مبنى كروكوس سيتي هول بعد الهجوم
مبنى كروكوس سيتي هول بعد الهجومرويترز

هل يجر هجوم موسكو أوروبا إلى حرب استخباراتية؟

يثير الموقف الرسمي الروسي من هجوم موسكو الأخير والشكوك حول الجهات التي تقف وراءه، مخاوف حقيقية من الذهاب نحو ردود انتقامية قد تورّط كامل أوروبا في حرب استخباراتية ذات نتائج كارثية.

ولا تبدو موسكو مقتنعة تماما بإعلان تنظيم "داعش خراسان" مسؤوليته عن الهجوم، وتعتبر أنّ ذلك لا يُعد كافيا لتبرئة خصمها الأوكراني ومن ورائه الغرب الذي يقف معارضا للحرب التي يخوضها الروس هناك منذ أكثر من عامين.

ويبدو أن الخطر القادم يكمن في تبني الدولة الروسية وأجهزتها الاستخبارية لنظرية الردود الانتقامية من الجهات أو الدول التي تقف وراء هجوم موسكو؛ ما سيعزز فرضية وقوع هجمات إرهابية في الدول الأوربية "المتورطة" من وجهة النظر الروسية أو حتى استهداف المصالح الأمريكية حول العالم، وبالتالي تتورط أوروبا في حرب بين الأجهزة الاستخبارية من خلف الكواليس وستكون نتائجها كارثية.

علامات استفهام

ورغم أن الهجوم الذي استهدف قاعة حفلات في مدينة كروكوس في ضواحي موسكو وأدى إلى مقتل 140 شخصا و360 مصابا يأخذ طابع الهجمات الإرهابية التقليدية خصوصا بعد إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه، إلا أن توقيت الهجوم وكيفية تنفيذه واستهدافه لروسيا تحديدا يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة الجهة التي خططت له والأهداف المرغوبة من تنفيذه، على الأقل من وجهة نظر روسيا.

هذا التنظيم، الذي يُعد التنظيم الإرهابي الدولي الأبرز منذ العام 2011 بعد أفول تنظيم "القاعدة"، تبنى معظم الهجمات الإرهابية التي وقعت في الكثير من دول العالم وفي روسيا تحديدا من خلال ما يسمى تنظيم "داعش – ولاية خراسان"، الفرع الأنشط في التنظيم خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

وفي سبتمبر 2022، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير انتحاري تسبب في سقوط قتلى بالسفارة الروسية في العاصمة الأفغانية كابل، وفي 2021 نفذ التنظيم هجوما على مطار كابل الدولي أدى إلى مقتل 13 جندياً أمريكياً وعشرات المدنيين خلال عمليات الإجلاء الأمريكية من أفغانستان.

أخبار ذات صلة
روسيا: "من الصعب للغاية" تصديق أن داعش وراء هجوم موسكو‎

وبعيدا عن الخوض في إيدولوجية التنظيم وأساليب تنفيذ عملياته الإرهابية التي باتت معروفة، يأتي هذا الهجوم في موسكو في خضم الحرب الروسية – الأوكرانية بكل تعقيداتها التي تقف فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الأوروبية الأعضاء في حلف "الناتو" الأوروبية في المعسكر المعادي لروسيا.

كما تزامن الهجوم الإرهابي الدامي مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية التي حقق فيها الرئيس فلاديمير بوتين فوزا ساحقا، وهذه المعطيات ستقود بالضرورة الدولة الروسية ودوائر صنع القرار فيها وأجهزتها الاستخبارية إلى افتراض تورط "العدو الأوكراني" وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية إلى أن يثبت العكس.

شكوك روسية

وما ضاعف الشكوك الروسية حول طبيعة الجهة التي تقف خلف التحضير والتخطيط للهجوم تمكّنت الأجهزة الأمنية الروسية من إلقاء القبض على عدد من المنفذين والمتورطين أثناء محاولتهم الفرار إلى أوكرانيا عبر الحدود.

ولا يبدو أنّ تبني تنظيم "داعش – خراسان" للعملية الإرهابية يشكل دليلا قاطعا على براءة أوكرانيا والأجهزة الاستخبارية الغربية من تهم التخطيط للعملية من وجهة نظر روسيا.

وما يعزز قناعة الروس بهذا التوجه أنه وفي أوج توقيت التدخل الروسي في الحرب السورية وأفغانستان وعملياتها في دول آسيا الوسطى التي ينتمي إليها معظم المنفذين، لم يتم تنفيذ عملية مشابهة وتحديدا في قلب العاصمة موسكو.

ومن ناحية أخرى تشير الكثير من الدلائل إلى أن المنفذين هم مقاتلون مرتزقة من بين آلاف المرتزقة الموجودين في أوكرانيا، فأساليب التنظيم التقليدية تلجأ في حالات مشابهة إلى تنفيذ هجمات انتحارية وهو المنهج العقائدي لمقاتلي "داعش" عموما في حال استهداف البلدان المستقرة ذات القبضة الأمنية القوية كما في الحالة الروسية، ذلك أن استراتيجية المقاتلين تقوم على عدم تمكنهم من الفرار من موقع الهجوم، إضافة إلى تنفيذ عمليات احتجاز الرهائن.

ولكن في الهجمة الإرهابية الأخيرة في موسكو نفذ المسلحون عمليتهم بأسلوب "الرامي النشط" Active Shooter والفرار من الموقع مباشرة، ما قد يدلّ على أنهم مقاتلون مرتزقة يتم تجنيدهم من قبل أجهزة استخبارية للتنفيذ وتأمين الفرار مباشرة.

وقد أصبح تنظيم "داعش" عموما العلامة التجارية الإرهابية لكل "منتج" إرهابي حول العالم حيث يتم إصدار بيان أو فيديو من خلال مواقع التواصل يتبنى فيه مصدر مجهول الهجوم الإرهابي باسم التنظيم.

ومن وجهة نظر استخبارية بحتة لا يوجد في الوقت الحالي، (بعد انحسار وانهيار التنظيم في سوريا والعراق)، تنظيم قائم بالمفهوم التقليدي لـ"داعش" أو "القاعدة"، مثلما كانا مكونين من عدد من المقاتلين المدربين والمسلحين في بقع جغرافية محددة تحت قيادة تقودهم بشكل مباشر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com