رغم الغزو الروسي..  حملات تقاتل دفاعًا عن حقوق المثليين في الجيش الأوكراني‎‎

رغم الغزو الروسي.. حملات تقاتل دفاعًا عن حقوق المثليين في الجيش الأوكراني‎‎

تعيش أوكرانيا، في الشهور الأخيرة، عملية عسكرية روسية واسعة النطاق، وفي خضم الانشغال بالغزو الروسي إلا أن هناك من يقاتل في حرب أخرى، من أجل الدفاع عن حقوق "المثليين" في الجيش الأوكراني.

النائب الأوكراني "أندري كوزهيمياكين" جاسوس سابق محافظ وأحد الأشخاص المستبعد انضمامهم للدفاع عن حقوق "المثليين" في أوكرانيا.

ولأول مرة هذا العام، شهد البرلمان الأوكراني، الذي ما زال يمارس مهامه رغم الحرب، طرح مشروع قانون زواج مدني من شأنه أن يمنح الشراكة بين "المثليين" وضعًا قانونيًا.

وكانت لجنة "كوزهيمياكين" أول مَن ناقش التشريع المقترح، وتهيأ الفريق الذي عمل على تقديمه للهزيمة لدرجة أنهم جهزوا بيانًا لهذه المناسبة.

وبالفعل، بدأ "كوزهيمياكين" حديثه بكلمات يعرفونها جيدًا عن تدريبه في الاستخبارات السوفيتية KGB، ومعتقداته الدينية، و"رأيه الشخصي بشأن المثليين".

لكنه، بعد ذلك، أعلن عن دعمه المخلص للتشريع، مشيرًا إلى ادعاء فلاديمير بوتين الذي ينم عن رهاب "المثليين" بأنه "لا يوجد روس مثليون"، حيث قال كوزهيمياكين: "أي شيء يكرهه عدونًا أنا أؤيده".

وأضاف: "حتى لو أن المثلية لم تكن موجودة في روسيا، فإنه يجب أن تُوجد وتؤيَّد لنُظهِر لهم أننا مختلفون. هذا القانون أشبه بابتسامة من جانبنا لأوروبا، وعلامة تحدٍ وازدراء لروسيا. ولذا، فأنا أؤيده".

وتحاول حاليًا "إينا سوفسون" عضوة البرلمان، التي صاغت مسودة القانون، الحصول على موافقة البرلمان عليه، واصفةً خطاب كوزهيمياكين بأنه "أكثر شيء غير متوقع رأيته في حياتي السياسية".

وكانت "سوفسون" تُفضل الحصول على مناصرين يؤمنون بالحُجة الأخلاقية لزواج المثليين، ولكنها تواجه صراعًا مريرًا للموافقة على القانون، وخطاب كوزهيمياكين أثبت أن "هناك أشخاصًا يمكن أن يدعموا مشروع القانون لأسباب مختلفة".

وبدأت "سوفسون" العمل على التشريع بعد فترة وجيزة من إرسال موسكو قواتها عبر الحدود؛ إذ جعلت الحرب الدفاع عن حقوق "المثليين" ضرورة أكثر إلحاحًا في ظل موت الأوكرانيين دفاعًا عن بلدهم.

وكان فريق "سوفسون" يجمع تبرعات للحصول على معدات لدعم صديق "مثلي" مجند في الجيش، حين أدركوا أن منصبها في البرلمان يمكن أن يتيح لها دعم ذلك الصديق بطرق أخرى.

ومن خلال القانون، أراد أفراد الفريق أن يثبتوا لصديقهم — ولكل الجنود المثليين الذين يحاربون من أجل أوكرانيا — أن البلد الذي لديه الاستعداد للموت في سبيله بلدٌ "يحترمه، ويحترم قيمه وهويته"، على حدِّ قول سوفسون.

تنمر شديد

وبحسب تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، حققت أوكرانيا تقدُّمًا هائلًا في حقوق المثليين، ولكن رُهاب المثلية ما زال منتشرًا، ويتعرض الجنود المثليون لتنمر شديد غالبًا حتى على جبهة القتال، والدستور يُعرِّف الزواج بأنه علاقة بين رجل وامرأة.

وتقول الصحيفة إنه "لا يمكن تغيير القانون والبلد في حالة حرب، هذه هي المشكلة القانونية التي استخدمتها حكومة فولوديمير زيلينسكي لاستبعاد المطالبات بحقوق مساوية للجنود الذين يحاربون ويلقون حتفهم لحماية تلك الحكومة".

ويقول ماكسيم بوتابوفيتش، وهو عضو في مجموعة حملة "جيش المثليين" وينشر صورًا وقصصًا عن المقاتلين المثليين: "نحن بحاجة للموافقة على هذا القانون في وقت الحرب لكي نمنح جنودنا في أرض المعركة مزيدًا من الثقة، ولكي يعلموا أيضًا عند عودتهم إلى الحياة المدنية أنهم بينما كانوا يحاربون من أجلنا في الخنادق، كنا نحن نحارب (من أجلهم) هنا". 

ويعني الزواج المدني تقديم الدعم المالي، والاعتراف الرسمي بشركاء الجنود الذين لقوا حتفهم، والحق في اتخاذ القرارات الطبية في حالة إصابة أحبائهم، وهذه ليست مشكلات نظرية.

ووفقًا للتقرير، فإن "الكثير من الأوكرانيين المثليين لم يصارحوا عائلاتهم بمثليتهم، أو تعرضوا للرفض منها. وإذا كانوا غير متزوجين أمام القانون عند مقتلهم، فإن أولئك الأقرباء لهم الحق في اتخاذ قرارات مهمة بشأنهم. ويخشى البعض من أن شركاءهم سيُمنَعون من حضور الجنازة، بل ولن يُخطَروا حتى بالوفاة".

مخاوف

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اشتهرت ليدا كوزماشيفيسكا بمنشور لها على "فيسبوك" توضح فيه أنها تزوجت من أعز أصدقائها لتتأكد من احترام رغباته.

وتحت عنوان "أوقات عصيبة، وزيجات صعبة"، كتبت كوزماشيفيسكا: "سأصبح زوجة جندي".

وقالت: "سأتحمل مسؤولية البحث عن جثمانه، والتعرُّف عليه ودفنه، وإخطار الأقارب والأصدقاء، ولن أطلب من قس إقامة الجنازة لأن زوجي لا يرغب بذلك".

وأضافت: "ليس ذلك بالشيء الذي أرغب بفعله، أو من المفترض أن أفعله فزوجي لديه زوج بالفعل، وعاشا معًا لمدة 15 عامًا. ولكنهما في نظر دولة أوكرانيا غريبان عن بعضهما البعض".

وتحوَّلت مخاوف ديمترو إلى حقيقة، في نهاية ديسمبر/كانون الأول، عندما أُصيب شريكه أوليسكي، الذي عاش معه لمدة 5 أعوام، إصابةً خطيرة.

ويقول ديمترو عندما أبلغ بالحضور إلى مستشفى في دنبرو: "كنت على بعد 15 كيلومترًا فقط عندما تلقيت اتصالًا من شخص يقول لي (لا داعي للعجلة) لقد توفي شريكك".

ويتحدث ديمترو، وهو مدير منظمة غير ربحية، عن خسارته تلك الآمال في مساعدة الأوكرانيين وغيرهم على فهم سبب الأهمية البالغة للقانون الجديد.

ويقول: "لا يتعلق الأمر بالمال، وإنما يتعلق قبل كل شيء بالتمكُّن من رؤية شريكك الذي تحب، وفي المستشفى كانت أسرته متقبلة لوضعنا لكن آخرين لم يتقبلوه، ورغم أن قانون الزواج المدني هذا لا يحل كل المشكلات عند وقوع أمر سيئ، فإنه يحل معظمها".

ويقول ماكسيم بوتابوفيتش عضو مجموعة الناشطين "جيش المثليين" إنه "بعيدًا عن الواقع العملي، أوضحت الحرب أن ثمة ضرورة وجودية مُلحة للدفاع عن المساواة في الحقوق، ومناهضة رهاب المثلية من أجل الكثير من الأوكرانيين المثليين".

ويضيف: "إنهم يشعرون حقًا أثناء الحرب أن حياتهم يمكن أن تنتهي سريعًا، ولذلك فإنهم يودون أن يعيشوا حياتهم بأقصى قدر ممكن من الحرية، وهذا يشجعهم على الإفصاح عن مثليتهم رغم رهاب المثلية الموجود في وحداتهم العسكرية".

إصرار على القتال

تقول أولجا كولوميتس، وهي قنَّاصة: "سنجعلهم يعيدون التفكير، وإذا حاربت فحارب حتى النهاية، هذا شعاري في الحياة، وصوت شخص واحد أو اثنين أو ثلاثة قد لا يُسمَع، ولكن إذا قاوم الكثيرون منا سيسمعوننا".

وتُقدِّر "سوفسون" بأنها تقضي حوالي 70% من وقتها في ممارسة الضغوط للحصول على تأييد للقانون داخل البرلمان الذي يتسم أعضاؤه بأنهم أكثر تحفظًا بشأن هذه القضية من المجتمع الأوكراني بوجه عام، ولكن الحرب جعلت حملتها أيسر بعض الشيء.

وتضيف: "أقول لهم: وأنتم هنا في كييف تشربون قهوتكم، ما الرسالة التي تبعثون بها إلى الجنود المثليين في أرض المعركة بشأن حرمانهم من حقوقهم؟".

وتوجد دعوى قضائية كذلك تسير بخطى بطيئة في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأمر الذي يجعل "سوفسون" واثقة من أنها - في النهاية - ستحقق النصر.

وقبل حوالي 10 أعوام، قاضى رجلان أوكرانيان عاشا معًا لمدة 10 أعوام الحكومة لإنكارها الحقوق التي يتمتع بها الأزواج مختلفو الجنس.

وكانت المحكمة قد حكمت في السابق لصالح شريكين روسيين رفعا قضية مماثلة، ولكن موسكو تجاهلت الحكم.

ومن المتوقع أن يصدر حكم في القضية الأوكرانية خلال شهور، وتقول "سوفسون" إن العمل بالحكم سيكون إلزاميًّا.

إيفان ورمان شريكان ينتظران، ضمن شركاء آخرين، صدور القانون، وإيفان عضو في وحدة استطلاعية تعمل خلف خطوط العدو، ما يُعَد إحدى أخطر الوظائف في الجيش.

وكشف عن هوية "إيفان" شخصٌ في وحدته استرق السمع على مكالمة بين إيفان وشريكه، وكان رد الفعل الفوري لزملائه من الجنود انعكاسًا لرهاب المثلية الذي يمنع الكثير من الأوكرانيين من الإفصاح عن ميولهم.

وأُرسِل "إيفان" للنوم في قبو، وتعرَّض للتنمر من بقية الجنود. ويقول: "الأشخاص الأكثر قربًا مني ممن خدموا معي في الفصيلة ذاتها كانوا أكثر تفهمًا، ولكن الآخرين الذين لا يعرفونني جيدًا أخذوا يلقون نكاتًا سخيفة".

ويقول: "أقوم بإحدى أخطر المهام في الجيش، ومع ذلك لا يحترمونني". ورغم ذلك، فإن الرجلين لا يندمان على اختيارهما ويقولان: «نرى مستقبلًا جيدًا في أوكرانيا، ولذلك تطوعنا للقتال".

صحيفة "ذا غارديان"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com