بلينكن يتحدث لوسائل الإعلام من ميناء أشدود الإسرائيلي
بلينكن يتحدث لوسائل الإعلام من ميناء أشدود الإسرائيليرويترز

هل عادت الدبلوماسية الأمريكية إلى الأسلوب الكلاسيكي؟

لا تكاد جولات وزيارات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لدول المنطقة تنتهي حتى تبدأ جولة أخرى، في جهد دبلوماسي ينشط في المنطقة منذ اليوم الأول لأحداث السابع من أكتوبر، وهو ما أثار تساؤلات حول الأسلوب الذي تنهجه أمريكا في تعاملها مع الملفات الراهنة، وما يشوبه من تناقض بين الأقوال والأفعال.

الوزير بلينكن يبدأ وينهي زياراته بتصريحات تشير إلى الأهداف المعلنة من لقاءاته مع القادة وكبار المسؤولين في الدول العربية وإسرائيل إضافة إلى تركيا بعنوان السعي لوقف الحرب في غزة.

وباستعراض الجهود الدبلوماسية الأمريكية والمقاربات التي تعمل عليها بشأن ملف الحرب على غزة، نجد أنها مرت بمنعطفات وتغيرات مفصلية، بين الأسابيع الأولى من بداية الحرب والأسابيع الأخيرة الحالية.

تطابق تام

وبغض النظر عن التوافق معها أم لا، شهدت البدايات تطابقًا تامًّا بين التحركات والأهداف الدبلوماسية الأمريكية والممارسات على أرض الواقع بنسبة كبيرة تصل إلى التوافق التام بين الأقوال والأفعال.

فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت منذ اليوم على لسان الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية بلينكن الدعم الكامل واللامحدود لإسرائيل وأحبطت جميع محاولات إصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في غزة رافقه إمدادات بالأسلحة والذخائر والمعلومات الاستخبارية.

وترجمت إدارة البيت الأبيض موقفها الدبلوماسي والسياسي من خلال إجراءات عملية على الأرض، كان أبرزها تحريك بارجاتها وحاملات الطائرات إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط حماية لإسرائيل.

وعلى إثر الضغوط والانتقادات الدولية والداخلية التي تعرَّضت إليها إدارة الرئيس بايدن جراء استمرار الحرب لأشهر، بدا واضحًا تغير إستراتيجيات وأدوات الإدارة الأمريكية في التعاطي مع ملف الحرب على غزة. كما إن تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع وارتفاع عدد الضحايا والمصابين إلى أرقام غير مسبوقة، وظهور بوادر توسعها في المنطقة أصبح عاملًا ضاغطًا على الإدارة الأمريكية خصوصًا في ظل سباق الانتخابات الرئاسية.

عودة للأسلوب الكلاسيكي

لكن هذه التغيرات في السياسة الأمريكية لم تأخذ منحى إيجابيًّا، بل على العكس، فقد عادت السياسة الأمريكية الى الأسلوب التقليدي الكلاسيكي الذي يتمحور حول التناقض بين الأقوال والأفعال.

فالدبلوماسية الأمريكية بقيادة وزير الخارجية بلينكن لم تعد تصرّح بالدعم المطلق لإسرائيل، وتحاول الظهور بموقف متوازن من خلال إعلان رفضها اجتياح رفح ودعمها جهود الوساطة والتفاوض بين إسرائيل و"حماس" لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار، إضافة إلى امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير المطالب بوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن كل المحتجزين، والإسراع بدخول المزيد من المساعدات للقطاع ولم تستخدم حق النقض (الفيتو).

أخبار ذات صلة
بلينكن من تل أبيب: واشنطن مصممة على اتفاق هدنة في غزة

وبالتدقيق في التحركات الأمريكية والممارسات على الأرض يبدو جليًّا التناقض بينها وبين ما تعلنه الدبلوماسية الأمريكية. فبخصوص عملية اجتياح رفح التي يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارًا أنها واقعة لا محالة لا تجد معارضة أمريكية حقيقية، فالإسراع بعملية بناء وتجهيز الميناء العائم الذي تنفذه القوات الأمريكية على شواطئ غزة يعزز سياسة استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر البرية في إشارة لمباركة أمريكية لإطالة أمد العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.

كما إن الإدارة الأمريكية لا تمارس ضغطًا حقيقيًّا ملموسًا على أطراف عملية التفاوض بدليل تعثّرها على مدى الشهرين الماضيين، فضلًا عن أن الإدارة الأمريكية تركز على الاطلاع على الخطط العسكرية المتعلقة بعملية اجتياح رفح لضمان عدم استهداف المدنيين على حد تعبيرها؛ ما يشير إلى عدم رفضها عملية الاجتياح، ولكن لديها تحفظات على طرق التنفيذ.

ولو كان هنالك إرادة سياسية أمريكية حقيقية لرفض أو منع إسرائيل من اجتياح رفح لكانت، على اقل تقدير، أجلت المساعدات العسكرية لإسرائيل التي وافق عليها مجلس الشيوخ الأمريكي قبل أيام بحزمة مساعدات وصلت إلى ما يقارب 26 مليار دولار أمريكي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com