من الوجود العسكري الروسي في البحر الأسود
من الوجود العسكري الروسي في البحر الأسود

"تلغراف": براعة التكتيك الأوكراني وضعت روسيا في إحراج سياسي

قالت صحيفة "تلغراف" البريطانية إن شبه جزيرة القرم تشهد "تحولاً هائلاً"، وأوضحت الصحيفة في تقرير أن "الأحداث الأخيرة، تركت روسيا في حالة من الإحراج السياسي، بعد أن تم إجبار أسطول البحر الأسود، الذي كان يمثل رمزاً للقوة البحرية الروسية، على التراجع عن ميناء سيفاستوبول. وهو تطور له أهمية لا يمكن إنكارها".

ومن الناحية العملية، ترى الصحيفة: "أن أوكرانيا هي المسيطرة في البحر الأسود، ما يجبر روسيا على الرد، ولكن ردودها تبدو مفككة، بقيادة منقسمة، ومهام عشوائية وسيئة التخطيط، ومن الناحية التكتيكية أظهر الأوكرانيون براعة ومرونة ملحوظتين حين قاموا بتنسيق هجمات منسقة متعددة المجالات باستخدام مزيج من أنظمة الأسلحة التقليدية والجديدة".

أخبار ذات صلة
تقرير: الضربات الأوكرانية تُزعزع الأسطول الروسي في البحر الأسود

ووفقا للصحيفة، فإن "سلسلة الأحداث التي تكشفت في شبه جزيرة القرم مذهلة، حين عطلت القوات الخاصة في القرم أجهزة الرادار الروسية في آب/ أغسطس، تلتها ضربات (Storm Shadow)، التي نفذتها المملكة المتحدة مستهدفة غواصة من طراز (كيلو) وسفينة إنزال من طراز (روبوتشا). كما أدت ضربة لاحقة في التوقيت المناسب، إلى تدمير مقر عام مليء بكبار الموظفين الروس المنسحبين في أيلول/سبتمبر".

وأضافت: "لا تزال الجدوى من استخدام ميناء سيفاستوبول كقاعدة بحرية غير مؤكدة، فحتى أمس كان هناك خمس سفن حربية راسية على شاطئه، إلا أن الأمور ليست سهلة، والحياة داخل قاعدة سيفاستوبول البحرية ليست ممتعة على الإطلاق".

وزير القوات المسلحة البريطاني جيمس هيبي، وحسب ما نقلت عنه الصحيفة، اعتبر أن أسطول البحر الأسود "هُزم وظيفياً"، مؤكدا أنه "من الناحية البحرية، لا يتطلب تحقيق مهمة القتل بالضرورة إغراق سفينة العدو، بل من الممكن أن يستلزم تحييد نظام أسلحة بالغ الأهمية، أو تعطيل غرفة العمليات، أو تقويض إرادة المواجهة حتى يصبحوا عاجزين عن القتال. وفي حالة سيفاستوبول، يبدو أن الأمر الأخير قد حدث".

وحول بقية أسطول البحر الأسود، أشارت الصحيفة في تقريرها، إلى أنه "قد تم نفيه لكنه لا يزال جزءاً من الحرب، حيث تم تعطيل عمليات الشحن البحري، وخاصة صادرات الحبوب من أوكرانيا، ولكنها لم تتوقف بالكامل. وفي شمال غرب البحر الأسود، أدت الأسلحة المتفوقة وتغطية المراقبة الأوكرانية إلى جعل قدرة روسيا على تشغيل السفن الحربية ضئيلة للغاية، ومع ذلك، فإن الكرملين قد أظهر استعداده لقبول خسائر كبيرة".

وبحسب الصحيفة، "يستضيف ميناء نوفوروسيسك حاليا سبع قاذفات صواريخ كروز من طراز (كاليبر)، إضافة إلى ثلاث غواصات قادرة على زرع الألغام. ولا تكمن القيمة الاستراتيجية لهذه القاذفات في موقعها الجغرافي، بل في نطاقها، حيث يمكن لصواريخ كاليبر، أن تضرب من أي مكان تقريبا، كما أن الغواصات التي تزرع الألغام منيعة ضد الصواريخ. أما روسيا، فتحتفظ أيضا ببعض القاذفات الجوية البحرية، وإن كانت محدودة وقديمة".

سفن حربية في البحر الأسود
سفن حربية في البحر الأسود yandex.com

دور محوري للألغام

وتلعب الألغام، في هذا السياق، دوراً محورياً، على ما ذكرت الصحيفة التي أوضحت: "فهي توفر وسيلة فعالة من حيث التكلفة للتحكم في الممرات البحرية، لكنها تزيد من مخاطر التأمين المرتبطة بها، فغالباً ما يكون مصيرها مجهولاً حين تطفو بحرية. ولهذا السبب، فإن المناقشات حول السماح لمجموعات الناتو المعنية بمكافحة الألغام بدخول البحر الأسود، قد تنشأ مع تزايد الحاجة إلى إزالة الألغام من البحر".

وأضافت الصحيفة: "كان الأساس المنطقي الذي ساقه بوتين للاستيلاء على شبه جزيرة القرم يعتمد على أهميتها الاستراتيجية المتصورة. ومع ذلك، إذا لم تعد روسيا قادرة على تأمين أسطولها في المنطقة، فستنشأ تساؤلات حول شرعية وجودها المستمر في شبه الجزيرة التي احتلتها بشكل غير قانوني. وبهذا، فإن المناقشات الأخيرة حول إنشاء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأسود في منطقة أبخازيا الجورجية الانفصالية لن تؤدي إلا إلى تفاقم الحرج السياسي الذي يواجهه الكرملين".

واختتمت الصحيفة تقريرها متسائلة: "هل انقلب المد حقاً في المسرح البحري؟، وهل ستتمكن أوكرانيا من تحقيق أهدافها الاستراتيجية في حين تتعثر روسيا؟، وهل تمتلك أوكرانيا ما يلزم لجعل شبه جزيرة القرم منطقة بالغة الخطورة بحيث لا يتمكن 800 ألف روسي من الإقامة فيها؟.. ليس بعد".

المصدر: صحيفة "تلغراف" البريطانية

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com