شرق أوسط جديد
شرق أوسط جديدشرق أوسط جديد

شرق أوسط جديد

أحمد مصطفى 

يثير هذا العنوان انزعاج كثيرين، وأنا منهم، لأنه يعيدنا لأيام التدخل الأمريكي النشط في المنطقة أيام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، وارتبطت المقولة بمستشارته للأمن القومي كوندوليزا رايس. وحين اندلعت احتجاجات مطلع 2011 كان راي البعض أيضا أن ذلك استكمال لما سمي وقت غزو العراق في 2003 "الفوضى الخلاقة".

لكن، ما يجري الآن في المنطقة يختلف تماما عن استنتاجات كل تلك التحليلات التي صاحبت حرب الخليج الأولى والثانية وحتى ما استنتجه البعض خلال ما سمي "الربيع العربي".

كما أنه ليس بالضرورة متسقا مع نظريات كتاب أمريكيين مثل صامويل هنتنغتون (صراع الحضارات) ولا حتى فرانسيس فوكوياما (نهاية التاريخ).

ربما الأمر الوحيد الذي يمكن تصوره هو أهمية منطقتنا لأي عملية تشكل "نظام عالمي جديد"، رغم أن هذا الطرح وقت رئاسة بوش الابن لم يعد صالحا كثيرا الآن.

رغم كل ما سبق، وليس بالضرورة أن يكون نسخا لاتفاقيات سايكس-بيكو، تشير التطورات المتسارعة بشأن الصراعات الدموية في سوريا وليبيا واليمن وغيرها من التوترات في دول التغييرات الأخيرة كتونس ومصر إلى أن المنطقة مقبلة على شكل جديد.

يصعب على أي محلل، مهما كانت براعته، توقع شكل "الشرق الأوسط الجديد" إلا أن بعض الملامح الأساسية واضحة ويسهل تلخيصها:

· تظل الأطراف الإقليمية الرئيسية غير العربية (إيران، تركيا، إسرائيل) لاعبا أساسيا في التشكيل، وإن تفاوتت أدوارها وأنصبتها.

· لم يعد الأمريكيون والأوروبيون الطرف الدولي الرئيسي في عملية التشكيل، بل دخلت روسيا بقوة وتمكنت من ايجاد مكان لها على طاولة التشكيل.

· تداخل الكيانات العربية التقليدية (مجلس التعاون الخليجي، محاور شرق أوسطية فضفاضة وغير مكتملة، المغرب العربي ..) وما يبرز الآن من "تشارك" مصري-سعودي لقيادة المنطقة.

· تراجع الاهتمام بما عرفت تقليديا بأنها "قضية العرب المركزية" (فلسطين) وربما تكون آخر ما يتم تسويته في المنطقة بعد استقرار دور ونصيب كافة القوى الاقليمية والمحلية من عملية تشكل شرق أوسط جديد.

· محاولة الجماعات (إرهابية ومتطرفة وغيرها) فرض وجودها ضمن التشكيل، وأن يكون لها نصيب وإلا سيستمر الصراع "التفتيتي" في أغلب أرجاء المنطقة.

· هناك شبه اتفاق بين القوى الرئيسية ـ عالمية واقليمية وليس بالضرورة المحلية ـ على أن تكون "الجماعة" الأم التي فرخت كل التنظيمات الإرهابية (الإخوان) شريكا في التشكيل.

بالطبع، تظل تلك ملامح "مائعة" لم تصمد بعد ولكنها ـ حتى الآن ـ المؤثرة بشكل رئيسي في تشكيل المنطقة حتى إشعار آخر.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com