"إيلان" المصري الذي لم يبك عليه العالم !
"إيلان" المصري الذي لم يبك عليه العالم !"إيلان" المصري الذي لم يبك عليه العالم !

"إيلان" المصري الذي لم يبك عليه العالم !

محمد بركة

بينما كنت أتسكع بعطلة نهاية الاسبوع في شوارع حي شومان بالعاصمة البلجيكية بروكسل، لفت نظري سرعة تفاعل المجتمع المدني الغربي مع حادثة غرق الطفل السوري "إيلان". لم يكن عندي شيئ محدد أفعله في ذلك اليوم و قد رماني القدر بالملل و الفضول فوقفت أحدق بملصق اعلاني مكتوب بالانجيليزية يحمل عنوان "يمكنك أن تساعد" و يحدد قائمة باحتياجات اللاجئين من الملابس و البطاطين ..الخ و يحدد طرق تسليم التبرعات و قد تصدرت خلفية الملصق الذي تكرر توزيعه على أبواب المقاهي و البارات صورة الطفل إيلان .

يا الله !

كم من "إيلان" آخر لا يعلم بهم أحد و لا يهتز لهم ضمير العالم !

كان طفلا لا يتجاوز الثالثة من عمره. بريئا مثل ضوء القمر، مبهجا مثل زهرة أقحوان.

يلهو مع أخيه الذي يكبره بعامين فتتطلع إليه النجوم بفضول و يضحك فتتوارى الشمس خجلا.

وذات ظهيرة ملتهبة الحرارة حلت ذكرى المولد النبوي الشريف. كان ذلك في أواخر السبعينيات. لعبت البنات بحلوى المولد التى جاءتهم في شكل عروس، أما الأولاد فكان نصيبهم من الحلوى - كما جرت العادة - فارسا يمتطى صهوة جواده. و لأنهم كانوا في قرية بعيدة نسيها قائد الحرب و السلام و لا يعرف عنها شيئا الزعيم الخالد بكل قلب، فقد ادخروا لهذه المناسبة العزيزة ذكر البط الذي خضع مؤخرا لبرنامج تغذية مكثف حتى يسمن سريعا.

و حين تحلقوا حول المائدة التي لم تكن سوى "طبلية" من الخشب القديم، لا حظوا غياب طارق.

كان فارسه المصنوع من الحلوى يقف وحيدا و إن كان ما يزال مصمما على خوض المعركة بينما الجواد يقفز في الهواء.

و مضت ساعة الا قليلا قبل أن يكتشفوا جثة أخي وهي تطفو على سطح مياه الترعة وسط الأغصان حيث جرفها التيار بعيدا نحو الشاطيء الآخر و قد بدت الآن منتفخة قليلا .

رحم الله إيلان ..

رحم الله طارق ..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com