ضرورة توحيد الصف العربي

ضرورة توحيد الصف العربي

إن وحدة الصف العربي واجتماع كلمة الدول العربية اليوم ضرورة ملحّة، لما في ذلك من ضمانة لوجودهم وتحقيقا لهيبتهم، فاجتماع كلمتهم ووحدة صفهم قوة لهم وحصن لأوطانهم ووسيلة لثقافتهم ومشعل لحضارتهم.

إن وحدة الصف العربي اليوم يجب أن تكون من أهم الأولويات الاستراتيجية للدول العربية، فهي النواة لجمع شتاتهم وحفظ بنيانهم وشموخ قوتهم واجتناب بأسهم وعليها ينعقد بعد الله أمل الشباب وأجيال المستقبل وهي لبنة للتضامن الإسلامي مع الدول الإسلامية مستقبلا.

 لقد تكشف للعرب اليوم بعض ما كان يراد بهم من قوى المكر والكيد من أعدائهم، وخيانة ذوي الدسائس والأطماع بهم، وما تبين ليس بحاجة للتدليل عليه، لقد ظهر وافتضح للعموم كيف وظفت تلك القوى ومن تواطأ معها كل الوسائل لتمزيق الدول العربية وإثارة الفتن والقلاقل والفوضى في بلدانهم للإطاحة بهم.

وستظل تلك القوى الماكرة تتربص بهم الدوائر ولن تنفك عن محاولة تحقيق أهدافها، إلا إذا أيقنت أن الدول العربية أصبحت صفا واحدا وكلمتهم واحدة وعملهم واحد، فذلك هو الذي سيجعلها قادرة على ردع المعتدي، وسيجعل تلك القوى الماكرة تجبن عن عدوانها عليهم لأنها قد عرفت أنها أمام عرين مهاب ووعي وثاب.

إن وحدة الصف العربي حلم الشعوب العربية وزعمائها المخلصين، ومطلب الشعوب الإسلامية وزعمائها الصادقين، فقد أمر بها الإسلام، لأن فيها عزا للإسلام والمسلمين، وسببا لقطع طمع الأعداء فيهم وقوة لتمكين العرب من القضاء على من يحاول النيل منهم، وسندا لاستقرار بلدانهم وتقدمها وازدهارها.

إنه من المؤكد أن تحقيق هذه الغاية سيواجه الكثير من الصعوبات والعقبات، إلا أن الصدق والوضوح والتعاون والوفاء بين القادة والزعماء سيذلل تلك العقبات تباعا، وحينها ستنعم الدول العربية بما لم تكن تتوقعه فهيبتهم بين الأمم واجتماع كلمتهم ستسقط عنده كل قوى المكر والكيد والسيطرة والاستعمار، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولا شك أنه لم يتجرأ الأعداء على الأمة العربية إلا بعد أن نجحوا في بث الفرقة بينهم.

يجب على العرب أن يأخذوا العبرة مما مضى من الأحداث وأن يتخطوا تلك المرحلة بمصالحات صادقة وأن يعملوا معا يدا واحدة لترميم علاقاتهم وإصلاحها، ولا شك أن ذلك لا يستلزم أن تتخلى الدول العربية عن كياناتها وحدودها وسيادتها، وإنما يجب أن تتفق على استراتيجية موحدة في المواقف السياسية والعسكرية تكبت أعداءها وتحمي حدودها وسيادتها وتحفظ مصالح شعوبها وتبني اقتصادها وتخلق من التعاون ما يحقق لها كل ما تطمح إليه من المكاسب المعنوية والمادية.

إن تحقيق ذلك الأمر يسير مع الصدق وإن كان يبدو من الصعوبة بمكان، وخير مثال على ضرورة الاجتماع ووحدة الصف اليوم هو ما حققته المملكة العربية السعودية مع دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية من انتصار يفخر به كل شريف.

لقد كان اجتماع كلمتهم وموقفهم سببا لخذلان القوى المتآمرة على العرب فأحبط الله بذلك كيدهم وخططهم الإجرامية لتقويض البيت العربي، وما نشهده اليوم من يقظة كثير من الدول العربية لذلك المخطط الإجرامي وتطلعها لتوحيد الصف العربي يعد فرصة يجب أن يبادر إليها حكماء العرب وساستها لاستعادة وحدة الصف ولم الشتات وحل مشكلات البيت العربي لانطلاقة  قوية صادقة نحو مستقبل مشرق.

إن على الدول العربية اليوم أن تبادر بإحداث ثورة عربية عملية صادقة لجمع الكلمة وتوحيد الصف، وتحقيق كيان مشترك يكون ضمانة لمصالحهم المشتركة وسلامة بلدانهم واستقرارها، فما مضى فيه عبرة كافية للمبادرة نحو وضع ميثاق موحد دفاعي واقتصادي وثقافي مشترك يتفق عليه الصف العربي ويلتزم به، لحفظ استقرارهم ومصالحهم وهيبتهم في هذا العالم الذي يحيك المكائد بأمتي العروبة والإسلام.

إن الدين يحثنا على جمع الكلمة وعدم التنازع ووحدة الصف ونصرة الحق وإعداد القوة الرادعة لأي عدو يهدد كيان هذه الأمة ولكل الخائن يتربص بها قال تعالى: ﴿وإن هذه أُمتكم أُمة واحدة﴾ وقال: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقال: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ وقال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون بها عدو الله وعدوكم).

ويجب أن يدعى لهذه الوحدة جميع العرب يتفقون على ميثاق يكون ضمانة لأمنهم وأهدافهم المشتركة، وليكون أرضية لميثاق مثله للتضامن الإسلامي مع جميع الدول الإسلامية تعزيزا لقوتهم وردعا للشر وأهله.

إن ذلك الأمر وإن كان فيه بعض المشقة والتضحيات إلا أنه هو السبيل الوحيد الذي يمكنهم من استعادة مكانتهم المرموقة في هذا العالم من جديد ويجعلهم يتقدمون إلى مكانهم الصحيح بما يمتلكونه من العوامل والمقومات للوحدة العربية والإسلامية.

إن وحدة الصف العربي تعد اليوم هدفا استراتيجيا للعرب، وضرورة ملحة لاستقرار بلدانهم وتنميتها، وتخلصهم من أشكال الهيمنة والسيطرة والاستغلال، فضلا عن تسنم قيادة العالم للخير والنمو والازدهار. 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com