روسيا مستعدة لخوض حرب أكبر
روسيا مستعدة لخوض حرب أكبرروسيا مستعدة لخوض حرب أكبر

روسيا مستعدة لخوض حرب أكبر

يوسف ضمرة

ارتفعت نبرة أمريكا في ما يخص سوريا والتدخل الروسي. الذين اعتقدوا للوهلة الأولى أن هذا التدخل، مع ما رافقه من هجومات سورية برية، واستعادة بعض القرى والتلال، ظنوا ـ وأنا منهم ـ أن إعادة هيكلة الجيش السوري، وإمداده بأسلحة متطورة، مع الغطاء الجوي الروسي، هذا كله سوف يختصر الأزمة السورية عسكريا إلى أبعد حد.

وهو في العلم العسكري أمر صحيح بالطبع، فيما لو نأت أمريكا بنفسها عن هذه الأزمة. ولكن الأمور لا تسير دائما وفق ما يرغب أحد طرفي الصراع.

فقد ازداد الضغط العسكري والاقتصادي على اليمن، عقابا لإيران. وتم تزويد الجماعات المسلحة في سوريا بأسلحة حديثة، ثبت ميدانيا أنه كان لها أثر ملموس في وقف تقدم القوات السورية على أكثر من محور وجبهة. وبينما كان السوريون ينتظرون فك الحصار عن مطار كويرس العسكري شرق حلب، فوجئ الجميع بهجوم مضاد على المطار، واختفاء أخبار المطار تدريجيا عن شاشات الأخبار. وهو ما حدث في ريف اللاذقية وحمص وحماة.

التقدم الملموس الذي أحرزه الجيش السوري كان في المنطقة الجنوبية، وفي مدينة درعا على وجه الخصوص. ولكن فتح معبر نصيب بين سوريا والأردن، يحتاج إلى تأمين الطريق الدولي بين درعا ودمشق، وهو ما سعى إلى تحقيقه الجيش السوري عبر هجومه على بلدة الشيخ مسكين التي لم يطهرها تماما.

تركيا من جانبها أعادت الحديث بصوت عال، وخصوصا عن أسلحة أوكرانية تدخل إلى سوريا للمسلحين عبر أراضيها. وبمعنى آخر، فإن ما يفكر فيه طرف، يكون لدى الطرف الآخر تفكير مضاد له، يعمل وفق سياقه وتطوراته.

في هذه الأثناء، عاد الحديث بقوة إلى موضوع التقسيم، الذي طمسته أصوات الطائرات الروسية، وهدير محركات أساطيلها في المتوسط.

المحللون، يربطون بين ما يجري ميدانيا وبين الحراك السياسي. فقد لاحظ المتابعون أن القوات الروسية ليست معنية إلا قليلا جدا بالمناطق السورية الشرقية والجنوبية، وهي تركز قوتها على حماية الساحل السوري ـ الدولة العلوية المقترحة في التقسيم ـ ، وتحاول تأمين حلب وما يربطها باللاذقية، إضافة إلى الطريق الدولي بين حلب ودمشق. ويبدو أن الشمال الشرقي تُرك للمعالجة التركية، المعنية بعدم تمدد كيان كردي على حدودها، وهو ما يلتقي مع السياسة السورية التي لا تحبذ خلق هذا الكيان وتقويته، وتكتفي بالتنازل في هذا السياق إلى مرتبة الإدارة الذاتية ليس أكثر.

الضغط على اليمن جاء بعد فشل اللقاءات الروسية السعودية، بعد تنصل السعودية من خارطة الطريق التي طرحها بوتين على ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فقد سعى ابن سلمان إلى ممارسة أكبر ضغط ممكن في اليمن، طالما أن القيادة الروسية لم تستمع إليه في اللقاء الثاني، وبعد وصول الطائرات الروسية إلى سوريا. ومن هنا نستطيع أن نتفهم قصة القوات السودانية البرية، وبعض الجماعات المرتزقة من كولومبيا وغيرها.

باختصار، لا يبدو الأمر واضحا تماما كما كان صباح التدخل الروسي المباشر. فقد اختلطت الأوراق مرة أخرى، وصار لزاما على أحد ما، أن يقدم شيئا من التنازلات، أو يذهب في التصعيد إلى نقطة يخشى الجميع صعوبة العودة منها. والأوضح في هذا السياق أن روسيا لن تغامر بسمعتها وبقوتها وبما رافق ذلك كله من ضجيج إعلامي، لكي تقول في نهاية المطاف تعالوا إلى التقسيم، أو فليذهب الأسد. إن الوصول إلى هذه المرحلة يعد انتحارا روسيا، ودونه حرب لا تمانع روسيا في خوضها، طالما كانت تمتلك حلفاء مثل الصين شرقا وإيران في المنطقة. وعليه، فإن أي حل سياسي في سوريا، لا بد أن يحفظ هيبة روسيا العسكرية والسياسية، إضافة لتحسبها لليوم التالي للحل، ألا وهو معضلة المقاتلين من القوقاز ودول آسيا الوسطى، إضافة إلى نفوذها الذي انتزعته في المتوسط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com