مقر شركة توتال
مقر شركة توتالرويترز

تحقيق يكشف تورط "توتال" بانتهاكات بيئية تهدد ملايين البشر

كشف تحقيق استقصائي لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن منشآت "توتال إنرجي" في تكساس الأمريكية تتسبب بأضرار بيئية تهدّد حياة نصف مليون شخص، كما تستمر الشركة بتهديد حياة الملايين في بقاع كثيرة من العالم.

وذكرت الصحيفة أن منظمة "ديسكلوز" الفرنسية، أفادت بأن منشآت استخراج الغاز التابعة للشركة في مدينة أرلينغتون بولاية تكساس، تتسبب بكارثة بيئية تهدد حياة السكان الذين يفوق تعدادهم الـ420 ألف نسمة.

وهذه ليست الكارثة البيئية الوحيدة التي يتسبب فيها عملاق الطاقة الفرنسي، بل يطال نشاطها الضار بالطبيعة في أفريقيا وآسيا، وحتى في القطب الشمالي، حيث تستمر في تهديد صحة الملايين.

جريمة تكساس

وتعد أرلينغتون إحدى أفقر مدن الولايات المتحدة، وفيها تملك شركة "توتال إنرجي"، عبر فرعها الأمريكي "تي إي بي بارنيت"، نحو 181 بئر غاز صخري، بينما تمتلك في تكساس كلها ما لا يقل عن 1700 بئر.

وتنتشر معظم الآبار في أرلينغتون بشكل عشوائي قرب الأحياء السكنية، بالرغم من أن استخراج الغاز يلوث الماء والهواء، بغاز أشد سُميّة من ثنائي أكسيد الكربون بأكثر من 80 مرة.

ويستخرج الغاز الصخري عن طريق حفر آبار طولية للوصول إلى تكوينات الصخر الزيتي، وبعدها حفر آبار عرضية والتي من خلالها تضخ المياه الممزوجة بمواد كيماوية بضغط عالٍ لتكسير صخور الغاز، ليتسرب الغاز صعودًا نحو الأعلى عبر الآبار الطولية، وهو ما يسمَّى عملية "التكسير الهيدروليكي".

وتمتد المياه المحقونة في الأرض إلى مئات وآلاف الأمتار، وتُلوّث معها الفرشات المائية، كما يُلوث الغاز المتسرب الهواء.

وقال ألكسندر عبد الإله، الصحافي الذي أنجز التحقيق، إنه كان يتجول في أزقة المدينة الأمريكية حتى صدمته رائحة غريبة في الهواء، وصادفه سياج خشبي عليه لافتة تقول: "ممنوع التدخين أو إشعال الولاعة"، وبعدها بدقائق أحس، وفريق عمله، بآلام حادة في الرأس، وشعور بالغثيان.

وكشف الصحافي الواقع الذي يعانيه سكان المدينة، بفعل عمليات استخراج الغاز التي تقوم بها الشركة الفرنسية، والتي زادت حدة مع ارتفاع الطلب على الغاز بعد الحرب في أوكرانيا، خاصة من قِبل فرنسا، التي يتجه إليها غاز أرلينغتون.

جرائم في أفريقيا

ومنذ العام 2006، تستغل "توتال" حقول النفط حول بحيرة ألبرت غرب أوغندا، وتعمل على مشروع ربط هذه الحقول بالساحل الشرقي لتنزانيا من أجل تسهيل نقله عبر البحر، وهو ما يتوقع أن يكون أكبر خط أنابيب للنفط الساخن في العالم بطول يناهز الـ1400 كيلومتر.

وهذا المشروع سيتسبب بجريمة بيئية تهدد شعبي البلدين، إذ يستلزم عمل الأنابيب تسخينها إلى 50 درجة مئوية لتسييل النفط، وتسهيل نقله، وينتج عن هذه العملية ما يقرب من 33 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي ما يعادل 6 أضعاف الانبعاثات السنوية لأوغندا.

ومع احتساب الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الـ200 ألف برميل التي تنتجها "توتال" يوميًا من حقول أوغندا، وأيضًا انبعاثات النقل والتكرير لمدة 25 عامًا (وهي المدة المفترضة لاستمرار إنتاج تلك الحقول)، يرتفع حجم الانبعاثات إلى 379 مليون طن من الغاز، وهو ما يعادل 25 مرة انبعاثات كل من أوغندا وتنزانيا مجتمعتين.

وتقوم "توتال إنرجي" لتلميع صورتها بما يسمّى "الغسيل الأخضر" لجرائمها البيئية، أي تمويل جمعيات ومشاريع صديقة للبيئة، وهو غالبًا ما ينتهي بمآسٍ اجتماعية.

وكمثال عن هذا "الغسيل"، منذ تشرين الثاني 2012، استأجر عملاق الطاقة الفرنسي أراضي من الحكومة الكونغولية لزراعة ملايين من أشجار السنط على مساحة 40 ألف هكتار، من أجل تعويض 10 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون على مدى 20 عامًا.

وفي تحقيق لموقع "ميديابارت"، في تاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، تبين أن الأراضي التي استحوذت عليها "توتال" بموجب عقد إيجار، كانت لمزارعين وانتُزعت منهم بشكل قسري، ومُنعوا من مزاولة النشاط الذي كان مصدر قُوت عائلاتهم.


القطب الشمالي

وسلط تحقيق آخر لـ"ميديابارت"، الضوء على مشروع ضخم لشركة "توتال" في القطب الشمالي، حيث تحتوي القارة المتجمدة على 30% من احتياطي الغاز في العالم.

ويكلف المشروع الفرنسي حوالي 26 مليار يورو، وبطاقة إنتاجية تتراوح بين 16 و18 مليون طن سنويًا من الغاز المسال، ويعد أخطر من أي مثيل له في مناطق أخرى من العالم، بحسب التحقيق، لكون الظروف الطبيعية في القارة المتجمدة تحتاج إلى طاقة أكبر لإسالة الغاز، بما يعني انبعاثات مضاعفة.

المصدر: صحيفة اليبراسيون

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com