هل انتهت معركة النقاب في الإمارات؟
هل انتهت معركة النقاب في الإمارات؟هل انتهت معركة النقاب في الإمارات؟

هل انتهت معركة النقاب في الإمارات؟

عائشة سلطان

تابعنا في الأيام الماضية الكثير من الجدل حول النقاب في الإمارات بين المطالبين بمنعه وتحريمه حاله حال المخدرات والقنابل والأسلحة الجرثومية، وبين المدافعين عنه وكأنه الحصانة وآخر معاقل الدين، كل فريق قدم براهينه متكئا على الحوادث والتاريخ الذي يعنيه ويخصه وكأن الفريقين قادمين من كوكبين مختلفين لا علاقة لهما ببعض أو بالمجتمع، حتى وصل الصراع بينهما إلى درجات قصوى من التشنج عبر الفضاء الالكتروني، وقد شكلت جريمة شبح الريم –هذه المرة- التي دارت وقائعها في العاصمة أبوظبي شرارة البدء في انطلاق المعركة!

بداية فإن أحدا من الفريقين لم ينجح في حسم المعركة لصالحه، حتى وإن بدا أن الفريق المؤيد للنقاب هو المنتصر، فالشرر لا يزال يلتمع تحت الرماد، وستولد هذه المعركة معارك أخرى قادمة إذا ما توافرت الفرص والظروف، ما يعني أن القضية ليست قضية نقاب فقط بل هي اعمق من ذلك بكثير، وهي ليست كذلك محاولة للردع وحماية المجتمع ضد الجريمة والإرهاب، فكلنا نعلم أن النقاب منع او لم يمنع فإن الإرهاب يضرب بيد من حديد انحاء العالم بلا هوادة، لأن هناك فكر ومليارات ومصالح وصراعات كبرى وليس النقاب واسوى خيط تافه يلوح في قماشة العنف السوداء التي تحاول أطراف مختلفة سحبها على المنطقة بأكملها!

المسألة ليست في أن نتجادل بلا نتيجة مع يقيننا بحيوية النقاشات والجدالات، ولا أن نتخذ الجريمة سببا لتصفية حساباتنا ضد الأعراف السائدة أو ضد التدين او مع التمظهرات الخارجية للاتجاه المحافظ في البلد فالدخول إلى مشروع الحداثة والتحرر الحقيقي لا يأتي فقط من بوابة ثياب المرأة، كما أن فرض الفكرة الأحادية على التفكير وقمع التغيير من خلال نقاب المرأة ما عاد مقبولا، مطلوب لكي نربح معركة التغيير أن يمتلك المتجادلون منطق التغيير لأجل الصالح العام الذي يفترض أن يدفعوا باتجاه اشراكه واقناعه، وأن يمتلكوا القوة الاقناعية في مواجهة رأي عام تلبس اعداد كبيرة من نسائه النقاب إما تدينا او تقليدا او اختيارا حرا، ومن ثم عليهم أن يحاوروا الأجيال المختلفة كذلك سواء التي تلبس والتي لا تلبس النقاب لأن من حق هذه الاجيال أن تعرف وتفهم ،ولأن اقتناعك بالفكرة لا يكفي ليأخذ بها كل الناس !

ما حصل كان ضروريا في كل أحواله وأشكاله لأن الحوار ضرورة، لكنه للأسف حصل ضمن إعلام لا يحظى بقوة التأثير والمقدرة على صناعة رأي عام، وهنا قد تفتح هذه الجدالات الباب على مصراعيه لإحداث تغييرات جذرية على مستوى أجهزة الإعلام شكلا ومضمونا، لسنا مع النقاب الذي صار ذريعة تلبسه ويلبسه كل من أراد أن يخفي شخصيته ليتجاوز ويعتدي ويفعل ما يشاء، وكذلك لسنا ضده لمن أرادت أن تتمسك بحقها في الالتزام وفق قناعاتها فالثياب في نهاية الأمر شأن وحرية شخصية ما لم تشكل اعتداءا على حقوق وقوانين المجتمع كشأن سائر الحقوق، المهم أن تكون عقولنا منفتحة قادرة على التفكير خارج القوالب والصناديق المغلقة، وليست منقبة، فنقاب الفكر أشد خطرا من نقاب الوجه والجسد، فبقانون وأوامر تستطيع منع الثاني أما الأول فيحتاج إلى معارك وحروب وزمن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com