إطلاق صاروخ باليستي روسي عابر للقارات
إطلاق صاروخ باليستي روسي عابر للقاراترويترز

محللون: مناورات روسيا النووية قرب أوكرانيا تمثل تحذيرا للغرب

من المزمع أن تنطلق خلال وقت قريب مناورات عسكرية نووية جنوب روسيا تشارك فيها قوات منتشرة بالقرب من الحدود الأوكرانية، في أول تصعيد عملي ردًّا على تصريحات مسؤولين غربيين، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه المناورات جاءت بتوجيهات من الرئيس فلاديمير بوتين بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية، مؤكدة بأن "الهدف منها اختبار جاهزية القوات النووية غير الاستراتيجية لأداء مهام قتالية".

لكن هذا "التصعيد النووي" كما وصفه مراقبون، لم يقتصر على الحدود الأوكرانية فحسب بل وصل إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وإزاء ذلك، أعلن سفير المهام الخاصة بوزارة الخارجية الروسية، غريغوري ماشكوف، أن بلاده ستضطر إلى الرد على التهديدات الأمنية الجديدة بما في ذلك مجال "الردع النووي"، في حال نفذت الولايات المتحدة خطتها بنشر صواريخ في منقطة آسيا والمحيط الهادئ.

قوات روسية تتجهز لتدريبات عسكرية
قوات روسية تتجهز لتدريبات عسكريةThe Associated Press

ويرى خبراء روس، حاورتهم "إرم نيوز"، أن الإجراءات والتصريحات الجديدة تعتبر أكبر "تصعيد نووي" يعيشه العالم منذ عقود، معتبرين ما يجري "بالخطوة الأخيرة" قبل الكارثة النووية، فيما أشار آخرون إلى أن "الغرب بدأ يلعب بالنار بالقرب من حدود روسيا والصين، وأن رد موسكو وبكين سيكون عنيفا".

كارثة نووية

ويرى الباحث في الشؤون الدولية سيرغي شابروف أن العالم الغربي "أصابه الجنون وهو يدفع سكان الأرض إلى أخطر حرب قد تكون نووية ما يعني أن كارثة ستمحو معالم أجزاء كبيرة من العالم".

ويشير شابروف، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "التحذيرات الروسية والمناورات التي جرى الإعلان عنها، هي رسائل واضحة للغرب بضرورة الحفاظ على قواعد الاشتباك القائمة حاليا في أوكرانيا، وإلا ستجبر موسكو في نهاية المطاف، إلى حماية وجودها الذي سيهدده دخول الناتو أو دول منه في الصراع مباشرة داخل أوكرانيا".

وأضاف قائلا: "يبدو أن الغرب وصل إلى قناعة قرب انهيار الجبهة في أوكرانيا، وهو يطلق التهديدات هنا وهناك، على أمل أن يردع روسيا"، لافتا إلى "المناورات النووية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع وبأوامر من بوتين شخصيا هي الرد الأولي على هذه التهديدات".

وبيّن أن "دخول أي جندي أجنبي بصفة رسمية، يعني انتقال الصراع من الوكالة إلى حرب مباشرة، وهذا التحول يعني أن الجيوش لن تقابل بعضها البعض؛ لأن السلاح النووي قد يستخدم، وإذا تم ذلك ستندلع الحرب العالمية الثالثة التي ستغير وجه عالمنا إلى الأبد".

وتابع قائلا: "روسيا مستعدة لكل السيناريوهات، ولكن لا أعلم إذا كان الغرب مستعدا، لمواجهة روسيا والصين معا؛ لأن هذه الحرب إذا ما اندلعت لن تقتصر على اللاعبين الحاليين، فهي معركة أقطاب ومعركة وجود وتغيير التاريخ، فإما سيتغير هذا التاريخ بسلاسة وأما سيكون مصحوبا بدمار عظيم لم نراه سابقا".

موسكو وبكين والرد المزدوج

وفي الوقت الذي يشتعل فيه التوتر قرب الحدود الروسية غربا، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لنشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بحسب ممثل قيادة المحيط الهادئ للجيش الأميركي الذي قال في تصريح لوكالة "ريا نوفستي" الروسية، إن نشر الصواريخ سيتم إكماله بحلول نهاية العام الجاري.

وحول هذا الإجراء يقول الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية رومان جورشكوف، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن "الصين وروسيا يتشاركان نفس القلق من هذا التطور"، مبينا أن الخطوة الأمريكية تهدد الدولتين (روسيا والصين)".

مناورات عسكرية مشتركة بين قوات أمريكية وفلبينية
مناورات عسكرية مشتركة بين قوات أمريكية وفلبينيةرويترز

ورأى أن نشر صواريخ في تلك المنطقة سيدفع روسيا إلى إعادة حساباتها النووية خاصة أن القواعد العسكرية الروسية والمفاعلات النووية والكثير من المنشآت الحيوية العسكرية الروسية ستكون في مرمى تلك الصواريخ، وستقصر مسافة وصول الصواريخ المعادية إلى روسيا.

وأوضح أن "هذا الأمر يتطلب إجراءَ ردعٍ نوويٍّ في المنطقة، ولكن هذه المرة بمشاركة الصين التي تعتبر مهدَّدَة من الإجراء الأمريكي وسيكون الرد مزدوجا".

وحول طبيعة الرد المزدوج، يقول جورشكوف، إن "بكين تعي أن هذا التحرك يستهدفها مباشرة، ويأتي في سياق ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي بتفعيل معاهدة دفاع مشترك مع الفلبين بعد التوتر الذي حصل بين سفن صينية وأخرى فلبينية في بحر جنوب الصين قبل مدة".

وقال إن بكين حينها اعتبرت أن أمريكا تسعى لإنشاء حلف شبيه بالناتو من الدول الآسيوية لمواجهة الصين؛ لذلك بات التهديد في عقر دارها.

وأضاف قائلا: "هناك تهديد يمسُّ الصين مباشرة وعلى الطرف الآخر يمس روسيا أيضا؛ لذلك باعتقادي أن الدولتين ستتجهان لإبرام معاهدة مشتركة لمواجهة التهديدات، وسيخلقان مناطق عسكرية جديدة محصنة".

وبيّن أن "هذا يشي بوصول الأمور إلى أعلى حد من التوتر بين الصين وروسيا من جهة، والغرب والولايات المتحدة من جهة أخرى".

وخلص الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية إلى القول: "بعد خلق واقع عسكري جديد مشترك من قبل روسيا والصين في المنطقة تصبح الخطوة التالية بيد الطرف المقابل، فإما التوجه لصدام مباشر أو التراجع عن مخططاته".

عسكرة آسيا والمحيط الهادئ

وفي ذات السياق اعتبر الباحث في الشؤون الآسيوية يفغيني شكودين، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الولايات المتحدة تخلق طابعا تهديديا للصين كما فعل ويفعل الناتو بالقرب من حدود روسيا الغربية، وهناك دلائل كثيرة على هذه التحركات".

وأضاف قائلا: "منذ سنوات تحاول أمريكا عسكرة المنطقة الآسيوية والمحيط الهادئ، وكانت البداية في الفيلبين حيث اتخذ الجيش الأمريكي موضعا له في عدة قواعد عسكرية داخل هذه الدولة وجلها قريبة من حدود الصين".

قوات أمريكية في اليابان
قوات أمريكية في اليابانKyodo

وتابع قائلا: "لم تتوقف أمريكا في عسكرتها للمنطقة عند هذا الحد، بل يتم الآن بناء قاعدة عسكرية في جزيرة تابعة لليابان، وصولا إلى أستراليا وبناء قواعد عسكرية جديدة في تلك الدولة تطل على المحيط".

ويشير شكودين إلى أن كل هذه التحركات "أضافت إليها الولايات المتحدة خطتها بنشر صواريخ في المنطقة، وبهذه الحالة تكون الصين وروسيا محاصرتان بترسانة عسكرية ضخمة من كل جهة، وهو ما يتطلب تحركا صينيا روسيا يواجه هذا التهديد".

وأكد الباحث في الشؤون الآسيوية أن "الغرب يصعّد بقوة بهدف إبطاء ظهور أقطاب عالمية جديدة تنافس الولايات المتحدة على تصميم القرارات الدولية"، لافتا إلى أن "الحرب في أوكرانيا انطلقت لهذه الأسباب، وربما تنطلق حروب أخرى مماثلة في المنطقة الآسيوية".

وأوضح بأنه "لمنع حدوث ذلك على جميع الأطراف التوجه للحوار للاتفاق على صيغة تنظم معالم المرحلة العالمية الجديدة، فالتغيير قادم لا محالة، والوصول له بالاتفاق أفضل للبشرية من الوصول بالدم والدمار والمزيد من الخراب".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com