رئيس الحزب الإسلامي المحافظ في إسرائيل ، منصور عباس يقف لالتقاط الصور مع مؤيديه في مقر حملته في مدينة طمرة شمال إسرائيل  في 2 نوفمبر 2022
رئيس الحزب الإسلامي المحافظ في إسرائيل ، منصور عباس يقف لالتقاط الصور مع مؤيديه في مقر حملته في مدينة طمرة شمال إسرائيل في 2 نوفمبر 2022

لماذا فشلت الأحزاب العربية في تمثيل مناسب بالكنيست ومنحت نتنياهو الأغلبية؟

تسبب فشل الأحزاب العربية في خوض انتخابات الكنيست الأخيرة ضمن قائمة موحدة، بمنح بنيامين نتنياهو زعيم حزب "الليكود" واليمين الإسرائيلي، الأغلبية المطلقة في الكنيست لتشكيل الحكومة الجديدة والعودة لرئاسة وزراء إسرائيل.

وأكد خبراء ومختصون سياسيون، أن فشل الأحزاب العربية بالانتخابات جاء على إثر الاختلافات الأيديولوجية والحسابات الشخصية الضيقة لقادة الأحزاب، والأهداف التي يسعى كل حزب لتحقيقها من انضمامه للكنيست.

ويشكل المواطنون العرب في إسرائيل ما نسبته 21% من سكان إسرائيل، بتعداد يفوق المليوني شخص بقليل، إلا أن تمثيلهم في الكنيست وفق الانتخابات الأخيرة لا تتجاوز نسبته 8.3%، بواقع 10 مقاعد من أصل 120 مقعداً في الكنيست، ما يعكس تمثيلا منخفضا مقارنة بعدد العرب في إسرائيل.

ورغم أن مشاركة الناخبين العرب كانت أعلى من التقديرات التي سبقت انتخابات الكنيست، إلا أن تشتت الكتل العربية إلى ثلاث كتل، حجب أصوات آلاف العرب الذين صوتوا لحزب "بلد" الذي يقوده سامي أبوشحادة، والذي انشق قبيل الانتخابات عن القائمة المشتركة التي يقودها أيمن عودة.

زعيم القائمة العربية المشتركة أيمن عودة خلال مؤتمر صحفي أثناء تسجيل قائمتهم الحزبية، 15 سبتمبر 2022
زعيم القائمة العربية المشتركة أيمن عودة خلال مؤتمر صحفي أثناء تسجيل قائمتهم الحزبية، 15 سبتمبر 2022

وشاركت الأحزاب العربية في الكنيست بثلاث قوائم، هي القائمة المشتركة وحصلت على 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة التي يرأسها منصور عباس، التي حصلت هي الأخرى على العدد ذاته من المقاعد، وحزب "بلد" الذي بلغت نسبة المصوتين له أقل بقليل من نسبة الحسم (3.25%) من الأصوات.

وفي انتخابات الكنيست عام 2019، حصدت الأحزاب العربية التي خاضت الانتخابات بقائمة موحدة 15 مقعداً، لتكون ثالث أكبر قوة في الكنيست، قبل أن تتفكك في الانتخابات التي تلتها، وتحصل على 10 مقاعد فقط، وهو نفس العدد الذي حصلت عليه في الانتخابات الأخيرة.

اتهامات داخلية

واتهم رئيس القائمة العربية الموحدة، منصور عباس، القائمة المشتركة بقيادة أيمن عودة وأحمد الطيبي بالتسبب في عودة نتنياهو للسلطة، قائلاً: "القائمة المشتركة هي المسؤولة عن تفريق أصوات العرب بالكنيست"، وفق ما أوردت القناة 12 العبرية.

وأوضح عباس، وهو زعيم أول حزب عربي ينضم للحكومة في تاريخ إسرائيل، أن "الانقسام الذي حدث بالقائمة المشتركة لحزبين، والخطاب السياسي من أعضاء الكنيست بالقوائم العربية الأخرى أضرت بالمجتمع العربي، وأعادت اليمين ونتنياهو للحكم".

فتاتان تقفان لالتقاط صورة "سيلفي" أمام عربة تُظهر لافتة انتخابية لحزب الليكود الإسرائيلي تصور  زعيمه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو
فتاتان تقفان لالتقاط صورة "سيلفي" أمام عربة تُظهر لافتة انتخابية لحزب الليكود الإسرائيلي تصور زعيمه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو

وسبق الانتخابات اتهام حزب التجمع الوطني بقيادة سامي أبو شحادة والذي انفصل عن القائمة المشتركة، لقادة القائمة أيمن عودة وأحمد الطيبي؛ بالسعي للقضاء على حزبه من أجل التحالف مع زعيم "هناك مستقبل" يائير لابيد.

مستويات سياسية

ويرى الكاتب المحلل السياسي، جمال البنا، أن "السياسة العربية في إسرائيل وصلت لمستويات منخفضة جداً"، معتبراً أن نتائج انتخابات الكنيست لم تكن مفاجئةً للجمهور العربي وربما كانت متوقعة بشكل مسبق.

وأشار البنا، في مقال تحليلي نشره بصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، إلى أنه يتوجب على الأحزاب العربية أن توضح الأسباب التي حالت دون إمكانية اندماج العرب الذي يشكلون خُمس مواطني إسرائيل بالسياسة الإسرائيلية سواء بالمعارضة أو الائتلاف.

وأضاف: "عودة نتنياهو لرئاسة الوزراء جاءت بفضل الأحزاب العربية، وخاصة تلك التي انقسمت قبل الانتخابات"، متابعاً: "صعود اليمين المتطرف للحكم يمكن أن يؤدي لصدام بين الجمهور العربي والدولة ومؤسساتها".

فلسطينيون يمشون أمام كتلة خرسانية تحمل ملصقات تصور إيتامار بن غفير ، زعيم حزب عوتسما يهوديت اليميني المتطرف بالقرب من المسجد الإبراهيمي في الخليل
فلسطينيون يمشون أمام كتلة خرسانية تحمل ملصقات تصور إيتامار بن غفير ، زعيم حزب عوتسما يهوديت اليميني المتطرف بالقرب من المسجد الإبراهيمي في الخليل

وأوضح البنا، أن "عاملين اثنين أديا لزيادة نسبة الناخبين العرب؛ الأول سلوك الزعيمين اليمينيين بنيامين نتنياهو ورئيس حزب عوتسما يهوديت إيتمار بن غفير، اللذين أخافا الجمهور اليهودي بعدد الناخبين العرب المتوقع".

واستطرد المحلل السياسي: "خلال حملتيهما الانتخابية سمح نتنياهو وبن غفير للأحزاب العربية بتقديم صورة مقنعة للناخبين عما يفكر فيه قادة اليمين".

وبين المحلل السياسي، أن "العامل الثاني هو انقسام القائمة المشتركة؛ الأمر الذي تسبب في زيادة نسبة التصويت لصالح قائمة التجمع الوطني، خاصة وأنه حزب عربي يصور على أنه متشدد ومعاد للأحزاب الإسرائيلية".

ووفق البنا، فإنه بـ"الرغم من نتائج الانتخابات؛ إلا أنه يجب على السياسيين الإسرائيليين التعامل مع المجتمع العربي على أساس أنه مفتاح الحل لتشكيل ائتلاف حكومي مستقر، وأن العمل البرلماني يبدأ وينتهي بالتعاون بين جميع المواطنين".

وجود هامشي للأحزاب العربية

وفي السياق، يرى المحلل السياسي، طلال عوكل، أن الانقسامات داخل الأحزاب العربية كانت السبب بالفشل المدوي لها بالانتخابات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن ذلك أدى لتدني المقاعد العربية بالكنيست، بما يمكن اعتباره وجودا هامشيا لتلك الأحزاب.

وقال عوكل، لـ "إرم نيوز"، إن "الانقسام العربي وفشل الأحزاب بالانتخابات كان في صالح أحزاب اليمين، والسبب الرئيس بعودة نتنياهو لرئاسة الوزراء"، لافتاً إلى أن حالة التشتت والانقسام بين الأحزاب أثرت سلباً على المجتمع العربي.

أنصار يحملون لافتات لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو في سوق محانيه يهودا بالقدس
أنصار يحملون لافتات لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو في سوق محانيه يهودا بالقدس

وأشار عوكل، إلى أن "هناك اختلاف واضح بالأهداف السياسية والأيديولوجيات لدى الأحزاب العربية، خاصة القائمة العربية الموحدة وزعيمها منصور عباس، الذي يرغب في أن يكون ضمن أي هيئة تنفيذية في إسرائيل سواء مع كتلة اليمين أو كتلة اليسار".

وأضاف عوكل: "لا يوجد سياسة عربية موحدة تخدم الجمهور العربي، ولا يوجد لدى هذه الأحزاب مشروع قومي، وبالتالي مواجهتهم للحركة الصهيونية والتغول الإسرائيلي لا تقدم للمواطن العربي أي شيء ملموس يساعده على المحافظة على حقوقه".

وتابع: "فشل الأحزاب العربية منح نتنياهو تكتل صلب بالكنيست الإسرائيلي يستند فيه على تحالفه مع اليمين المتطرف، وبالتالي الأحزاب العربية وبسبب انقساماتها لن يكون لها أي تأثير على الخريطة السياسية في إسرائيل".

ولفت عوكل، إلى أن "ما حصل عليه اليمين الإسرائيلي يمكن اعتباره استحقاق سياسي مرتبط بالفشل المدوي لكتلة اليسار ولجميع معارضي نتنياهو، إضافة للتغير بالخريطة السياسية وانحياز الجمهور نحو اليمين المتطرف"، وفق تقديره.

صراعات أيديولوجية

بدوره، يرى المحلل السياسي، محسن أبو رمضان، أن هناك عدة أسباب وراء فشل الأحزاب العربية بانتخابات الكنيست، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بزيادة النزعات الذاتية والصراعات فيما بينها على المستوى الشخصي والأيديولوجي والسياسي.

وأوضح أبو رمضان، لـ "إرم نيوز"، أن "تفكك القائمة المشتركة على مدار الدورتين السابقتين من انتخابات الكنيست، بدءاً من خروج حزب منصور عباس ثم حزب التجمع، المتعلقة أساساً بالخلافات على المناصب ودعم لابيد لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات؛ كان سبباً رئيسا في صعود اليمين".

إيتامار بن غفير (يمين) النائب الإسرائيلي اليميني المتطرف وزعيم حزب عوتسما يهوديت خلال تجمع انتخابي في سوق محانيه يهودا بالقدس
إيتامار بن غفير (يمين) النائب الإسرائيلي اليميني المتطرف وزعيم حزب عوتسما يهوديت خلال تجمع انتخابي في سوق محانيه يهودا بالقدس

واعتبر أن "نسبة التصويت في المجتمع العربي تحسنت بشكل نسبي؛ ولكن ليس بالشكل المطلوب من أجل منع نتنياهو من العودة لرئاسة الوزراء"، مبيناً أن ذلك جاء بخلاف ما حدث في المجتمع الإسرائيلي الذي قفزت فيه نسبة التصويت لصالح اليمين.

وتابع: "استهداف الليكود للأحزاب العربية والمجتمع العربي كان سببا كبيرا في خسارة تلك الأحزاب، كما أن ثقافة الانقسام كان ذات تأثير كبير عليهم، خاصة في ظل تقديم الخلافات الداخلية على أولوية الصراع مع اليمين الإسرائيلي".

ومن بين أسباب فشل الأحزاب العربية، يرى أبو رمضان، أن "تلك الأحزاب لم تحدث تغييرات جوهرية داخل المجتمع العربي، ولم تنجح في إفشال أي من المخططات ومشاريع القوانين التي تم تمريرها"، متابعاً: "سيكون لذلك تأثير كبير على التمثيل العربي في أي انتخابات مقبلة".

وتوقع أبو رمضان، أن "يؤدي فشل الأحزاب العربية لفرض قوانين عنصرية مشددة ضد المجتمع العربي بما يشمل تقليص الموازنات للقرى والبلدات ووقف برامج التطوير في المدن العربية ومصادرة الأراضي"، متابعاً: "سيكون هناك عملية استثناء وإقصاء للأحزاب العربية بالكنيست".

واستبعد المحلل السياسي، أن يعتمد نتنياهو على أي من الأحزاب العربية أو القائمة الموحدة وزعيمها منصور عباس، خاصة في ظل حصوله على الأغلبية المطلقة، وميله إلى تشكيل ائتلاف حكومي متجانس من شركائه باليمين المتطرف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com