أردوغان يلوّح بالـ"بيرقدار" في أوكرانيا.. وبوتين يكتفي بالانتقاد
أردوغان يلوّح بالـ"بيرقدار" في أوكرانيا.. وبوتين يكتفي بالانتقادأردوغان يلوّح بالـ"بيرقدار" في أوكرانيا.. وبوتين يكتفي بالانتقاد

أردوغان يلوّح بالـ"بيرقدار" في أوكرانيا.. وبوتين يكتفي بالانتقاد

جمال دملج

لون جديد من ألوان الغرابة أضفي على شكل العلاقات المتأزمة باضطراد بين الإدارتين السياسيتين الروسية والتركية، منذ الكشف مؤخرًا عن أنّ أوكرانيا تسلّمت مجموعة من مسيّرات "بيرقدار تي بي 2" تركية الصنع، بالتزامن مع ارتفاع حدة التوتر على حدودها مع روسيا إلى أقصى الدرجات.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتأرجح فيها بارومتر قياس مستوى السخونة، صعودًا وهبوطًا، على خط موسكو – أنقرة، لا سيما أنّ مسلسل الخلافات شائك ومعقد وطويل.

ويمكن القول إنّ حفلة الافتتاح لهذا المسلسل بدأت مع قيام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بمحاولة استدراج روسيا إلى الدخول في مواجهة عسكرية مع حلف شمال الأطلسي، بالتزامن مع التدخل العسكري الروسي في سوريا بتاريخ 30 أيلول (سبتمبر) العام 2015، إذ إنّ أسابيع قليلة لم تكد تمر على هذا التاريخ حتى قامت المقاتلات التركية بإسقاط قاذفة السوخوي الروسية عند تخوم الحدود السورية.

ولكنّ إدراك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحقيقة الأهداف المرجوة من الحادثة، واكتفائه باتخاذ إجراءات اقتصادية ضد تركيا، مثل الامتناع عن استيراد منتجاتها وإيقاف حركة السياحة الروسية إليها، دون القيام بأيّ رد عسكري، أدى إلى إفشال هذه المحاولة.

وقيل ما قيل حينذاك عن أنّ الرئيس التركي كان يعمل وفقًا لإستراتيجية تعكير المياه من أجل إظهار قدرته على الاصطياد فيها، أملًا في أن يؤهله ذلك لكي يلعب دور "الوكيل المعتمد" للأجندات الإقليمية والدولية الموضوعة بشأن مستقبل سوريا.

ثم جاءت المحاولة الانقلابية التي استهدفت الإطاحة بالرئيس إردوغان في 15 تموز (يوليو) العام 2016 لتُحدث له حالة ارتباك غير مسبوقة في تاريخه السياسي، لا سيما أنّ مستوى القمع الذي أظهرته السلطات التركية في سياق ردود أفعالها على المحاولة، أدّى إلى تجريده من تعاطف أقوى حلفائه داخل الأسرتين الإسلامية والأطلسية.

وعلى الرغم من أنّ تداعيات أزمة إسقاط قاذفة السوخوي سرعان ما طويت في أعقاب تشكيل لجان روسية – تركية مشتركة لهذا الغرض، ما أدى إلى انطلاقة مفاوضات أستانا لتسوية الأزمة السورية تحت رعاية روسيا وإيران وتركيا، فإنّ إستراتيجية تعكير المياه من أجل إظهار القدرة على الاصطياد فيها، ظلت تراود الرئيس أردوغان في اتجاهين مختلفين.

الأول تجلّى لدى شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية من نوع "إس 400" لتكون بذلك الدولة الوحيدة المنضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي التي تقدم على مثل هذه الخطوة.

والثاني لا يزال يتجلّى من خلال استمرار مسلسل الخلافات بين موسكو وأنقرة، بدءًا من الساحة السورية، مرورًا بالساحة الليبية وبإرهاصات ما حدث العام الماضي على جبهات القتال بين أذربيجان وأرمينيا، وانتهاءً بالجدل الدائر حول استلام أوكرانيا مسيّرات "بيرقدار" في هذه الأوقات العصيبة على طرفيْ الحدود الروسية – الأوكرانية.

وإذا كانت العادة قد درجت على القول إنّ "شرّ البلية ما يُضحك"، فإنّ المضحك هنا هو أنّ بعض الأصدقاء الروس باتوا يتحدثون حاليًا بطرافة عمّا إذا ستكون لهذا المسلسل أجزاء متتالية على شاكلة مسلسل "حريم السلطان".

أمّا البلية، فهي تتمثل في أنّ الرئيس أردوغان بات يتحدث في الآونة الأخيرة عن أنّ شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا لمناطقها السيادية في العام 2014 "هي مناطق تركية"، رافضًا الاعتراف بالسيادة الروسية عليها، وملوحًا بإمكانية استخدام التتار الأتراك للحصول على هذا الحق.

وحتى الآن، يبدو الموقف الرسمي الروسي مقتصرًا على الانتقاد الذي وجّهه الرئيس بوتين، في اتصال هاتفي، لنظيره التركي، في 3 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بخصوص استخدام الجيش الأوكراني للمسيّرات من طراز "بيرقدار"، وهي المسيّرات التي تردّد منذ يومين أنّ قيرغيزستان، حيث توجد قاعدة عسكرية روسية، حصلت عليها أيضًا.

أمّا الموقف الرسمي التركي، فيبقى مفتوحًا؛ كما العادة، على كل الاحتمالات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com