وداو جونز..

هي إذًا ثروة "أونلاين"، غير مرئية، قد تتباين قيمتها بفعل تغريدة من بايدن أو بوتين، أو إعلان من أوبك، أو بيان من صندوق النقد الدولي.. وهي ثروة متغيرة بسرعات قياسية يذكرنا بجواب لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، حين سئل ذات مرة عن مقدار ثروته، فرد: قبل السؤال أم بعده؟

ويُقال إن لماسك تسعة أبناء من نساء مختلفات، غير أن اللافت أن ابنة الملياردير الأمريكي، المتحولة جنسيا من ولد إلى فتاة"، قد لجأت إلى القضاء لتغيير اسمها ونوعها، قائلة إنها لم تعد ترغب في الانتساب لوالدها، لتستغني بذلك عن أكثر من 30 مليار دولار كان في انتظارها كميراث، فضلا عن حياة البذخ الحالية.

هذا أيضا درس على أن الثروة، التي يسيل لها لعاب الجميع، قد لا تجلب السعادة المنشودة للبعض، ويروى عن الكاتب الإنكليزي الساخر جورج برنارد شو أن كاتبا مغمورا انتقده ذات مرة قائلا له: أنت تكتب لأجل المال فقط، فسأله برناردشو: وأنت لأجل أي شيء تكتب. أجاب: من أجل الشرف، رد الكاتب الإنكليزي بهدوء: لا ضير، كل منا يكتب لأجل ما ينقصه!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com