لحظة إطلاق صاروخ روسي عابر للقارات
لحظة إطلاق صاروخ روسي عابر للقارات رويترز

الضغط على زر النووي.. تقرير ينتقد "استخفاف" واشنطن بتهديدات بوتين

دعت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، المسؤولين في واشنطن إلى أخذ تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "النووية" على محمل الجد، وقالت إن استبعاد لجوء موسكو لهذا الخيار هو اعتقاد خاطئ.

وذكرت المجلة في تقرير أن المسؤولين في الولايات المتحدة دأبوا منذ وقت طويل على استبعاد أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تصعيد نووي ووصفوه بأنه احتمال "ضئيل للغاية"، والهدف منه الترهيب، بحسب وصف مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز في خطاب ألقاه في شهر فبراير/شباط الماضي.

ورأت المجلة أن عدم تصديق واشنطن لهذا الأمر بات مفهومًا إلى حد ما، رغم أن الحرب الروسية في أوكرانيا أثارت مخاوف من نشوب صراع نووي صريح بين الغرب وروسيا.

وبحسب التقرير فإن المسؤولين الأمريكيين لا يعتقدون أن الحرب في أوكرانيا قد تدفع روسيا إلى استخدام ترسانتها النووية ضد دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، على الرغم من غضبها من الغرب لدعمه أوكرانيا.

لكن المجلة ترى أن "الرئيس الروسي قد لا يستخدم سلاحًا نوويًّا في ساحة المعركة في أوكرانيا، ولكن من المحتمل جدًّا أن يتحرك نحو استخدام هذا السلاح ضد الناتو".

وتقول "فورين أفيرز": "خلافاً للغرب، لا يخشى بوتين حدوث مواجهة نووية وربما يرى نفسه مؤهلاً بشكل فريد لإدارة أزمة نووية"، مشيرة إلى تهديدات بوتين المتكررة باستعداده لاستخدام هذا السلاح للدفاع عن مصالحه ضد الغرب.

مواجهة ليست وشيكة

على الرغم من أن استخدام السلاح النووي الروسي ليس أمرًا وشيكًا، كما ترى المجلة، لكن بوتين قد يتحرك بسرعة كبيرة، حتى لا يمنح الولايات المتحدة فرصة للمناورة بعيدًا عن الأزمة.

نظام صاروخي باليستي روسي عابر للقارات من طراز يارس في الساحة الحمراء
نظام صاروخي باليستي روسي عابر للقارات من طراز يارس في الساحة الحمراءرويترز

وتابع التقرير أن "أوكرانيا تعد قضية مركزية للكرملين، لكنها ثانوية للبيت الأبيض"، مشيرا إلى أن بوتين يتوقع أن تتراجع واشنطن عن خوض أي حرب نووية بعيدا عن أراضيها.

ودعا التقرير الولايات المتحدة إلى البحث عن طرق لمنع روسيا من استخدام الترسانة النووية، من خلال إقناع النخب في البلاد بعرقلة أي قرارات، وأن "موسكو يمكن أن تتنازل عن أوكرانيا دون هزيمة أو الوقوع في أخطاء فادحة".

واعتبرت المجلة أن ذلك من شأنه أن يجنب واشنطن الاضطرار إلى اتخاذ "قرارات خطيرة" في وقت لاحق، تحت الضغط الشديد الناجم عن المواجهة النووية.

"سوء فهم"

ولطالما "أخافت روسيا خصومها بالترسانة النووية التي تمتلكها، وظهر ذلك منذ بدء الحرب في أوكرانيا"، بحسب التقرير الذي تطرق للحديث عن تعليق بوتين مشاركة بلاده في "معاهدة ستارت الجديدة"، التي تنظم عدد الأسلحة النووية.

وفي مارس/آذار، أعلن الكرملين أنه سينقل بعض أسلحته النووية إلى بيلاروسيا، قبل أن يلوح باستئناف التجارب النووية، بالتزامن مع تهديد مارسه المسؤولون بشن هجوم نووي، كما فعل الرئيس السابق دميتري ميدفيديف في يوليو/تموز، عندما قال إن روسيا قادرة على استخدام ترسانتها لإنهاء الحرب في غضون أيام قليلة.

واعتبرت المجلة أن المسؤولين الأميركيين كانوا يستمعون ويشاهدون هذه التهديدات باستخدام الأسلحة النووية دون الاقتناع بها؛ لأنهم يتصورون أن موسكو قد تستخدم ما يسمى بالأسلحة النووية التكتيكية الصغيرة في ساحة المعركة، ولكن ليس الأسلحة النووية الكبيرة ضد دول الناتو.

في غضون ذلك، استبعد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال حديث مع خبراء أمريكيين في فبراير/شباط أن تستخدم روسيا أسلحة نووية إستراتيجية في أوكرانيا أو ضد الغرب، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.

لكن "فورين أفيرز" ترى أن "الرضا المتزايد" بين المسؤولين الأمريكيين يستند إلى "سوء فهم" لخطاب بوتين والديناميكيات التي تمنع موسكو من استخدام الأسلحة النووية.

وأضافت: "عندما يستخدم بوتين ترسانته، فإنه لا يحاول التحذير من أن روسيا قد تستخدم الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا، بل إن خطابه يهدف إلى تهديد حلف شمال الأطلسي نفسه".

واعتبرت أن ذلك بمثابة "ضوء أحمر" و تحذير لصناع القرار الأمريكيين بأن موسكو مستعدة لخلق مواجهة نووية مع واشنطن إذا لزم الأمر لتحقيق النصر في أوكرانيا.

وحتى لو استخدمت موسكو السلاح النووي التكتيكي، فإنه لن يساعدها في كسر حالة الجمود في أرض المعركة، كما أنها لا تمتلك قوات احتياط لسد أي ثغرة تنتج عن ذلك، علاوة على أنها لن تكسر إرادة الشعب الأوكراني، كما تظهر استطلاعات الرأي، بحسب المجلة الأمريكية.

ونصح التقرير واشنطن وأصدقاءها برصد المخاطر الأكثر تهديدًا باحتمال استخدام روسيا السلاح النووي في أوكرانيا، كبدء روسيا بنقل حاملات الأسلحة النووية خارج قواعدها العادية، وتحريك غواصاتها ذات الصواريخ الباليستية إلى البحر.

وأضاف، "مثل هذه التصرفات لا ترقى إلى مستوى الاستخدام الفعلي للقنابل النووية، لكنها ستظل مثيرة للقلق العميق"، مشيراً إلى ذلك من شأنه أن يجبر واشنطن وحلفاؤها على الفور لوضع خطر نشوب حرب نووية في حساباتهم.

السيناريو الأسوأ

وحذرت المجلة من أن السيناريو الأسوأ في الحرب الأوكرانية يتمثل في قيام الكرملين بإحداث "صدمة للعالم" لحمله على إنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط بوتين، وذلك من خلال إطلاق روسيا سلاحا نوويا بشكل مباشر على أراضي حلف شمال الأطلسي.

وأفادت فورين أفيرز أن 80% من المساعدات العسكرية لأوكرانيا تتدفق عبر قاعدة جوية واحدة في شرق بولندا، ومن ثم فمن المحتمل أن تكون تلك القاعدة هدفًا رئيسًا لهجوم روسيا النووي، وفي مثل هكذا سيناريو فقد تنتقم الولايات المتحدة بعد ذلك بضربة نووية من جانبها؛ ما سيضع العالم على حافة الدمار.

وشددت المجلة على أن القوات التقليدية لحلف شمال الأطلسي تتفوق على القوات التقليدية الروسية، وبالتالي فإن بوتين لن يرغب في منح واشنطن الوقت والمساحة للرد عليها؛ ولذلك سيرغب في الوصول إلى استخدام المستوى النووي والذي تُعتبر فيه روسيا ندًّا للولايات المتحدة.

واعتبرت المجلة أن محاولات المسؤولين الأمريكيين لتخويف روسيا من "عواقب كارثية" لاستخدامها الأسلحة النووية لن يردع الرئيس الروسي عن القيام بذلك، إذ ينظر بوتين إلى هذا التهديد باعتباره خدعة أمريكية فهو يعلم أن واشنطن لا تريد في نهاية المطاف المخاطرة بالدخول في صراع نووي من أجل أوكرانيا.

أخبار ذات صلة
صفعة جديدة للنفوذ الروسي.. أوكرانيا تقترب من التوقيع على اتفاق نووي مع بلغاريا

وأضافت أن بوتين ملتزم بشدة بتحقيق النصر في أوكرانيا، إلى درجة أنه قد يقرر التصعيد السريع، حتى لو كان يعتقد أن الولايات المتحدة جادة في الرد على استخدامه السلاح النووي .

وتعتقد المجلة الأمريكية أن "بوتين يتوقع أنه قادر على الفوز في "حرب الإرادات" في حالة حدوث أزمة نووية"، وأن واشنطن لا تستطيع ردعه عن استخدام الأسلحة النووية.

ولتجنب حدوث ذلك، شددت "فورين أفيرز" أنه على واشنطن أن تتخذ "مسارًا مختلفًا" تجاه ذلك بالعمل على تحريض المعارضة الداخلية ضد هذا القرار، لكنها شددت على أن ذلك لن يكون سهلا في نظرا للعلاقات السيئة بين البلدين.

ودعت المجلة واشنطن إلى البدء بعملية انخراط أكبر مع موسكو، رغم أن ذلك قد "يبدو بغيضًا"، واعتبرت أن على المسؤولين في واشنطن والاستخبارات إقامة المزيد من الاتصالات المباشرة مع موسكو وإقناعهم بوجود مسارات للخروج من أوكرانيا بدون "نصر أو هزيمة مذلة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com