عين الرضا وعين السخط
عين الرضا وعين السخطعين الرضا وعين السخط

عين الرضا وعين السخط

حافظ البرغوثي

لو عقد ملياردير عربي قرانه على نجمة أجنبية لتصدر الخبر الأنباء عن الترف والبذخ، ولو اقترف عربي إثما بتناول الطعام في مطعم فاخر في مدينة أوروبية لبات الأمر مثار جدل إخباري، ولو صاحب شاب ثري عارضة أزياء وظهر في صورة لقامت الدنيا ولم تقعد، ولو ارتكب شخص عربي مشهور امرا ما لتم التشهير به وبدينه وأهله ودولته وجدة عمة خالة أبيه.

لكن أن يقترف رجال الكنيسة جرائم جنسية ضد الأطفال في فرنسا وأمريكا والضحايا بالآلاف، فهذا أمر لا يستحق التركيز، أما إذا اعتدى شاب فوضوي على مقبرة يهودية في فرنسا فتلك تكون جريمة العصر، بينما تنبش جرافات الاحتلال العظام من قبور المقدسيين دون رد فعل استنكاري دولي.

قبل فترة تابعت سلسلة من المحاكمات في الولايات المتحدة لكبار المنتجين ورجال الأعمال الذين اتهموا بالاغتصاب والاتجار بالقاصرات والتحرش، آخرهم منتج الأفلام الإباحية رون جيرمي هايات الذي اتهم العام الماضي بسلسلة من جرائم الاغتصاب بلغت 21 جريمة، وبعض ضحاياه من القاصرات.

وهناك سيدة الأعمال المليارديرة كلير برونفمان التي اعترفت بأنها مذنبة في تحويل مئة مليون دولار لجماعة دينية تستعبد النساء وتهرب نساء لرجال جماعة "نيكسيام" لاستعبادهن جنسيا.

وهناك المنتج السينمائي هارفي واينستين الذي أدين بالاغتصاب وحكم عليه بتعويض الضحايا والسجن 21 سنة، حيث دفع 121 مليون دولار، لكن تم توجيه تهمة جديدة له ما زالت قيد المحاكمة.

كما وجهت 80 امرأة على الأقل، بينهن ممثلات شهيرات مثل غوينيث بالترو وأوما ثورمان وسلمى حايك، اتهامات لواينستين بسوء سلوك جنسي تمتد إلى عقود مضت.

بقيت هناك قضية سيدة الأعمال غيسلين ماكسويل، وهي ناشطة اجتماعية بريطانية، ذاع صيتها بسبب ارتباطها بالخبير المالي ومرتكب الجرائم الجنسية المدان جيفري إبستاين، ففي عام 2020 وجهت إليها تهمة إغواء القاصرين واستغلال الأطفال للاتجار بالجنس.

وكانت غيسلين عملت في البداية مع والدها محتال النشر روبرت ماكسويل حتى وفاته قتلا عام 1991.

ثم انتقلت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وأصبحت شريكة لإبستاين، وواجهت ماكسويل تهمًا تتعلق باستغلال الفتيات القاصرات جنسيا والاتجار بهن من أجل إبستاين وغيره بشكل مستمر.

وكان إبستاين الذي ترك ثروة تقدر بـ 600 مليون دولار عثر عليه ميتا في زنزانته بعد اعتقاله، وأعلن بعض أقاربه أنه قتل لإخفاء كنز من الأسرار لديه، حيث كان على علاقات مع رجال سياسة وأعمال في إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا.

إلى هنا تبدو هذه القضايا الكبيرة وبعضها ما زال أمام المحاكم وكأنها عادية، لكن القاسم المشترك بينها أن أبطالها يهود، ولم تشر الأنباء إلى ذلك، لكن بتتبع سيرتهم الذاتية تكتشف أصولهم.

والسؤال هو ماذا لو كان هؤلاء عربا أو مسلمين؟، وكما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساوئا

فالإعلام الغربي راض تماما عن غير العرب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com