هولاند وأوباما... صراع على الخليج
هولاند وأوباما... صراع على الخليجهولاند وأوباما... صراع على الخليج

هولاند وأوباما... صراع على الخليج

إميل أمين

هل بات الخليج العربي كعكعة تتسابق على اقتسامها الأمم الكبرى؟

السؤال قد لا يكون منطقياً والبديل الأصح له: "هل بدأت دول مجلس التعاون الخليجي، إعادة ضبط المسافات بالنسبة لسياساتها الخارجية ودبلوماسيتها الدولية"؟

أغلب الظن أن دول المجلس لا تلعب على المناقضات بين باريس وموسكو وواشنطن، بل تبحث عبر براجماتية مستنيرة عن مصالحها، بطريقة تقتبس فيها من الغرب روحه الذرائعية العملية، التي صدرها للعالم قبل قرن باكمله.

تستدعي الزيارة المثيرة للرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" إلى منطقة الخليج الأسبوع الماضي، ومشاركته في اجتماعات دول المجلس، كأول رئيس أجنبي داخل هذا التجمع علامات استفهام عن الاقتراب الفرنسي الخليجي، اسبابه ومآلاته ... ماذا عن ذلك؟

يمكن القطع بأن سياسات فرنسا تجاه الملف الإيراني ربما كانت أكثر وضوحاً وشفافية من المواقف الأمريكية المراوغة والمثيرة للشكوك، فما تزال باريس متشككة في الصفقة القادمة حول برنامج إيران النووي، وقد أيدت طويلاً فرض قيود أكثر صرامة على البرنامج النووي لطهران.

كانت باريس أيضاً من أكثر الدول التي رفضت التسويف الأمريكي بالنسبة للمشهد في سوريا، ويمكن القول إنها لم تكن مرحبة بالطريقة التي دعم بها الأمريكيون إزاحة الرئيس المصري حسني مبارك من سدة المشهد، في 2011، الأمر الذي لقي وقعاً إيجابياً لدى دول مجلس التعاون الخليجي من الموقف الباريسي.

والمقطوع به أن الفرنسيين وبما لهم من خبرة وشراكة حياتية وقرب جغرافي من الخليج العربي، باتوا يعلنون عن مخاوفهم العلنية من رفع العقوبات الدولية على إيران، الامر الذي سيخل بالتوازنات الاستراتيجية في المنطقة، وهي رؤية تطمئن قلوب أهل الخليج، أنهم ليسوا بمفردهم في ساحة الوعي التي تريدها إيران مستقبلاً.

سؤالان هامان "هل مجاناً يقدم هولاند محبته للخليج ولأهله؟ وثانيا هل يمكن لباريس أن تكون بديلاً استراتيجياً شافياً وافياً عن واشنطن؟"

لا تعرف السياسة لغة الحب أو الكراهية، بل المصالح المتصلة، وعليه فإن هولاند مستفيد بقدر كبير من علاقاته الخليجية، وذلك عبر تعزيز علاقات بلاده الاقتصادية والتجارية مع أهل الخليج، وشاهد ذلك الصفقات المليارية، ما جرى منها مع قطر، أو المملكة العربية السعودية ومنها ما هو في الطريق آت ولا ريب، الامر الذي يثبت أن هولاند والذي ينظر اليه على انه رئيس ضعيف في الداخل، ماهر وبارع في التكتيك الجزئي لذلك فهم جيداً قلق العالم العربي من التوازنات الجديدة في المنطقة، والتي أفرزتها الثورات والحروب في الاعوام المنصرمة .

على انه وإن كانت فرنسا لا تستطيع بالمطلق أن تملا المشهد الذي كانت واشنطن وما تزال تملأه، الا انها بحال أو بأخر يمكن لها أن توفر نوعاً من "توازن القوى" كما يرى "فيليب مورو" الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وبخاصة لجهة توفير نماذج عالية المستوى من الاسلحة الأوربية التي تبرع فيها فرنسا، مثل الغواصات النووية، والطائرات التي تنتمي للأجيال الجديدة، ناهيك عن الفيتو الفرنسي الوقائي في هيئة الأمم، عطفاً على وجودها في القلب الأوربي، بما لها من دور في زخم السياسات المؤيدة للعرب والمسلمين.

لم تقتصر صفقة هولاند مع قطر على الطائرات والرافال الاربع والعشرين، بل تنوي استخدام هذا العقد كمنصة أنطلاق، وبحسب مصدر مقرب من الاليزيه فإن هولاند "يرغب في عقد صفقات جديدة مع السعودية لمجموعات فرنسية مثل "فيوليا وألستوم، وايرباص" .

اما المفاجأة فإن الاحاديث التي تدور الأن في الكواليس تتناول فكرة بناء قاعدة عسكرية فرنسية في قطر، تكون الأكبر من نوعها في المنطقة.

هل كان المشهد الفرنسي يغيب عن الأعين الأمريكية؟

حكماً إن جزءاً بالغاً من الايقاع السياسي الامريكي الموجه جهة الخليج العربي مؤخراً يأخذ في حساباته لا دور فرنسا فقط، بل الأدوار التي يمكن أن تطرأ على ساحة المنطقة وفي المقدمة منها بعد دور فرنسا، روسيا، والصين، وإن كان دور موسكو قد واجهته عقبات في الفترة الأخيرة.

لم تكن الدعوة التي وجهت إلى لقاء خاص بين الملك سلمان و باراك أوباما الاربعاء القادم، وقبل يوم من القمة الخليجية في كامب ديفيد، إلا خطوة دبلوماسية في إطار الصراع الذي يؤكد على الاهمية الجيواستراتيجية للخليج العربي بالنسبة للسياسات الامريكية، ما ينفي القول باضمحلال اهمية الشرق الاوسط بالنسبة للسياسات الامريكية ، استناداً إلى التقليل من دور النفط في العلاقة بين الطرفين، بعد ظهور النفط الصخري الأمريكي.

تحتاج السياسات الخليجية والعربية باجمعها إلى مهارات شديدة التعقيد للتعاطي مع أوربا ومع امريكا لتحقيق أبلغ وأفعل المصالح لشعوبها في ظل نظام دولي بات شديد التعقيد وعلى مشارف وارهاصات نظام دولي جديد متعدد الاقطاب ، يتوجب على العرب والخليجيين أن يكون لهم فيه قسم بالغ الحضور، بما لديهم من امكانيات تاريخية وجغرافية ، واقتصادية ومالية، لضمان عدم الذوبان في المشهد العولمي الآتي ولا ريب ... هل تصل الرسالة؟

أغلب الظن أن صراع هولاند وأوباما يعني بالضرورة وصولها مسبقاً.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com