هنري كيسنجر
هنري كيسنجررويترز

كيسنجر.. صانع الرؤساء وطائر فنيق الدبلوماسية الأمريكية

من صُنع "ربيع" الدبلوماسية الأمريكية إلى "خريف العمر" ترجّل هنري كيسنجر، مثقلا بمائةِ عامٍ تركت أثرَها ونُدوبَها على وجه الدبلوماسي الأكثر شهرة وإثارةً للجدل في العقود الأخيرة، وبملفات لا تزال تُمسك بتلابيبه حتّى الرمق الأخير.

رحل وزير الخارجية الأمريكي الذي يوصف بأنّه "مهندس" حل الأزمات، لا سيما مع المعسكر الشرقي، بانتشال بلاده من مستنقع فيتنام، وتخفيف التوتّر مع الاتحاد السوفييتي وفتح قنوات التواصل مع الصين.

ولعقود من الزّمن، ظلّ كيسنجر واحدا من صانعي السياسة الخارجية الأمريكية، سواء في منصبه كوزير للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، أو كمستشار للأمن القومي في واحدة من أشدّ المراحل حساسية، مرحلة الحرب الباردة، وهو فوق كل ذلك واحد من أبرز "صانعي" الرؤساء في بلاده.

والرّجل الذي وصفته صحيفة "لوموند" الفرنسية بـ"طائر فنيق" الدبلوماسية الأمريكية عرف مسيرة متقلّبة ومثيرة، فكلّما تلقى ضربة عاد لينتفض مجددا، ويثبّت نفسه "عملاقا للدبلوماسية الأمريكية" بحسب توصيف وكالة الصحافة الفرنسية.

ولاحقت كيسنجر جملة من القضايا والاتهامات وصلت إلى حدّ اتهامه بارتكاب "جرائم حرب" والتحريض على زعزعة استقرار دول، عبر إطالة أمد حرب فيتنام وتوسيع دائرة الصراع إلى كمبوديا وتسهيل عمليات الإبادة الجماعية التي حصلت فيها، فضلا عن دعمه الانقلابات في دول أمريكا اللاتينية.

ويذهب كاتب سيرته غريغ غراندين، إلى القول إنّ يدي كيسنجر ملطّخة بدماء نحو ثلاثة ملايين شخص في العالم، لكن من المفارقات أنّ الدبلوماسي الأمريكي حصل سنة 1973 على جائزة "نوبل" للسلام مع نظيره الفيتنامي الشمالي لو دوك ثو لتوصلهما إلى اتفاق لإنهاء حرب فيتنام.

وعايش الرجل على امتداد قرن أحداثا دولية لافتة ومفصلية، من الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الباردة وصولا إلى حرب الخليج الأولى والثانية، بل إنّ الدبلوماسي الأمريكي الذي فقد بعضا من قدرته على السمع وعلى الرؤية جيدا حرص في سنوات حياته الأخيرة على إصدار كتابيْن يهتمّ أحدهما بالذكاء الاصطناعي ومخاطره وتحدياته.  

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com