اربطوا الأحزمة، سنحط في الطائف!
اربطوا الأحزمة، سنحط في الطائف!اربطوا الأحزمة، سنحط في الطائف!

اربطوا الأحزمة، سنحط في الطائف!

يوسف ضمرة

إذا صحت الأنباء عن فتح قنوات اتصال بين دمشق والرياض من جهة، ودمشق وأنقرة من جهة أخرى، يصح القول إن"الطائف" السوري بات على الأبواب.

استمر اللبنانيون في القتال خمسة عشر عاما، وفي مؤتمر الطائف توقفت الحرب. ومضت على الاقتتال في سوريا أربع سنوات، لم يسقط النظام، ولم تتمكن الجماعات المسلحة المعارضة من تحصين قرية سورية تصلح لعقد اجتماعات حكومة سورية معارضة، أو حتى مقرا للائتلاف السوري.

أول ما ينبغي للقارئ السياسي أن يلحظه هو الاتفاق الأمريكي الإيراني بخصوص مشروع إيران النووي. فقد قال جون كيري كلاما كثيرا، ولكنه على درجة كبيرة من الأهمية. قال مثلا إن إيران كانت قادرة على صناعة قنبلة نووية قبل سنتين. قال إن إيران دولة تعرف معنى التفاوض والحوار وليست كالدول العربية. المهم هو أن إيران أصبحت دولة نووية. هذا يستوجب التعامل معها من هذه الزاوية، والغرب هو أكثر من يدرك ذلك.

هل ساعدت إيران سوريا؟ سؤال يبدو ساذجا في مظهره، ولكن وقوف دولة نووية مع سوريا، وفشل التكفيريين والإرهابيين في تحقيق إنجازات في سوريا عدا الذبح وجز الرقاب، يجعل من المراجعة الغربية أمرا إلزاميا.

تركيا نامت على حرير الأمل بسقوط النظام، لكنها فوجئت في الانتخابات الأخيرة، وأصبحت لديها هواجس لم تكن في الحسبان؛ تفجيرات في الداخل التركي. دولة كردية في الشمال السوري. أجل، لن تسمح تركيا بعد اليوم لداعش بالتمدد.

الأطراف كلها أدركت أن الإرهابيين من داعش والقاعدة، هم من يصول ويجول في المناطق السورية التي فقدتها الدولة السورية. هؤلاء ليس لديهم سوى مشروع واحد؛ مشروع العودة بالبلاد والعباد على الخلف، وإقامة الدولة الإسلامية. ولا يوجد عاقل على وجه الأرض مقتنع بأن في وسع أحد إعادة الدنيا إلى الوراء. لا أمريكا ولا حلفاؤها ولا الماركسيون الداعمون لداعش والنصرة!!

مشكلة تركيا والسعودية والأردن، هي أن هذه الدول انقادت للإرادة الأمريكية، مع الأخذ بعين الاعتبار أطماع تركيا الخاصة في سوريا. والانقياد الأعمى لدولة مثل أمريكا، قد يتسبب في الوقوع في الهاوية. فأمريكا لن تصبح عاجزة عن النوم فيما لو عبرت داعش إلى السعودية أو الأردن. بل وأكثر من ذلك، فإن أمريكا ليست معنية بشعوبنا ومصائرها وحرياتها كما حاول بعض العرب و"المفكرين" منهم تسويق الأمر. لقد تشكلت لدى المواطن العربي البسيط خبرات واضحة، مفادها أن أمريكا لا تفكر إلا في أمريكا، إلى الحد الذي جعل من أوروبا تشعر أحيانا كثيرة بالغبن والضعف، وغالبا بالتبعية.

نعم كان في استطاعة أمريكا أن تدفع الأمور أكثر نحو المواجهة مع الدولة السورية، ولكنها قطعا لا تريد ليبيا أخرى في هذه المنطقة. ففي منطقة المغرب، وفي بلد مثل ليبيا، تتمكن فرنسا وبعض دول أوروبا من السيطرة أخيرا على المشهد كله. ناهيك عن أن لاقتتال الليبي لا يحرك في الغرب كله شعرة واحدة. فليمت مئات الآلاف من الليبيين، طالما ظلت حقول النفط الليبية قائمة وتضخ نفطها إلى أوروبا. ألم يقتل في رواندا أكثر من مليوني آدمي على مرأى ومسمع العالم الغربي المتحضر كله، من دون أن يحرك هذا العالم ساكنا؟

حسنا، ولا بأس؛ انتهى الرهان ـ كما تشير الوقائع ـ على إسقاط الدولة السورية. تعبت السعودية وتعبت تركيا وتعب الأردن إلى حد خطير اقتصاديا. فماذا بعد؟ طائف سوري يضع حدا لكل ما يحدث.

بالطبع، لن يحدث هذا بين يوم وليلة. ولكن الأخطر، هو في وجود عشرات آلاف المسلحين من غير السوريين. فالمسلحون السوريون يمكن استيعابهم بطريقة أو بأخرى، أما المسلحون الأجانب، فلا أحد يعرف وجهتهم في اليوم التالي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com