كنائس أمريكا.. طريق الحرب العنصرية
كنائس أمريكا.. طريق الحرب العنصريةكنائس أمريكا.. طريق الحرب العنصرية

كنائس أمريكا.. طريق الحرب العنصرية

إميل أمين

عرف العالم كله منذ القدم بيوت العبادة على انها الاماكن التي توحد البشر وتؤلف قلوبهم على المحبة والسلام وخدمة الانسان بغض النظر عن جنسه او عرقه او حتى دينه ، غير ان ما جرى في الولايات المتحدة الامريكية الايام القليلة الماضية ربما قد ترك انطباعا مثيرا ومقلقا الى ابعد حد ومد .

عن الذي جرى في كنيسة مدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا نحن نتحدث بالتاكيد ، فقيام شاب ابيض بفتح نيران سلاحه الالي على المجتمعين للصلاة هناك خطب جلل في معناه ومبناه ، مع الاخذ في عين الاعتبار ان يوم وقوع الحادث لم يكن احد بل اربعاء ما يعني مبدئيا ان تلك الكنيسة لم تكن ممتلئة عن بكرة ابيها والا لسقط من الضحايا اضعاف مضاعفة للتسعة القتلى .

لم يطل الوقت بالشرطة الامريكية التي تمكنت من القبض على المشتبه الرئيس في ارتكابه الجريمة ، وهو امر يحسب لها ، غير ان هناك الكثير الذي يحسب على المجتمع الامريكي ويختصم منه ويهدده في مستقبله ينضوي بين ثنايا هذه الحادثة .. ماذا عن ذلك ؟

يلفت النظر بداية كيفية وصول السلاح الالي الى شاب في عمر العشرين " دايلان روف " ، مرتكب الحادثه ، فقد تلقى سلاحه هذا كهدية من والده في عيد ميلاده العشرين .. انتبه هذا يحدث في امريكا التي تدين العنف حول العالم ولا تنظر الى نفسها ، حيث العنف راسخ في عمق اعماقها ، فقد استخدمته من قبل لابادة مائة واربعين مليون هندي احمر هم اهل البلاد الاصليين ، ولهذا ليس غريبا ان تبقى ثقافة العنف متجذرة في نفوس بنيها ، وان كان ذلك اداة للخراب القادم اليها سريعا .

ما الذي يدفع هذا الشاب الى فعلته الوحشية هذه ؟

بحسب الاعترافات الاولية للمشتبه فيه ، يبدو ان الامر لم يكن وليد يوم وليلة بل نتاج ترتيب سابق  اخذ اكثر من ستة اشهر ، الامر الذي يفيد باننا  في مواجهة جريمة منظمة ، ويزيد الامر سوءا اعترافه بان هدفه الذي خطط له كان اشعال حرب عنصرية .

يا للهول حرب عنصرية في امريكا ؟ نعم حرب عنصرية ، وهذا  ما تجلى واضحا من التصريحات التي ادلى بها احد الناجين من مذبحة كنيسة تشارلستون والذي ترجاه ان يوقف سيل الرصاص داخل الكنيسة   ، فما كان من القاتل الا ان  صرخ باعلى صوته في مواجهة جموع السود الامريكيين بالقول ...:" لقد اغتصبتم نسائنا ، وسيطرتم على بلدنا ، ويجب ان افعل ما ينبغي علي فعله "... اي قتل اكبر عدد ممكن من السود.

ماذا يعني المشهد المتقدم ؟

باختصار غير مخل ، يعني ان العنصرية لا تزال كامنة في الروح الامريكية ، وان فيروس العنصرية القاتل هو الاخطر على  امريكا اليوم من داعش والقاعدة معا ، فالعدو الخارجي من الممكن للمرء ان يراقبه ويحاصره الى ان يعصره ويحصره ان جاز القول ، اما الفيروس الداخلي فلا قبل لاحد به ، اذ لا يتوقع المرء من اين  تاتي الطعنة ، وجرح الاقربون يدمي كما يقال .

بشكل مخيف ورهيب تتصاعد وتيرة العنصرية في الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا ، من بالتيمور الى فيرجسون وغيرهما الكثير ودائما ما يكون الضحايا من الامريكيين الافارقة الاصل ، ما يعني ان كل مراحل الكفاح السابقة لتحرير امريكا من العنصرية العرقية قد ذهب هباء .

يقرالرئيس الامريكي باراك اوباما بان ما جرى في تشارلستون من عنف جماعي امر لا يحدث في دول اخرى متقدمة ... والسؤال لماذا ؟

الجواب الوافي هو بسبب عنصرية الولايات المتحدة المتزايدة في الداخل وازدواجيتها القاتلة في الخارج ، انها الضريبة التي تدفعها جزاء كونها دولة مرائية ومارقة في الوقت ذاته .

تظهر تصريحات العديد من اهالي الضحايا كم ان نفوسهم سامية وقلوبهم مليئة بالرحمة والتدين الحقيقي لا المزيف ، وتكشف مدى براءة الكثيرين من الامريكيين الافارقة.

اسمعوا ما تقوله والدة  احدى الضحايا للقاتل:" لا يمكنني ان احضن ابنتي التي قتلتها من جديد ، لكنني اسامحك ، ولتنزل الرحمة  على روحك ، لقد تسببت  لي بالم ، ولاناس كثيرين ، ولكن ليسامحك الله ، وانا اسامحك ".

هل امريكا في انتظار اسوا .. العنصرية رابضة لها خلف الباب تتشوق لان تتسيد على سماواتها، في وهذا  الكارثة لا الحادثة للشعب الامريكي  .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com