اخطف طيارة....
اخطف طيارة....اخطف طيارة....

اخطف طيارة....

شيماء يوسف

لن تكون حادثة اختطاف الطائرة المصرية هي الحادثة الأخيرة في مسلسل خطف الطائرات لأن من يفكر باختطاف طائرة سواء كان فردا أو جماعة أو منظمة يعرف ويخطط جيدا أن هذا الجسم المعدني العملاق يحمل أشخاصا من جنسيات مختلفة يصبحون فجأة من رعايا الدول التي يهمها سلامتهم كمواطنين أمام شعوبهم والشعوب الأخرى، وبذلك فإن اتخاذهم كرهائن وسيلة ربما تنجح أحيانا في تحقيق مطالب والضغط على الحكومات.

الرهائن الذين يحتجزون في طائرة أو في مكان ما، لهم قصصهم ونوادرهم في زمن قصير وفي مكان مزدحم، وقد عنيت السينما المصرية في تقديم نماذج من سلوكياتهم لدرجة الضحك ولدرجة أن تمنى المشاهد أن يكون ضمن قائمة المحتجزين في السطو على بنك أو مؤسسة حكومية أو اختطاف طائرة أو حتى في مصعد معطل، فما قام به الزعيم عادل امام مثلا في فيلم " الإرهاب والكباب جعلنا نتعاطف مع الخاطف وجعله يستقطب إلى صفه المخطوفين الذين شعروا بالظلم الذي يعيشونه وأوضاعهم السيئة وامانيهم المعلقة والتي بدأ يحقق الخاطف بعضها خاصة حين طلب لهم وجبة قلما تذوقوها وهي " الكباب" ما حدا بالمخطوفين بالتستر عليه وخروجه سالما تحت أعين وسمع الحكومة التي كان رجالها يحاصرون المجمع الحكومي الضخم في القاهرة.

اذن نحن أمام أوقات عصيبة تتكشف بها أشياء كنا نغض النظر عنها أو نتجاهلها ولكن حين نصبح معلقين بين السماء والأرض أو بين الموت والحياة تنزاح الغمامة عن عيوننا ونستجلي الحقيقة مهما كانت موجعة، وقد تربطنا صداقات وقتية مع المختطفين و المحاصرين أو المحتجزين ولكن هذه العلاقات تنتهي بانفراج الأزمة، وتعود الحياة لتجري في طرق متشعبة مع كل واحد ممن كانوا على قيد خطوة من الموت أو المصير المجهول.

حادثة الطائرة المصرية التي اختطفها مواطن عادي وبسيط هو سيف الدين مصطفى أثارت ما اثارته من نكات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بين المغردين المصريين المشهورين بخفة الدم وحضور النكته، وقد كتب احد الركاب عن مواقف حدثت داخل الطائرة ربما تدعونا إلى الضحك ولكن التعمق فيها وتحليلها يشعرنا بتفاهتنا وانحطاط قدرنا بالنسبة لمن نغامر ونتعب ونشقى من أجلهم، وان كان ما رصده أحد الركاب خلال احتجاز الطائرة صحيحا فإن على كل منا أن يعيد بناء علاقته بأسرته وبمن حوله من جديد قبل أن يصبح تعرضه للخطر لا يعني لهم شيئا ولا تهمهم سلامته ولا نجاته بقدر اهتمامهم بأنه قد استطاع تأمين مستقبلهم من بعده مثلما حدث مع زوجة مصرية لم تلتفت كثيرا حين أخبرها زوجها أنه على متن طائرة مختطفة وكل ما كانت حريصة على معرفته هو اسم البنك الذي يحتفظ زوجها بماله فيه دون علمها.

وعلى الجانب الآخر فالمتهم في حادثة اختطاف الطائرة المصرية صرح أنه قد قام بهذا العمل لكي يتمكن من رؤية طليقته القبرصية وأولاده منها والذين لم يرهم منذ 24 سنة، لتخرج مواقع التواصل الاجتماعي بتهكمات على غرار: نيالك يا سارة ، علشانك خطفت طيارة، وان كان هذا الاعتراف صحيحا فهو يعود بنا إلى عصور مضت حين كان يبذل العاشق أقصى جهده ليوصل شوقه لمعشوقته ففي الحقيقة هناك من قطع شحمة أذنه وارسلها لها، وفي السينما أهدى عبد الفتاح القصري هيكلا عظميا لحبيبته الطالبة في كلية الطب " فاتن حمامة" لأنه تحسس ما تحتاج وما ستجده مقبولا ومرغوبا.

وان قررنا بحث قضية الاختطاف من ناحية سياسية فنجد أنها ستترك اثرا سلبيا على السياحة في مصر إذ أشار مغردون إلى أن هذه الحادثة ستقضي على أي أمل لتحريك الحركة السياحية الراكدة إلى مصر بعد تأثرها الشديد بحادث الطائرة الروسية ثم مقتل الإيطالي؛ ما أدى إلى قيام العديد من شركات الطيران بالغاء رحلاتها إلى مصر؛ لأن ركوب طائرة مصرية قد يعرضها للاختطاف بسبب حالة عشق لأحد ركابها، وعلى السائح المغامر خوض مغامرة غير محسوبة النتائج، ولكنه سيحظى بظهور اعلامي لم يكن يحلم به على الأقل سواء كان حيا أو ميتا.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com