طريق سوريا للتعافي.. مديد ومرير
طريق سوريا للتعافي.. مديد ومريرطريق سوريا للتعافي.. مديد ومرير

طريق سوريا للتعافي.. مديد ومرير

عريب الرنتاوي

لم تنته حروب الوكالة في سوريا وعليها، بل تبدلت أطرافها وأدواتها.

في عشريتها الأولى، اتخذت هذه الحروب شكل العسكرة والتدخل الأجنبي ونشر المرتزقة والميليشيات..

اليوم، والأزمة السورية تدشن عشريتها الثانية، تشق هذه الحروب طريقها إلى ميدان الاقتصاد والدبلوماسية، فزمن المعارك الحربية الكبرى في سوريا انتهى.

بعد موجة تفاؤل بالانفتاح العربي على دمشق، أعقبت الكشف عن "مقاربة أردنية جديدة" عرضها الملك عبد الله الثاني على الرئيس جو بايدن، وبعد زيارة غير مسبوقة لوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد لدمشق، وما صاحب هذين التطورين النوعيين، من تكهنات وتقديرات بشأن عودة سوريا للجامعة العربية، وقرب خروج دمشق من عزلتها عن محيطها العربي..

تبدو الصورة اليوم أكثر تعقيداً، ونبرة التشاؤم، أو في أحسن تقدير، "التفاؤل الحذر"، تهيمن على التقديرات بقرب حدوث انعطافة كبرى في الملف السوري.

والقصة تبدأ بالموقفين الأوروبي والأمريكي..

هنا، لا يمكن الاكتفاء بالتصريحات الرسمية للعواصم الغربية المتدثرة بلبوس "حقوق الإنسان" ورفض التعامل مع "نظام قتل شعبه"..

فثمة خلف هذه المواقف، ما وراءها، وبالتحديد لجهة رغبة الغرب في ترك روسيا وحيدة تواجه ملفات الانهيار الاقتصادي وتآكل الليرة السورية وعبء إعادة الإعمار وتأهيل اللاجئين حال عودتهم، إن عادوا، وغير ذلك من مهام وتحديات، يبدو معها التدخل الروسي العسكري في أيلول 2015، نزهة قصيرة.

سوريا تتحول، وبالذات بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية بالأمس، والكازاخية اليوم، إلى واحدة من ساحات تسوية الحساب بين روسيا والغرب، وسط تقديرات راجحة بتوجه أمريكي-أوروبي لجعل مهمة بوتين في سوريا صعبة للغاية، بانتظار حسم ملفات "الحوار الاستراتيجي" بين موسكو وواشنطن.

إقليمياً، تقف تركيا بالمرصاد لمعرفة كيف ستؤثر التطورات الدولية على ديناميات القوة وتفاعلاتها على الأرض السورية. أكثر ما يهم أنقرة، بعد أن تقلصت طموحاتها، أن تحفظ لنفسها وجوداً مستداماً في الشمال السوري، يمنع قيام كيان كردي قابل للحياة، حتى وإن تطلب ذلك، إجراء أوسع عمليات "هندسة ديموغرافية" كما حصل ويحصل في غير منطقة من مناطق عمليات الجيش التركي.

أما إيران، فتقول التقارير الإسرائيلية ذاتها، إنها شرعت في "تخفيف" وجودها في جنوبي البلاد، تحت وقع الضربات المتعاقبة لسلاحي الجو والصواريخ الإسرائيليين، ومن دون أن تقوى طهران، ولا دمشق، على خلق "معادلة ردع" تكبح العربدة الإسرائيلية..

لكن إيران مع ذلك، ستظل حتى إشعار آخر، لاعباً مهماً في سوريا، تعمل موسكو على الحد من نفوذها الكبير، وتوظف لهذه الغاية، الضربات الإسرائيلية، وتستعين ببعض أصدقائها العرب.

الانفتاح العربي على سوريا اصطدم بقيود قيصر وعقوباته، واشنطن لم تمنح أحداً ضوءاً أخضر للتطبيع مع دمشق، وإن كانت لا تمانع ببعض المقاربات الانفتاحية المحدودة، وعلى قاعدة "خطوة مقابل خطوة"، وليس "خطوة خطوة"، فيصبح مطلوباً من سوريا، نظير هذا التقارب العربي، أن تبتعد خطوة عن إيران مقابل كل خطوة يخطوها العرب باتجاهها.

وأضفت الحملة الإعلامية السعودية المفاجئة على الأسد ونظامه، تعقيداً إضافياً على ملف عودة سوريا للجامعة، والانفتاح العربي عليها. والغريب أن هذه الحملة جاءت بعد أنباء متواترة عن قنوات اتصال خلفية رفيعة المستوى بين دمشق والرياض..

لكن إحجام طهران عن التعاون مع السعودية عبر القناة البغدادية، في ملفات الإقليم، بدءاً باليمن، دفع الرياض لرد الصاع صاعين لها، واحدة في دمشق، والثانية في الضاحية الجنوبية.

وإلى أن يتصاعد الدخان الأبيض من فيينا، حيث المفاوضات النووية، ومن بغداد، حيث المفاوضات الثنائية بين طهران والرياض، ومن جنيف، حيث سيشرع العملاقان في حوارهما الاستراتيجي، فليس منظوراً استحداث اختراق على أي من مسارات الأزمة السورية الرئيسة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com