2015... رؤية استخباراتية أمريكية
2015... رؤية استخباراتية أمريكية2015... رؤية استخباراتية أمريكية

2015... رؤية استخباراتية أمريكية

إميل أمين

على ابواب عام جديد يتساءل المرء عن حال ومآل العالم، إلى أين يمضي، وما هو المتوقع حدوثه، وأهم المنحنيات التى ستواجهه. في هذا السياق كانت الاستخبارات المركزية الأمريكية سابقة في التخطيط والاستشراف، ولهذا أصدرت منذ فترة ورقة في هذا الشأن، نحاول التعرض لأهم ما فيها، دون أن نغفل أنه يمكن لها أن تكون من أوراق التنبؤات التى تحاول تحقيق ذاتها بذاتها، ولهذا يتوجب أخذ أعلي درجات الحرص والحيطة في قراءة مثل هذه الأوراق.



لعل أهم إشارة في هذا التقرير تلك التى تتصل بالعولمة، كحالة خيل للناظر قبل عقدين من الزمن أنها ظاهرة جبرية لا طوعية بمعني أنها ستشمل العالم باكمله سواء قبل أفراده أم رفضوا، وعزز هذا المعني مقولة عالم الاجتماع الكندي "مارشال ماكلوهان" التى وصف فيها العالم بأنه بات قرية صغيرة.

التقرير الاستخباري الأمريكي يري أن العالم سيظل متارجحا بين ما يطلق عليه عولمة شاملة وما يسميه عولمة مؤلمة.. ما معني ذلك؟

تعني العولمة الشاملة أن تتحد العوامل المتعلقة بالنمو الاقتصادي والسكان والإدارة الفعالة مجتمعة، لتمكن غالبية سكان العالم من الاستفادة من العولمة.. ماذا إذن عن الشكل الثاني من أشكال العولمة؟

من الواضح أننا نري هذا النسق والذي تسميه الاستخبارات الأمريكية العولمة المؤلمة، نراه رؤية العين المجرة في استفادة النخبة من ظاهرة العولمة، في الوقت الذي تستمر فيهع معاناة أغلبية سكان العالم، بمعني أن الدول المتقدمة ستزداد تقدم بفعل تراكم الثروات ورأس المال، في حين سوف تشح الموارد في الدول النامية، ما يدفع إلي تنامي ظاهرة الهجرة، واتساع الفجوة بين الأمم والشعوب... هل ستظل أمريكا هي سيدة العالم بدون منازع في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين؟

يرصد التقرير ثلاثة تحديات تمثل عقبات بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، حال أرادت الاحتفاظ بالقطبية العالمية المنفردة، أما التحدي الأول فهو غير مباشر، ويتمثل في تجنب أعداء أمريكا الدخول معها في مواجهات مباشرة، ولكن سيلجأون لأساليب متطورة للحد من النفوذ الأمريكي وكشف مواطن ضعفه. وثاني تلك التحديات الرؤوس الحربية التى ستحتفظ بها كل من روسيا والصين، وبالأمس القريب تحدث الروس عن جاهزية أربعة آلاف رأس نووي جاهزة كل يوم للاستخدام بالفعل. في حين يبقي التحدي الثالث متمثلا بتصاعد القوة العسكرية لدول بعينها جنبا إلي جنب مع الاحتفاظ بمفاهيم وتقنيات الحرب الباردة.

والمؤكد أننا لسنا في مجال نقد أو قراءة نقدية للتقرير، لأننا لو فعلنا ذلك، لسكان الانهيار الأخلاقي الأمريكي في عيون العالم، في مقدمة الأسباب التى ستزيح واشنطن عن القطبية المنفردة حول العالم.. ماذا عن صراع الهويات والعصبيات الذي رأيناه يتصاعد بقوة في العقد الماضي؟

يشير التقرير إلي استمرار النزاعات الداخلية في العديد من البلدان حول العالم لأسباب دينية أو عرقية، اقتصادية أو سياسية، وربما يتاح المجال لمنظمات دولية أو إقليمية أن تتعامل مع هذه النزاعات، لأن الدول الكبري التى ستكون مثقلة بقضاياها الداخلية، أو تخشي الفشل إذا ما تدخلت، لنا تقبل أبدا على الانخراط في مواجهات إشكالية جديدة، سيما وأنها تفتقر للإرادة السياسية، أو لشحة مواردها المخصصة لتلك القضايا .

ماذا عن الشرق الأوسط والخليج العربي في هذا التقرير المثير؟

لا يتوقع التقرير حدوث تحولات إيجابية في منطقة الشرق الأوسط من حيث السكان والموارد الطبيعية، والعولمة وأسلوب الإدارة مع بداية العام الجديد، ويتنبأ التقرير بأن معظم الأنظمة في المنطقة ستواصل مقاومتها لعملية التحول، كما أن العديد منها سيستمر في الاعتماد على إيرادات النفط، ولن يجري الإصلاحات الضرورية بما فيها تلك المتعلقة بالتعليم.

وماذا عن قضية العرب المركزية... القضية الفلسطينية؟

في أفضل الأحوال سيكون هناك سلام بارد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وربما تحت الضغوطات الدولية، على الحكومات الإسرائيلية، لكنه سلام هش، قابل للانتحار في آية لحظة.

يلفت التقرير إلي أمور مثيرة مثل التكنولوجيا الخاصة بالمعلومات وكيف سيكون لها الكلمة الفصل في تقدم الأمم والشعوب أو تخلفها، كما يشير إلي أن التقنيات الحديثة تؤثر سلبا على الحروب الداخلية، ويلفت إلي أن إيران سوف تقتحم عالم الفضاء، أما العلاقات الأوربية الأمريكية فمعرضة للانهيار نتيجة رفض الأوربيين للآحادية الأمريكية المقيتة.

الخلاصة: سيكون عام 2015 عام الهويات المتقوقعة، والعصبيات المتصاعدة، والمذهبيات المتصارعة، وهي أمور طبيعية في فترة ما بعد النظام العالمي الجديد الذي كان، ولحين أشعار آخر بنظام عالمي جديد مرة أخري.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com