سوريالية الإرهاب والتحالفات
سوريالية الإرهاب والتحالفاتسوريالية الإرهاب والتحالفات

سوريالية الإرهاب والتحالفات

يوسف ضمرة

تحالف دولي تقوده أمريكا، وتحالف مغاير تقوده روسيا، وتحالف إسلامي جديد تقوده الرياض، ولا نعرف بعد أي تحالفات جديدة ستنشأ، وكلها لمحاربة الإرهاب"داعش تحديدا" في سوريا والعراق.

لا اعتراض نظريا على أي تحالف يحارب الإرهاب ويتصدى له. ولكن جوهر بعض التحالفات غريب ومثير للدهشة، وأحيانا للسخرية. فالتحالف الإسلامي الجديد يضم في عضويته فلسطين ولبنان! وهو تحالف يشير إلى إمكانية إرسال قوات من دول التحالف إلى سوريا والعراق. حسنا ولا بأس!

سوف أفترض أن لبنان أرسل كتيبة إلى سوريا لمحاربة الإرهاب، وعندها سوف يصطدم بالقوات السورية وحلفائها، أي قوات حزب الله! بمعنى أن الجيش اللبناني سوف يرسل قوات إلى سوريا لمحاربة حزب الله، وفي الوقت نفسه، يشترك حزب الله والجيش اللبناني في قتال داعش والنصرة في جرود عرسال والقلمون اللبنانية! أحجية، أليس كذلك؟

هنا أقترح في حال أرسل الجيش اللبناني قوة إلى سورية، أن يوفر جهده، ويرسل قواته إلى الضاحية أو بعلبك والهرمل أو النبطية، ويكون بذلك قام بدوره في منطقة أخرى خارج سورية.

أما فلسطين، فلا أعرف على وجه الدقة كيف ستتمكن من إرسال قوات إلى سورية والعراق لمحاربة داعش، وتترك خلفها شباب فلسطين وشاباتها يقتلون على حواجز العدو يوميا! أعني أنه إن كانت لدى السلطة الفلسطينية قوة عسكرية، قادرة على المشاركة في القتال في سورية والعراق، فالأولى أن تقاتل هذه القوات العدو الصهيوني الذي يحاصر غزة منذ 8 سنوات، ويقطّع أوصال الضفة الغربية، ويقتل الشباب والفتيان على الحواجز.

هذه هي السوريالية التي قصدتها في الحديث عن التحالفات التي تتناسل في مواجهة الإرهاب. وقد زاد الطين بلة، نية تركيا إقامة قاعدة عسكرية في قطر. والحقيقة هي أنني لا أعرف إن كانت قطر جغرافيا تتسع لقاعدة أخرى بعد السيلية والعيديد! أما لماذا تقيم تركيا قاعدة في قطر، فالله وحده يعلم السبب، وإن كان الأمر لا يخرج عن دس أنف أنقرة في الأزمة السورية تحديدا، والمبالغة في ذلك أحيانا، خصوصا كلما اقترب شبح التسوية السياسية في سورية؛ أي كلما تسرب إلينا شيء من التوافق الأمريكي الروسي حول حل الأزمة سياسيا.

زمان، وقبل سنتين وأكثر، كنا نقول إنه لا حلول عسكرية للأزمة السورية، لأنه ما من طرف سيكون قادرا على الحسم العسكري. أما اليوم فغننا نقول إنه ما من تسوية سياسية للأزمة السورية، من دون تغييرات عسكرية ميدانية ملموسة ومؤثرة. أي إن الميدان أصبح الفيصل وبيضة القبان في أي تسوية سياسية في سورية. ولهذا هبت عاصفة السوخوي، وتوترت الأجواء التركية الروسية، وارسلت أمريكا قواتها إلى شمال سورية، وربما ترسل ألمانيا وإنجلترا قوات أيضا، هذا إضافة إلى ما قد يرسله التحالف الجديد بغطاء أمريكي كما يقول الإعلام.

أنا أود اختصار الكثير، لأقول إن الهدف من الأزمة السورية قد تحقق، وأعني الهدف الأول، المتمثل في تدمير سورية، وتخريبها، وخلق شروخ بين مكوناتها الإنسانية، تحتاج إلى أجيال للانسداد والردم. صحيح أن الجيش السوري لم يفقد قدرته كلها بعد، لكن ما من عاقل يظن أو يعتقد أن خمس سنوات من الحرب لتي يخوضها هذا الجيش، لا تضعفه أو لا تؤثر في قدراته أو لا ترهقه. 

إن دخول قوات أمريكية، متبوعة بقوات من التحالف الإسلامي إلى شرق سورية، إضافة إلى دخول القوات التركية على خط الأزمة من باب حماية التركمان، أو منع الأكراد من تهديد الأمن التركي، هذا كله مؤشر ـ فيما لو حدث ـ على بدء تقسيم سورية. وربما يكون التركيز الروسي على منطقة اللاذقية وريفها وريف حلب، وإدلب وجسر الشغور لاحقا، مؤشرا إلى ذلك.

نحن لا نقول إن روسيا جاءت لتشارك في تقسيم سورية، ولكنها قد تجد\ نفسها في لحظة طارئة، مضطرة للقبول بهذا التقسيم..

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com