خلاف أوروبي بسبب "دبابات أوكرانيا".. و"الخميس الأسود" يهدد قبضة ماكرون

خلاف أوروبي بسبب "دبابات أوكرانيا".. و"الخميس الأسود" يهدد قبضة ماكرون

سلطت أبرز الصحف العالمية، اليوم الجمعة، الضوء على ما وصفته بـ"خلاف علني" بين حلفاء أوكرانيا الأوروبيين؛ بسبب الدبابات التي وعدوا بها كييف، قبيل اجتماع مقرر اليوم في ألمانيا؛ من أجل بحث سبل تنظيم المساعدات العسكرية للدولة التي مزقتها الحرب.

وفي روسيا، ناقشت صحف تقارير تكشف عن تعزيزات دفاعية مكثفة شهدتها العاصمة موسكو، وسط أنباء عن "هجوم محتمل أو آخر يتم توجيهه عن طريق الخطأ".

وفي فرنسا، تناولت صحف تقارير أخرى تحذر من أن الإضرابات التي شهدتها البلاد أمس الخميس بسبب خطة الحكومة بشأن رفع سن التقاعد، قد تمتد إلى "أسابيع من السخط العام"، الأمر الذي يهدد قبضة الرئيس إيمانويل ماكرون على السلطة.

يأتي الجدل حول أزمة الدبابات في وقت يتزايد فيه الإجماع داخل "الناتو" على أن أوكرانيا يمكن أن تستخدم المركبات القتالية الثقيلة لاستعادة الأراضي من الجنود الروس ذوي التجهيز الضعيف.

خلاف بولندي ألماني بسبب "دبابات أوكرانيا"

سلطت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية الضوء على أزمة تلوح في الأفق داخل الاتحاد الأوروبي، بعدما هددت بولندا بـ"تجاوز" ألمانيا لإرسال دبابات ألمانية الصنع إلى كييف، وذلك قبيل اجتماع يعقد اليوم الجمعة؛ لبحث مساعدات أوكرانيا.

وذكرت الصحيفة أن ثمة أزمة داخل الاتحاد الأوروبي على وشك الاندلاع، بعد أن أشارت بولندا إلى أنها "فقدت صبرها" مع رفض ألمانيا التصديق على تسليم دبابات "ليوبارد 2" إلى أوكرانيا، وقالت إنها "ستزود كييف بالدبابات، وإن موافقة برلين مسألة ثانوية".

يأتي ذلك بينما يرى العديد من الداعمين الغربيين أن الأشهر المقبلة حاسمة في الحرب، حيث تسعى أوكرانيا للتوغل أكثر في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، وتحشد موسكو الجنود لشن هجماتها المحتملة.

ويتعرض المستشار الألماني أولاف شولتس لضغوط للموافقة على إرسال دبابات "ليوبارد 2" قبل اجتماع اليوم بقاعدة "رامشتاين" العسكرية الأمريكية، ومقرها ألمانيا، حيث ستناقش 50 دولة، بما في ذلك جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) الـ 30، سبل التنظيم العسكري لأوكرانيا.

وصرح مسؤولون ألمانيون مقربون من شولتس بأن الأخير لن يسمح بإرسال الدبابات الألمانية "إلا إذا حذت الولايات المتحدة حذوها وتبرعت بعدد من دبابات أبرامز".

يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن مجموعة من الدول الأوروبية تقودها بولندا تعمل على "تشكيل تحالف" للضغط على برلين للموافقة على إرسال دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا، وذلك مع تزايد "الإحباط من إصرار برلين على أن تتبرع واشنطن بدباباتها أولًا".

ورأت الصحيفة أن الإصرار الألماني الذي أعلنه شولتس في دافوس يعكس حجم الخلافات بين برلين وواشنطن.

ونقلت الصحيفة عن سيث مولتون، وهو نائب ديمقراطي حضر المناقشات في دافوس، قوله: "تصريحات شولتس كانت معقولة إلى حد ما، لأن ألمانيا تعتمد على الولايات المتحدة في الحصول على رادع نووي وأقرب بكثير إلى هذه المعركة منا".

وأوضحت الصحيفة أن هناك حوالي ألفي دبابة من طراز"ليوبارد 2" بحوزة جيوش "الناتو"، مما يعني أنها "جاهزة" ليتم إرسالها إلى أوكرانيا واستخدامها في أسرع وقت ممكن.

وناشد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في الآونة الأخيرة الحلفاء الغربيين تكثيف إمداداتهم من المدفعية الثقيلة للبلاد مع وصول الحرب مع روسيا إلى مرحلة حرجة.

وحذر خلال كلمة ألقاها في "المنتدى الاقتصادي العالمي"بدافوس، قائلًا: "هناك أوقات يجب ألا نتردد فيها".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين أوروبيين قولهم إنه من المتوقع أن تحظى المجموعة بدعم واسع، مشيرين إلى أن حكوماتهم منفتحة على الانضمام إلى هذا الجهد.

وأوضح المسؤولون- الذين رفضوا الكشف عن هويتهم- أن هناك 12 دولة أوروبية تمتلك في جيوشها دبابات "ليوبارد".

وترفض الولايات المتحدة حتى الآن إرسال دبابات "أبرامز"، بزعم صعوبة تشغيلها وصيانتها كونها الدبابة القتالية الرئيسية للجيش الأمريكي.

في غضون ذلك، أبلغ مصدر مطلع "بوليتيكو" أن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف يعتزم عقد لقاءات مع أكبر عدد ممكن من ممثلي الدول الـ 50 الذين سيشاركون في "اجتماع رامشتاين" اليوم.

ويأتي الجدل حول أزمة الدبابات في الوقت الذي يتزايد فيه الإجماع داخل "الناتو" على أن أوكرانيا يمكن أن تستخدم المركبات القتالية الثقيلة لاستعادة الأراضي من الجنود الروس ذوي التجهيز الضعيف، وكإشارة قوية على أن دعم الغرب لأوكرانيا لا يتضاءل، كما تأمل روسيا.

وقالت الصحيفة إن المجموعة المزعومة ستتخذ خطواتها الأولى في اجتماع اليوم، وهي خطوة تعد جزءًا من حملة جديدة متعددة الجبهات من قبل الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين لإقناع القادة الألمان بتغيير رأيهم بشأن قضية الدبابات.

أظهرت صور تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي انتشارًا مكثفًا لأنظمة دفاعية مصممة لاعتراض الطائرات والصواريخ، تم نشرها فوق العديد من المباني الدفاعية والإدارية وسط موسكو.

تعزيز دفاعات موسكو تحسبًا لـ"هجوم محتمل"

وفي روسيا، ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن موسكو شهدت تعزيزات أمنية مكثفة، بما في ذلك تثبيت أنظمة صواريخ دفاعية على أسطح المنازل، فيما بدا أن الكرملين يستعد لـ"هجوم محتمل" على العاصمة.

ونشرت الصحيفة صورًا تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الخميس، أظهرت انتشارًا مكثفًا لأنظمة دفاعية مصممة لاعتراض الطائرات والصواريخ، تم نشرها فوق العديد من المباني الدفاعية والإدارية وسط موسكو.

كما أظهرت الصور، وفقًا لتقرير"الغارديان"، تركيب نظام صواريخ "بانتسير" على سطح مبنى من ثمانية طوابق تستخدمه وزارة الدفاع الروسية على طول نهر موسكفا، بالإضافة إلى تثبيت نظام دفاع جوي آخر فوق سطح مبنى تعليمي في منطقة تاغانكا بموسكو، على بعد 2.4 كيلومتر من مقر الكرملين.

وأوضحت الصحيفة أن الأنظمة الدفاعية قصيرة إلى متوسطة المدى التي ظهرت في الصور يتم استخدامها ضد الطائرات والمروحيات وصواريخ "كروز".

وصرح الجيش الروسي في وقت سابق أيضًا بأنه يمكن استخدام هذه الأنظمة ضد أهداف أصغر، مثل الطائرات بدون طيار العسكرية، والتي أصبحت منتشرة في كل مكان في ساحة المعركة منذ بدء الحرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصور جاءت قبل يوم من "اجتماع رامشتاين"، حيث أصدر مسؤولون روس تحذيرات قبل الاجتماع، في محاولة لثني دول "الناتو" عن توفير أسلحة أكثر تقدمًا "قد تؤدي إلى نشوب صراع نووي".

ووفقًا لتقرير الصحيفة، لم يؤكد المسؤولون العسكريون الروس على الفور تثبيت أنظمة الصواريخ، لكن أفادت العديد من وسائل الإعلام الروسية بنشر أنظمة صواريخ طويلة المدى من طراز "إس – 400" في موسكو خلال الأسابيع الأخيرة.

ونقلت الصحيفة عن عدد من مدوني الحرب المؤيدين للكرملين قولهم أمس إن ظهور أنظمة الصواريخ في موسكو "يكشف أن القيادة العسكرية الروسية قلقة الآن بشأن الهجمات على مدنهم".

وقال ألكسندر كوتس، الصحفي الروسي البارز المؤيد للحرب: "هذا يعني أن (القيادة) تفهم تمامًا جميع المخاطر، وتدرك أن الضربات ضد موسكو والمناطق هي مجرد مسألة وقت".

وأضاف: "من الجيد البدء في التخطيط مسبقًا بدلًا من فوات الأوان".

ولكن من وجهة نظر "الغارديان"، يسلط ظهور أنظمة الصواريخ الدفاعية الضوء على "عدم نجاح روسيا" في الحرب، حيث وقعت انفجارات غامضة في مواقع عسكرية في شبه جزيرة القرم، وفي عدة قواعد جوية استخدمتها القاذفات الاستراتيجية الروسية الشهر الماضي في عمق الأراضي الروسية.

وأشارت الصحيفة إلى أن التقارير الواردة من موسكو حول انتشار أنظمة الصواريخ تأتي بعد أيام من تصريحات أدلى بها مسؤولون أوكرانيون أيضًا بأنهم بدأوا اختبار طائرات بدون طيار بعيدة المدى يمكنها السفر لمسافة تصل إلى ألف كيلومتر، مما قد يضع موسكو على مسافة قريبة.

يعارض اليسار الفرنسي واليمين المتطرف خطط ماكرون لسن التقاعد، ولكن إذا خسرت حكومة ماكرون دعم الحزب الجمهوري المحافظ وأقرت الإصلاح دون دعم الأغلبية البرلمانية، سيثير ذلك سؤالًا جوهريًا ووجوديًا بالنسبة له.

"الخميس الأسود" يهدد قبضة ماكرون

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الحكومة الفرنسية واجهت واحدًا من أكبر الإضرابات منذ سنوات، وذلك بعدما تظاهر مئات الآلاف أمس الخميس في الشوارع؛ احتجاجًا على خطط الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن رفع سن التقاعد في البلاد.

ورأت الصحيفة أن الإضرابات، التي شارك فيها أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، في يوم "الخميس الأسود" قد تمتد إلى "أسابيع من السخط العام"، قائلة إنها تمثل تحديًا رئيسيًا ومؤرقًا لماكرون، حيث تظهر النقابات جبهة موحدة ضد خطط رفع سن التقاعد في البلاد من 62 إلى 64 عامًا.

وذكرت الصحيفة أن الإضرابات تسببت في تعطيل العديد من المدارس ومصافي النفط ومحطات الطاقة ومحطات البث العامة، والمطارات ومحطات القطار، حيث يأمل معارضو خطط معاشات ماكرون التقاعدية أن يترجم حجم احتجاجات الخميس إلى "إضرابات مطولة".

وفي هذا الصدد، نقلت "البوست" عن مجتبى عبدالرحمن، العضو المنتدب لأوروبا في "مجموعة أوراسيا"، قوله إن الإضرابات تمثل لماكرون- الذي مضى ثمانية أشهر فقط من ولايته الرئاسية الثانية- "اختبارًا رئيسيًا" لمؤهلاته الإصلاحية، خاصة وأنه يفتقر إلى الأغلبية المطلقة في البرلمان.

وفي حديثه مع الصحيفة، أضاف عبدالرحمن أن الاحتجاجات "ستفتح النار" على العديد من خططه في المستقبل أيضًا.

وتابع أن أفضل سيناريو بالنسبة لماكرون هو تخليه- للمرة الثانية - عن الإصلاح "خشية أن تركع البلاد على ركبتيها كما كانت عام 1995".

وأوضحت الصحيفة أنه في ذلك العام أصيبت أجزاء كبيرة من فرنسا بالشلل بسبب أسابيع من الإضرابات، بعد أن حاولت حكومة الرئيس جاك شيراك زيادة سن الأهلية للتقاعد لموظفي القطاع العام وخططت لخفض الرعاية الاجتماعية الأخرى، وتخلى شيراك في النهاية عن الأجزاء الرئيسية من تلك الخطط.

ويعارض اليسار الفرنسي واليمين المتطرف خطط ماكرون لسن التقاعد، ولكن إذا خسرت حكومة ماكرون دعم الحزب الجمهوري المحافظ وأقرت الإصلاح دون دعم الأغلبية البرلمانية، فسوف يثير ذلك "سؤالًا جوهريًا ووجوديًا بالنسبة له حول ما إذا كان يسعى لإجراء انتخابات مبكرة للفوز بتفويض يسمح له بتمرير خططه".

وقالت الصحيفة: "اعتمدت حكومة ماكرون بشدة على السلطات الدستورية في الأشهر الأخيرة، مما أثار انتقادات من أحزاب المعارضة التي تقول إن الرئيس يتحايل على الأعراف الديمقراطية.. وعلى الرغم من أن الرؤساء الفرنسيين يتمتعون بسلطة أكبر على السياسة الخارجية ومجالات أخرى، إلا أنهم ما زالوا يعتمدون عادة على موافقة البرلمان للعديد من أهم مشروعاتهم".

بدوره، قال برونو كوتريس، الباحث في "معهد الدراسات السياسية" بباريس، إن الاحتجاجات يمكن أن تعيد تنشيط التحالف البرلماني اليساري حول منافس ماكرون، جان لوك ميلينشون، والذي تم تشكيله العام الماضي، لكنه يفتقر حتى الآن إلى أرضية مشتركة "الأمر الذي يهدد قبضة ماكرون على السلطة التي بدأت تتهاوى بالفعل".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com