أعمى بعيون أمريكية !!
أعمى بعيون أمريكية !!أعمى بعيون أمريكية !!

أعمى بعيون أمريكية !!

محمود بدر

"عشان تابع للأمريكان ... مش عايزينك" .. كانت هذه أحد العبارات التي وضعناها على استمارة "تمرد" لإعلان اسباب رفضنا للرئيس الإخواني المعزول ودعوتنا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، فلا يستطيع عاقل أن ينكر مدي التأثير السئ للعلاقات المصرية الأمريكية علي الدولة المصرية في الأربعين عاما الأخيرة ، خاصة بعدما أعلن الرئيس السادات ان 99% من اللعبة بيد أمريكا ، ووقعت مصر على إتفاقية كامب ديفيد التي اخرجت مصر من دائرة الصراع العربي الصهيوني ، وأبعدتها عن محيطها العربي بشكل أو بآخر.

وقد استمرت هذه العلاقة التي كنا ننظر إليها كشباب يؤمن بإستقلال بلاده ويرفض تبعيتها لأي بلد آخر بعين الشك والريبة حتي قيام ثورة يناير ، وربما لا يخفى على أحد أن تحرك الجيش المصري لحماية الثورة في يناير قد لاقي رضا من الإدارة الأمريكية خاصة بعدما قررت التخلص من مبارك نهائيا لتستطيع إنجاز مهمتها الكبيرة بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على ثورات الربيع العربي وإبعادها عن أهدافها الحقيقية في نيل الإستقلال الوطني وإبقاء الوطن العربي في خندق التبعية للسياسات الأمريكية.

ثم جاءت ثورة 30 يونيو في مصر والتي قلبت الأوضاع رأسا على عقب ، فقد تحرك الجيش المصري هذه المرة رغما عن الإرادة الأمريكية وحول النظرية بالكامل وجعل 100% من أوراق اللعبة بيد "الشعب المصري" ، وليس سرا علي أحد أن الإدارة الأمريكية كانت من أشد المعارضين لفكرة ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي للأنتخابات الرئاسية في مصر ، إلا أن الرجل أستمع إلى نداء الشعب المصري ولباه دون النظر إلي أمريكا أو غيرها لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات المصرية الأمريكية.

حيث بدأ الرئيس السيسي مباشرة حربه على الإرهاب من سيناء ، بعودة الجيش المصري إلى كافة المناطق منزوعة السلاح طبقا للملاحق الأمنية في إتفاقية كامب ديفيد ، وأعلن بكل وضوح وصراحة أن الدولة المصرية الجديدة تضع الأمن القومي فوق كل الإعتبارات ورفض أي مساعدة أمريكية أو أي نوع من التدخل في الحرب في سيناء وأعلن أن القوات المسلحة المصرية وحدها قادرة على دحر هؤلاء الإرهابيون.

وكانت أزمة طائرات الأباتشي التي منعتها أمريكا عقب قيام ثورة يونيو دليل جديد على تغير العلاقات المصرية الأمريكية برغم كل التصريحات الهادئة من الطرفين ، فلم يبدي السيسي انزعاجه واتجه فورا إلى روسيا وتعاقد على شراء مقاتلات السوخوي الروسية الي جانب انظمة الدفاع الجوي المتطورة وصواريخ S300 ثم توجه الي فرنسا وتعاقد علي طائرات الرافال ، وهو ما يعزز قدرات وإمكانيات الجيش المصري.

وإنفتح الرئيس السيسي بشكل كبير على روسيا والصين – فزيارته لروسيا الآن تعد الثانية في أقل من عام – وأعلن بوضوح من هناك أن مصر لن تنسي من وقفوا إلى جانبها ولن تنسي من أداروا لها ظهورهم أيضا وطور العلاقات المصرية الروسية تجاريا بشكل ملحوظ ، وقد نتج عن هذا اتفاق الرئيس بوتين على بناء مدينة صناعية روسية متكاملة ضمن مشاريع قناة السويس الجديدة الي جانب كثير من الاتفاقات التجارية الهامة مع الصين.

وقد جاءت المفاجئة عندما أعلن الرئيس السيسي في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي عن توقيع مذكرة تفاهم لبناء محطة نووية مصرية لتوليد الطاقة الكهربائية ، وهو بمثابة إعادة إحياء للبرنامج النووي السلمي المصري الذي توقف لعقود طويلة ، ويرجع البعض توقفه بسبب الضغوط الأمريكية.

كل هذه التحولات في السياسة المصرية تجاه واشنطن هي إنعكاس للسياسة الخارجية المصرية الجديدة التي تعيد مصر مرة أخري إلى سياسة "نسالم من يسالمنا ... ونعادي من يعادينا" ، ولتكن هذه التحركات رسالة إلى ذيول أمريكا في بعض العواصم العربية والإسلامية بأننا نعلم من هو المحرك الرئيسي لهم وبأن مصر الكبيرة لا تدخل معارك مع الصغار.

وكما قال الشاعر الفلسطيني قديما "اللي ما يشوف من الغربال .. أعمى بعيون أمريكية " !

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com