"يُومض في كفّيه العالم" لعبدالرحيم حمد النيل.. عن حوار الإنسان والتابوهات
"يُومض في كفّيه العالم" لعبدالرحيم حمد النيل.. عن حوار الإنسان والتابوهات"يُومض في كفّيه العالم" لعبدالرحيم حمد النيل.. عن حوار الإنسان والتابوهات

"يُومض في كفّيه العالم" لعبدالرحيم حمد النيل.. عن حوار الإنسان والتابوهات

يبحث الشاعر السوداني عبدالرحيم حمد النيل عن الخرائط والاتجاهات التي تمكنه من استيعاب ما يدور بداخله، وما هو كونيٌ من حوله، في ثالث مجموعاته الشعرية "يومض في كفّيه العالم" الصادرة عن دار رواشن للنشر 2021. ضمن سلسلة "أبواب" والتي تُعنى بمشاريع النشر الشخصي والنصوص المفتوحة.

وتأتي المجموعة برحلة من التأملات المكثفة للمجريات في الأفق، وفي الداخل الإنساني، مرتبطة بطبيعة الشعر، القائم على التجريب المستمر للأفكار، بغية البحث عن المعنى، لكن المعنى ليس أكيدا في هذا الإطار الشائك. فيجرب الشاعر وحدته، وشكّه، وعاطفته تجاه الآخر، وجنونه، والتذكر، والخذلان، والوحشة، والعدم. كلها مشاريع شعرية معمقة، يكرر الإنسان نبشها، ليسقط التجربة المعرفية برمّتها على ذاته.

أسئلة خارجة من الصور

ولطالما ذهب الشاعر إلى زيادة زخم نصه من خلال اللغة القوية، المائلة للبساطة والاقتضاب، وكذلك بتحميلها بالصور الفنية الغريبة، التي فيها من التجديد والابتكار ما يكفي للوقوف عندها. ويمكن ملاحظة كثرة الأسئلة الخارجة من الصور، بهدف إسقاط الغبش في الفهم تارة، أو الحيرة في ترتيب ما تم التقاطه من أحجيات العالم.

قصائد حمد النيل الـ45 في المجموعة، تأتي متتابعة ومرقمة بأرقام أبجدية، في ظل غياب العناوين، مشيًا على نهج يعتمد أن القصيدة هي عنوان نفسها، تلك القصائد القصيرة والموجزة، ممتدة على 56 صفحة من القطع المتوسط.

كسر التابو

فيما تقوم خطط الشاعر على التحليل والتفكيك للكتل والمناظر، ومن خلال خياله السينماتوغرافي، الذي يرصد المشاهد كتقني سينمائي، يُقطّع المشاهد، ويفرزها، ومن ثم يقوم بإعادة تجميع القطع المفصولة، ليبتكر هيئة جديدة لها. هي طريقة الحداثية في مسح الخيال النمطي حول التابوهات الاجتماعية، وإن تعذر كسر "التابو" ذاته، فالكتابة تقدم طريقة جديدة لاختراقه، ورسمه بشكل جديد في الذهن، يواكب المعرفة التي يلامسها الإنسان.

مرايا لا نهائية

في نص حمد النيل هناك وجه مفتوح دومًا على مغامرة ما، يحلل من خلالها معتقداته، ويضع المبرر المقنع لما آل إليه حال الإنسان. هذا البعد الإبستمولوجي في تقليب معرفته بالأشياء وكذلك بجسده، يُستخدم من خلاله لعبة المرايا اللانهائية، المقترنة بالحركة والرقص والدراما التاريخية، التي اعتمدها الإنسان في الطب النفسي، وتشريح الجسد، تلك القائمة على التجريب في علاج كدمات النفس.
يقول الشاعر:
"يا مراياي
المنكسرة على إحداثيات الروح،
من سَيَفك طلاسم صمتك،
هذا العناد المقيت،
على زواياك الميتة قبل ضَوْء؟
ولماذا تكاثرينني في البعيد الملتصق بحواف البدايات الهنا؟
حين مستني أصابعك في نسيجي-أصابعك المستحيلة ذات الأظافر المثابرة-
صرت أهطُل،
نزعت وجهي من شجر هناك،
وصرت أهطل،
كادت شفتاك الموبوءتان بنهر الشهوة، وعافية الامتلاك، والورد-كادت تنزعني عني".

صور وملامسة

كما ويسوق الشاعر في قصائده التصوير الحسي، مدعمًا بصفة الملامسة، إذ يسحب القارئ للتورط في مواطن جمالية تعزز الاحتكاك بالمعنى، ما يضيف مساحات متجددة لتفسير النص. هذا الدمج بين التجسيدي والمعنوي، بصياغة الصور المفاجِئة، كأن يقول"جالس أنت في زفيري" يعطي للغته صفة اللباقة والإيغال.
يكتب الشاعر:
"انظر لحديد التجربة،
متآكلًا منذ شفير اللذة القارسة،
كلما عنّ محلبٌ، تتناثر الأعضاء مرتعشة.
جالس أنت في زفيري،
مقعٍ،
على سجادة النفس الآثمة".

صوت متكرر للفلاش
مصارعة
كوميديا سوداء

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com