الجمهور ( مش ) عايز كده !
الجمهور ( مش ) عايز كده !الجمهور ( مش ) عايز كده !

الجمهور ( مش ) عايز كده !

عائشة سلطان 

تم إيقاف برنامج ( ذا كوين ) للمطربة أحلام بسبب قوة ضغط الجمهور، فانقسم الناس في المجتمع حوله، واختلفوا ولا يزالون مختلفين يتداولون ملابسات إيقافه، بين راض عن الخطوة التصحيحية التي اتخذها مسؤلو تلفزيون دبي عندما أعلن عن إيقاف البرنامج نزولا عند رغبة الجمهور، الذي شن هجوماً قاسياً عليه بمجرد بث حلقته الأولى، وبين من يرى أن المطربة صاحبة البرنامج غير مسؤولة عن العشوائية، التي يتم اتخاذ القرارات بها في التلفزيون، إذ إن كل تفاصيل البرنامج - بإيجابياته وسلبياته - كانت واضحة تماماً منذ البداية، فكيف ولماذا تمت الموافقة عليه وتم تصويره وصرفت   كل تلك الأموال، وبذل كل ذلك الجهد، وبثت الحلقة الأولى منه فعليا اذا لم تكن إدارة التلفزيون راضية عنه ؟ وهذا الرأي في حقيقته يهدف إلى تحميل المحطة المنتجة مسؤلية البرنامج بكل تبعاته الاجتماعية والمادية كذلك!.

وهناك من يرى أن (أحلام )ومسؤولي التلفزيون مسؤولان عن "مهزلة" البرنامج ، الذي اتضح لكل من شاهده أنه يتعارض بل ويصطدم مع الكثير من القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية لمجتمع الإمارات الذي يعرف الجميع أنه مجتمع قبلي عربي في أصله وصميمه، وهو مسلم ومحافظ جداً، رغم كل مظاهر حداثته وانفتاحه واحتوائه للآخر في أقصى تناقضاته؛ لأن هذا الانفتاح وهذا القبول للآخر ليس إلا دليلَ تسامح وتعاون واحترام للجميع، وليس مؤشراً على انسلاخه من دينه وقيمه وهويته ونظرته العالية لقيم العيب والخطأ، كما يحلو للبعض أن يروج أو يعتقد .

صحيح أن العالم كله يعيش مرحلة انفلات الإعلام من قيود الرقابة، وصحيح أننا ننادي برفع سقف الحرية وعدم الحجر على الأفكار،  وجعل الناس أحرارا فيما يؤمنون به من آراء ، لكن ذلك لا يعني اللامسؤلية، ولا يعني عدم المبالاة بهوية وأخلاق المجتمع، أو توجيه ضربات علنية لقيم إنسانية تعارفت عليها المجتمعات كاحترام الإنسان والارتقاء بنظرته للحياة واعتزازه بكرامته، هذه القيم وغيرها تم العبث بها وباستخفاف منذ الحلقة الأولى لتمرير رسالة وحيدة لمصلحة صاحبة البرنامج وليس أي أحد آخر!.

هناك أهداف وليس هدفاً واحداً فقط أراد صانعو هذا البرنامج تحقيقها، أهداف تختلف من طرف لآخر، فإلى جانب تعزيز النرجسية ونزعة الأنا العالية، فإن الوصول إلى أكبر قدر من أموال المعلنين كان أحد الأهداف المعروفة سلفاً، إضافة لمحاولة تحقيق نقطة لصالح الجميع في سباق الصراع على قمة ما يسمى ببرامج الواقع والتي تتصارع عليها كل تلفزيونات المنطقة !.

النقطة المضيئة هنا تتعلق بالجمهور الذين قالوا: إنهم أنتجوا هذا البرنامج لأجل تسليته ، لقد أصبح هذا الجمهور هو السبب وراء إيقاف البرنامج، وهنا فنحن نتحدث عن جمهور الإمارات الواعي تماماً للرسائل المبطنة، إن إشكالية القائمين على البرنامج أنهم لم يضعوا حساباً لردة فعل الجمهور حين يتم التجاوز على قيمه وخطوطه الحمراء، التي لا يتسامح حيالها أبداً، فهل سينتبه هؤلاء في المرة القادمة إن الجمهور ( مش ) عايز كده!!.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com