شارلي إيبدو: القلم أوّلاً أم السيف (2)
شارلي إيبدو: القلم أوّلاً أم السيف (2)شارلي إيبدو: القلم أوّلاً أم السيف (2)

شارلي إيبدو: القلم أوّلاً أم السيف (2)

وئام غداس



كلّا لستُ شارلي


هناك فرق بين أن نشمت بفرنسا وأن نشعر أن حادثة إرهاب أودت بحياة 12 شخصاً، ليست بالكارثة التى تستدعي أن تقوم الدنيا لأجلها ولا تقعد وأن تنتظم لأجلها مسيرة يمشي فيها مايزيد عن المليون والنصف شخض من بينهم خمسين من القادة السياسيين والرؤساء والملوك لتكون بذلك أكبر مسيرة عرفتها فرنسا في تاريخها،لا شماتة في أن نرى أنها ليست مناسبة كافية ليصبح كلّ العالم : شارلي.

طبعاً لستُ شارلي، حتى أنّ الخبر أزعجني لدقائق ثم نسيته لولا توفّره في كلّ مكان حولي وأينماالتفتت، في التلفزيون وعلى الراديو والصحف والمجلاّت ومواقع التواصل وفي الشارع أيضاً !

حيث بات عدد جيد من المجتمع "شارلي"، حلاقتي النسائية شارلي، بائعة السوبرماركت، بائع الحليب، الخباز، صاحب البقالة، رئيسي في العمل، وموظفة خدمات الهاتف شارلي.

شموع ودموع على الطرقات وبشر يرفعون اللافتات والورود ويبكون أمام بيت السفير الفرنسيّطقس من الحزن البالغ دفع سيادة السفير أن أن يستشيط غضباً ويطرد كل هؤلاء ليبكوا أمام السفارة

وليس أمام بيته!

طبعاً لست شارلي، لأنّ شارلي لم يكن أنا ببساطة، لأنّ مئات الآلاف من شعوب العرب يقضونكل يوم على يد الإرهاب سواء المعلن أو المُستتر وشارلي لم يقل أنه أنا أو نحن فلماذا أكونه؟

أدين الإرهاب وبشدّة لكنّي لست مدينة بالإعتذار لفرنسا ولا أشعر- بوصفي مسلمة- بأي مسؤولية فيما حدث في باريس.


أولأعبّر عن تعاطفي إلى حدّ أني شارلي مثلما فعل الإخوة العرب الذين مشوا في المسيرةالمليونية وهمّهم الأول أن تنتبه فرنسا والفرنسيين أنهم مسلمون لكن ليسوا إرهابيين، وأن لا ذنبلهم إن تصرّف أحد بوحشية بإسم الإسلام الذي هو دينهم، وأنّهم لم يروا يوماً أي ضير في أن تنشر مجلّة فرنسية صورا مسيئة لنبيّهم أو لدينهم، لأنهم مقتنعون أن ذلك يندرج ضمن حقوق حرية الصحافة والتعبير، فات كل هؤلاء أمرين على غاية من الأهمية الأوّل أن نهج فرنسا اليوم إزاء العرب والمسلمين عموماً لن تنفع معه دموعهم ولا شموعهم،وهو نهج سيبدأ اليمينمنذ الآن بتغذيته بما يخدم مصالحه وما يوفر فرصة أخرى لإثبات فشل حكومة هولاند إلى جانب التشغيل وتردي الإقتصاد و.. و.. ، فشله كذلك في حماية المواطنين بترك العنان للمسلمين وفتح الطريق أمامهم للتواجد بشكل لافت في فرنسا وتزايد أعدادهم وفرصهمومنحهم الجنسيات.
اليمين الفرنسي الذي عرف بمواقفه العنصرية ضد المسلمين والمضيفي مزيد إستفزازهم بتشجيع والوقوف إلى جانب علمانية فجّة تضرب المسلمين هناك في معتقداتهم وتسخر من رموزهم المقدسة وتضيق الخناق عليهم في ممارسة شعائرهم،وحرية لباسهم وغيره من الممارسات التعسفية ضد المسلمين، ولو ابتعدنا قليلاً عن مواقفالأحزاب السياسية في فرنسا اليوم سواء الحاكمة أو المعارضة، سنجد أن السّمة العامّة التي تسيطر على مكونات المجتمع الفرنسيّ منذ الحادثة هي الغضب الشديد ويبدو أنّ صدعاً قد ضرب العلاقات العربية الأروبية سوف يأخذ ترميمه حيّزاً من الزمن ليس صغيراً، وستعود نتائجه بالوبال على الجاليات العربية المسلمة هناك، الفرنسيّ اليومسيعمّم تماماً صفة التطرّف على كل المسلمين، ومهما فعلنا فإشتراكنا بنفس الهوية معثلاثة أشخاص قرّروا أن يكونوا ارهابيين وضعنا جميعاً في خانة واحدة، وفي صحيفةالفرنسية قيل بالحرف الواحد: "من أعلن الحرب على فرنسا هم حقيرونLes Echos ملثمون وراء لثامهم يخفون وجوه ملايين المسلمين"، إذاً ما فائدة أنّك شارلي يا صديقي؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com