كيف أُسقطت الطائرة الروسية؟
كيف أُسقطت الطائرة الروسية؟كيف أُسقطت الطائرة الروسية؟

كيف أُسقطت الطائرة الروسية؟

يوسف ضمرة

غريب هذا التزامن الأمريكي البريطاني حول أسباب سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء. والأغرب هو استجابة دول أوروبا لمقاطعة شرم الشيخ وسيناء ـ أي السياحة ـ .

موسكو لا تنتظر تحليلات الأمريكان والبريطانيين، فلديها ما يكفي من العلم والمعرفة والتقنية التكنولوجية، لمعرفة أسباب الحادث. وإذا كانت ثمة قنبلة زرعت في إحدى حقائب المسافرين، فإن المهمة الآن تتمثل في معرفة المسافر وموظفي المطار الذين كشفوا على الحقائب وفتشوها.

من الملاحظ أن موسكو ليست مستعجلة، على الرغم من استفزازها اليومي، واستفزاز مواطنيها على مدار الساعة من قبل الإعلام الغربي. ولا نعرف تحديدا ما الذي يكمن وراء هذا الاستفزاز، وما هو الفخ الذي نصبته أمريكا وأوروبا لروسيا. ربما توقع البعض أن يقوم الطيران الروسي بمضاعفة القصف في سوريا، والوصول إلى مناطق قد تشكل خطرا عليها. ربما يريد الإعلام الغربي إذكاء نار الضغينة الروسية ضد رئيسهم وقيادتهم، باعتبار سقوط الطائرة ووفاة أكثر من 250 مواطنا، ما هو إلا نتيجة التدخل الروسي في سوريا.

لكن الأحمق وحده من يظن أن خسارة كهذه، ستغير موقف روسيا من التدخل في سوريا. فقد أعلنت موسكو أنها ستنشر جنودا ومعدات قتالية في جمهوريات آسيا الوسطى، تحسبا لعودة بعض مقاتلي القوقاز إلى هذه الدول، وإلى روسيا كذلك. أي إن التدخل الروسي كان عملا استراتيجيا لا تكتيكيا. فهو من جهة لا يريد السماح للإرهاب برفع رأسه بعد القضاء عليه في الشيشان. ومن جهة أخرى لا يريد أن يخسر المياه الدافئة في المتوسط. أضف إلى ذلك ما تعنيه قاعدة عسكرية كبيرة في سوريا، وميناء طرطوس، واتفاقيات الغاز والنفط في شرق المتوسط على الساحل السوري.

إن فرضية زرع قنبلة في إحدى الحقائب، تبدو ضعيفة جدا، حيث لا تمر الحقيبة بحاجز أو اثنين لكي نسلم بإمكانية رشوة أحد المفتشين. ففي هذه الحال سييتم كشف القنبلة في الحاجز الثاني أو الثالث، ويعرف المتورط أن التحقيق سوف يطاله. لكن الأكثر قربا للحقيقة، هو أن الطائرة تعرضت لعدوان مجهول، والأقرب للدقة أن يكون خارجيا. فمنذ اليوم الأول روّجت وسائل الإعلام الغربية فرضية مفادها أن من الصعب على الإرهابيين إسقاط الطائرة على ذاك العلو. أي إن هذا الإعلام الموجه، قام على الفور بتبرئة الجماعات الإرهابية. وهو أمر مثير للاستغراب، لأننا لا نعرف ما لدى هذه الجماعات المسلحة من أسلحة قديمة وحديثة جدا، لكي نصدق هذه الفرضية. أما الأمر الآخر، فهو ما يتعلق بعدوان خارجي؛ وهو ليس بالضرورة صاروخا من الأرض أو من الجو. إذ يكفي أن تقوم منظومة إلكترونية بتعطيل أجهزة الطائرة المدنية ـ ربما ـ لتصبح كتلة عمياء يفقد طاقمها السيطرة عليها. وهذا لا يعني أن فرضية صاروخ أرض جو، أو جو/ جو، لا تظل قائمة أيضا.

ولكن، نعود إلى السؤال السابق: لماذا؟ وما هي ردة الفعل المتوقعة من روسيا؟ أو ماذا يريدون من روسيا أن تفعل في غمرة المفاجأة والذهول؟

روسيا بعد الحادثة كسرت الحصار على اليمن وأرسلت طائرة مساعدات مدنية إلى صنعاء، ولم يعترضها أحد. وروسيا ماضية حتى اللحظة في مشروعها العسكري في سوريا، كأمر منفصل عن إسقاط الطائرة المدنية. هل تريد أوروبا من روسيا أن تتشدد أكثر لتوريط أمريكا أكثر؟ هل هو لغم في طريق مفاوضات حل الأزمة السورية في فينا؟

في الأحوال كلها، فإن روسيا حتى اللحظة لم تتورط بالمعنى المطلق. فهي لم ترسل جنودها إلى الميدان، ولم تقاتل كما فعلت أمريكا في العراق وأفغانستان. وعمل كهذا يحتاج إلى أسباب موجبة، كأن تصبح سورية على حافة الهاوية مثلا، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، بالرغم من كل هذا القتل والموت والخراب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com