موتي ياريهام ..وثورة السوشيال ميديا
موتي ياريهام ..وثورة السوشيال ميدياموتي ياريهام ..وثورة السوشيال ميديا

موتي ياريهام ..وثورة السوشيال ميديا

محمد الغيطي

موتي يا ريهام، هاشتاج، انتشر كالنار في الهشيم خلال ساعات حتى وصل لعشرات الملايين وكانت النتيجة إسقاط المذيعة ريهام سعيد بضربة النهاية من جيش اسمه السوشيال ميديا. ماحدث، له دلالات عديدة يمكن رصدها كالتالي:

أولا، في غياب تطبيق القانون وبنود الممارسة الإعلامية ومواثيقها، أصبح لجمهور المشاهدين قوة في العالم الفضائي الإلكتروني أو الشبكة العنكبوتية تتجاوز سطوة ملاك الإعلام الخاص، لأنه في الوقت التي تصورت فيه المذيعة أنها فوق النقد وأنها رابضة على نفوس المشاهدين بقوة راس المال ومزاج صاحب المحل (القناة) أوصل جمهور السوشيال ميديا رسالتهم القاسية لمالك قناة (النهار) المصرية، بأنهم من الآن سيقاطعون القناة ويحاربونها، لأن المذيعة لم تدهس فقط أخلاق الإعلام بسرقة ونشر صور خاصة لفتاة تم التحرش بها وضربها في الشارع، كما هو مسجل بالصوت والصورة، بل تعاطفت مع الجاني ضد الضحية.

ومنذ سنوات وهي تتعمد التشهير بالأفراد بلغة مبتذلة ومنحطة كما اعتادت على نشر الفضائح والترويج للخرافات، مثل موضوعات الجن، والعفاريت، والدعارة، والشذوذ بين الجنسين والإلحاد. وكذلك تحقير الأشقاء السوريين، وتشويههم عبر حلقة صورتها في لبنان للسوريين اللاجئين، كانت غاية في الاستفزاز والانحطاط الأخلاقي وأعقبتها حلقة أخرى في المغرب تسببت في فتنة بين الشعبين المصري والمغربي.

ثانيا، قوة وسطوة جمهور السوشيال ميديا أجبرت المعلنين على سحب إعلاناتهم من البرنامج خلال ساعات قليلة، وبعد أن كان أصحاب القناة يفخرون أن برنامج المذيعة هو الأول في الإعلانات، وينشرون ذلك في افيشات الشوارع وبروموهات الشاشة وإعلانات الصحف اليومية فجأة وجدوا المعلنين يسحبون منتجاتهم تباعا.

وقد جاء ذلك عبر إبداع عفوي من بعض نشطاء المجتمع المدني، حيث ظهر هاشتاج (آلو إيفا) يقول: " آلو إيفا اسحبو منتجكم من برنامج صبايا الخير وإلا سنضطر لمقاطعة كل منتجاتكم فورا ". ووصلت ذات الرسالة لبقية المعلنين والوكالات المسوقة فيما يشبه كرة الثلج مما جعل القناة في موقف لا تحسد عليه، واضطرت لإصدار قرار بتعليق البرنامج وإصدار بيان بفتح التحقيق مع المذيعة.

ثالثا، الموقف الأغرب كان من جموع الإعلاميين في مصر والذين شنوا هجوما على البرنامج والمذيعة مع عدد من كتاب الرأي وأساتذة الإعلام الذين اعتبروا ما حدث تغير نوعي ومفصلي في اتجاهات الرأي العام، لكن الملحوظة المهمة هنا، هي أن المذيعة لم تجد صوتا واحدا يدافع عنها، مما يعني أنها حصدت كراهية جميع زملائها في الوسط الاعلامي عبر تراكم طويل.

رابعا، ماحدث يمثل رسالة لبقية العاملين في الإعلام المصري والعربي على نفس المدرسة التي قوامها الاعتماد على الفضائحية والإثارة الصفراء وإهدار كل القيم المهنية التي يتعلمها طلاب الإعلام، وهو أيضا يفتح ملف حقوق المستهلك للمادة الاعلامية، أي المتلقي، وأنه لم يعد مهملا وضحية لهواة الشهرة أو آلة الإعلان الشيطانية، بل أصبح المشاهد هو الرقم الأصعب في المعادلة الإعلامية الإعلانية.

خامسا وأخيرا، الإعلام المصري والعربي بعد ما عرف بالربيع العربي، تجاهل كثيرا وطويلا ما يسمى الايثكس ethics وهي أخلاقيات الممارسة الإعلامية، وعانى وما يزال من أمراض الاستقطاب والإقصاء، وفرض الرأي الواحد، وأجندات السياسة ومصالح رجال الأعمال، الذين هم ملاك الإعلام الخاص المؤثر، ولكل هذا أصبحنا نرى على الشاشات بهلوانات وحناجر ووجوه جعلت الإعلام أشبه بمرحاض عمومي. وإذا لم ينتبه صناع الإعلام العربي ولا يتركون الدفة لوكالات الإعلان أو أغراض أصحاب المصالح سيخرج لهم جيش السوشيال ميديا ويعطيهم الكارت الأحمر.

فهل يعتبرون؟ أم أنهم سيمرون على ما حدث لريهام مرور الكرام، في سبيل بقرة الإعلانات المقدسة ؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com