خلاصات في حكم المعازف والغناء

خلاصات في حكم المعازف والغناء

أولًا: الغناء الخالي من ألفاظ الفحش والكفر مباح ولو كان مقترنا بآلات العزف كالدف والطبل وغيرهما، وهو سنّة في الأعراس، والأعياد، والنصر، ومناسبات السرور، ومباح في سائر الأيام إذا كان لا يشغل المسلم عن واجب من الواجبات فهو من الترويح المباح.

ثانيًا: الأحاديث الصحيحة الدالة على إباحة الدف كثيرة ثابتة، والدف من المعازف قطعًا، وغير الدف مباح مثله فكلها معازف، وتقييد الإباحة بالدف دون غيره تحكم لا دليل عليه، وقد ثبتت إباحة اللهو عمومًا وذلك يشمل الدف وغير الدف من المعازف ولم يستثنِ النص الدال على إباحة عموم اللهو نوعًا من المعازف دون آخر من المعازف، فضلًا عن كون الأصل في الأشياء الإباحة، وفضلًا عن الآثار الواردة من عمل الصحابة والتابعين تبين استعمال الطبل، والعود، والناي، واليراع، والشبابة، وهي كثيرة وثابتة.

ثالثًا: لم يثبت نص صحيح يحرم شيئًا من آلات المعازف أو الغناء الذي لا يتضمن شيئًا من الألفاظ المحرمة، وكل ما روي في ذم المعازف ضعيف، وقد نوقشت أسباب ضعفه في مضانها وليس مقالي اليوم محلًا لسرد ذلك، فما روي في ذم المعازف ضعيف، ويتعارض مع الأدلة الصحيحة الدالة على إباحة المعازف وسماع الغناء.

رابعًا: من الواضح بناءً على ما تقدم أن اتخاذ الغناء الخالي من الفحش والمنكرات، عملًا وحرفة للتكسب أمر مشروع، وقد اشتهر كثير من النساء والرجال بذلك في المتقدمين، بل عُرف به أفراد زمن النبوة من غير نكير على أحد منهم.

خامسًا: الغناء مباح للرجال والنساء على السواء، ولا يصح تقييده بالجواري دون الحرائر ولا بصغار السن دون كبارهم، ولا بالرجال دون النساء، إذ لا دليل يخصص قومًا بالإباحة دون قوم، والأحاديث والآثار الصحيحة تدل على إباحته للعموم.

سادسًا: بالاستقراء والتتبع يتضح أن أدلة القول بالتحريم قسم منها ضعيف أو موضوع، والقسم الصحيح منها إما بعيد عن محل النزاع أو متعلق بالغناء الفاحش وما فيه دعوة لباطل أو كفر، بخلاف أدلة القول بالإباحة فجلها صحيح صريح في المسألة.

سابعًا: أدلة القول بالإباحة أكثرها ثبت في الصحاح، أما أدلة التحريم فمروية في المصنفات المتساهلة في الأسانيد.

ثامنًا: تثبت الأحاديث الصحاح والآثار الواردة عن السلف في الغناء والمعازف أن ذلك كان معروفًا في عهد رسول الله وزمن الصحابة وكبار التابعين، ولم يثبت عن أحد منهم منعه بل نهى رسول الله أبا بكر عن زجر من كن يغنين في العيد ببيت عائشة.

تاسعًا: من تتبع تاريخ هذه المسألة يجد أن الخلاف حول الغناء والمعازف إنما وقع في عصر أتباع التابعين، وكان ذلك تغليبًا لقاعدة سدًا للذرائع، لما صاحب بعض من اشتهر به من مجون وفسق وشرب للخمور، ولذلك ظهر القول بحرمة المعازف من بعض الفقهاء لأجل تلك المظاهر المخالفة.

عاشرًا: القول بجواز الغناء بالدف في الأفراح ثبت أنه مذهب جماهير الفقهاء، وإنما وقع الخلاف في غير ذلك من المناسبات.

حادي عشر: إباحة الغناء الخالي من مظاهر المجون وألفاظ الكفر والشرك، وجواز آلات العزف جميعها، هو اختيار جماعة من الأئمة المجتهدين من كل المذاهب، وهو الذي تدل على صحته نصوص الشريعة الصحيحة وقواعدها.

ثاني عشر: لم يصح عن أحد من الفقهاء الأربعة القول بتحريم الغناء الخالي من الكلام الفاحش، واتفقوا على جواز الإنشاد من غير استعمال آلات العزف، وإنما خالف بعض المتأخرين فقيدوا تلك الإباحة ببعض المناسبات، ونصوص الشريعة ترد عليهم.

وخلاصة الخلاصات، أن الغناء والمعازف لم يثبت تحريم شيء منها بنص صحيح، بل الأدلة الصحيحة تدل على إباحة ذلك وعليه كان عمل النبي وأصحابه ومن بعدهم، وهو قول طائفة كبيرة من المجتهدين، والغناء المباح والمعازف كلاهما يعد من الفنون الإنسانية التي أصلها الإباحة، ما لم يقترن شيء منها بمحرم كمجون أو تبرج، أو تتضمن ألفاظه دعوة للشرك، والكفر، والفجور.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com