رئيس تايوان المنتخب لاي تشينغ تي
رئيس تايوان المنتخب لاي تشينغ تيرويترز

بعد فوز المرشح "الانفصالي" في تايوان.. الصين تعدّ للرد

رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الناخبين في تايوان "أعلنوها مدوية وللمرة الثالثة على التوالي بأنهم لا يريدون اختيار زعيم متملق للصين"، وذلك بعد الفوز الذي حققه في انتخابات الرئاسة لاي تشينغ تي، نائب الرئيسة الحالية والمدافع عن استقلال تايوان، والذي تصفه بكين بأنه "انفصالي خطير".

وقالت الصحيفة، إن على الصين الآن صياغة رد على ذلك، إذ يعد انتصار لاي في الانتخابات بالنسبة لبكين خسارة تعمق القلق بشأن قدرتها على وضع تايوان تحت سيطرتها، وهو هدف طال انتظاره للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، كما يعتبر جزءاً رئيساً من إرث الزعيم الصيني شي جين بينغ.

وأضافت الصحيفة أن نتائج الانتخابات في تايوان تمنح الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان، والذي ترفض بكين التعامل معه، فترة ثالثة غير مسبوقة.

أخبار ذات صلة
الصين: نقدّر الموقف الروسي من انتخابات تايوان

ونقلت الصحيفة عن تشين فانغ يو، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة سوتشو في تايبيه، أن فوز لاي سيفرض على الرئيس الصيني "فعل شيء ما لاستعراض قوته".

واعتبرت الصحيفة أنه وخلال الأشهر المقبلة، من المتوقع أن تكثف بكين جهودها "لترهيب" تايوان باستخدام "تكتيكات مألوفة"، بما في ذلك ممارسة المضايقات العسكرية والضغط الاقتصادي على تايوان.

لكن الصحيفة شددت على أنه من غير المرجح حدوث صراع مباشر أو غزو فعلي للجزيرة "على الأقل في الوقت الحالي"، حسبما نقلت عن مسؤولين ومحللين في كل من تايوان والولايات المتحدة.

ورأت الصحيفة أن الصين ستخفف من ردودها الفورية حيال هذا الملف، مدفوعة بالرغبة في الحفاظ على العلاقات المستقرة مؤخرًا مع واشنطن.

وأفادت الصحيفة أنه من المقرر أن يصل وفد أمريكي يضم مستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادلي، ونائب وزير الخارجية السابق جيمس شتاينبرغ، إلى تايبيه، وفقًا للمعهد الأمريكي في تايوان، وهو السفارة الأمريكية الفعلية في تايبيه، بحسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن رد الصين الأولي على فوز لاي كان متوقعاً؛ إذ أصدر مسؤولون صينيون البيانات المعتادة شديدة اللهجة، كما أدانت سفارات بكين في البلدان التي هنأت لاي، تلك الدول بتهمة "التدخل في شؤون الصين الداخلية".

أخبار ذات صلة
نيويورك تايمز: الصين "فشلت" في التأثير على انتخابات تايوان

وكتبت السفارة الصينية في لندن: "ومهما تغير الوضع في تايوان، فإن الحقيقة الأساسية حول أن تايوان هي جزء من الصين لن تتغير".

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الدفاع في تايوان قالت صباح الأحد، إنه "تم رصد أربع سفن عسكرية بالقرب من تايوان، في حين انطلق منطاد صيني على ارتفاع عالٍ قبالة الساحل الشمالي الغربي بالقرب من العاصمة".

وأشارت الصحيفة إلى أن بكين ـ وعلى مدار السنوات الثماني الماضية، أي منذ أن تولى الحزب الديمقراطي التقدمي السلطة في تايوان - علقت جميع علاقاتها الرسمية مع الرئيسة تساي إنج ون، مضيفة أنه من غير المرجح أن تتعامل بكين مع لاي، الذي يدفع لتبني استقلال تايوان التام عن الصين.

وتقول الصحيفة، إن لاي خفف من موقفه أثناء عمله نائباً للرئيسة تساي وتعهد بمواصلة سياستها القائمة على الحفاظ على الوضع الراهن الهش، وتجنب الحرب في مضيق تايوان.

ونقلت الصحيفة عن لاي قوله، عدة مرات، إنه سيتعامل مع بكين "على قدم المساواة".

لكن، في المقابل رفضت بكين بالفعل موقف الحزب التقدمي الديمقراطي بأن تايوان دولة ذات سيادة تحت اسمها الرسمي، جمهورية الصين، وأنه "ليست هناك حاجة لإضفاء الطابع الرسمي على الاستقلال والمخاطرة بالصراع".

أخبار ذات صلة
تحديات كبيرة تنتظر تايوان بعد فوز "لاي تشينغ-تي" بالرئاسة‎

ورأت الصحيفة أن الناخبين التايوانيين الذين دعموا لاي في الانتخابات، وأولئك الذين اختاروا اثنين من مرشحي المعارضة، يستعدون "لأربع سنوات صعبة قادمة".

ونقلت الصحيفة عن ناخبين صوتوا لصالح حزب المعارضة الرئيسي في تايوان، حزب الكومينتانغ، الذي يدعم توثيق العلاقات مع الصين قولهم، إن "الحزب الديمقراطي التقدمي سيجعل تايوان أقرب إلى حالة الحرب مع الصين،" وأعربوا عن مخاوفهم مما اعتبروه "نفاد صبر الصين حيال تايوان في السنوات الأربع المقبلة وإعلان الحرب عليها".

ونقلت الصحيفة عن محللين أنه من غير المرجح أن تقوم بكين باتخاذ إجراءات جذرية قبل تنصيب لاي في 20 مايو المقبل، معتبرين أن هذا سيكون المؤشر الرئيس التالي الذي سيحدد كيف سيؤثر انتخاب لاي على العلاقة المتوترة بين تايوان والصين والولايات المتحدة.

وحتى ذلك الحين، رأت الصحيفة أن بكين ستحاول تحقيق توازن بين تخويف تايبيه وحث واشنطن على كبح جماح لاي، دون إثارة رد فعل عنيف تدفع الجمهور التايواني إلى الابتعاد أكثر عنها.

وقال مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون الأمريكي للأبحاث في واشنطن، يون سون، إن الصين "ستواصل ضغوطها العسكرية العالية لردع لاي عن "تجاوز الخط الأحمر" خلال خطاب التنصيب".

وتقول الصحيفة، إن قليلين يتوقعون أن تكون قوة رد فعل الصين مشابهة لما حدث بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايبيه عام ٢٠٢٢، والتي تبعها إطلاق الجيش الصيني لما يقرب من عشرة صواريخ خلال أربعة أيام من التدريبات العسكرية المحيطة بتايوان، لكن الصحيفة رأت أنه يمكن لبكين استخدام أساليب أخرى.

وأردفت الصحيفة: "لقد أرسلت الصين منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي أكثر من 31 بالوناً على ارتفاعات عالية  إلى المجال الجوي لتايوان، وهي مماثلة لتلك التي أسقطتها فوق الولايات المتحدة العام الماضي".

ورأت الصحيفة أن ذلك يمثل شكلاً جديداً من تكتيكات "المنطقة الرمادية" التي تهدف إلى ترهيب واستخدام الموارد العسكرية لتايوان.

وأضافت أن بكين قامت قبل الانتخابات في تايوان بإلغاء الرسوم الجمركية التفضيلية على 12 نوعاً من المواد الكيميائية المستوردة من تايوان كجزء من اتفاقية تجارية سارية على مدى العقد الماضي، وهددت بوقف المزيد.

وفي هذا الصدد اعتبر ريك ووترز، وهو المدير الإداري لممارسة الصين في مجموعة أوراسيا وكبير مسؤولي السياسة الصينية في وزارة الخارجية الأمريكية سابقا أن "الأثر التراكمي لهذه الخطوات هو أنَّ لاي سيصبح أقل مرونة بشأن مواقفه عبر المضيق".

وأشارت الصحيفة إلى أن بكين ستكون قادرة على استخدام هذا الضغط لاستغلال بعض نقاط الضعف عند لاي.

وقال مكتب شؤون تايوان الصيني في بيان، في وقت متأخر من يوم السبت، إن "نتائج الانتخابات تثبت أن الحزب الديمقراطي التقدمي لا يمثل الرأي العام السائد في الجزيرة"، وذلك على اعتبار أن لاي "فاز بالرئاسة بنسبة 40 في المئة فقط من الأصوات؛ ما يعني أن حزبه خسر الأصوات في المجلس التشريعي".

أخبار ذات صلة
"لاي المشاكس" رئيسا لـ تايوان.. هل يشعل فتيل حرب مع الصين؟

وفي هذا الصدد نقلت الصحيفة عن مينكسين بي، أستاذ العلوم السياسية في كلية كليرمونت ماكينا الأمريكية قوله، إنه "على الرغم من أن انتخاب لاي كان بمثابة انتكاسة للصين، إلا أن بكين يمكن أن تعزي نفسها؛ لأن الحكومة التايوانية الجديدة أضعف من الحكومة المغادرة".

ويتمتع حزب الكومينتانغ المعارض الآن بتقدم طفيف في المجلس التشريعي في تايوان.

وعلى الرغم من ذلك تقول الصحيفة، إن بكين تبدو مترددة في "محو المكاسب التي تحققت عندما التقى شي والرئيس بايدن في نوفمبر"؛ ما ساعد في إعادة فتح قنوات الاتصال الرئيسة، بما في ذلك بين جيشَي البلدين، وهو ما يقول محللون إنه سيكون سبباً في توقف الصين عن إطلاق النار والتراجع عن "الأشياء الأكبر".

وأكدت إدارة الرئيس بايدن في الفترة التي سبقت الانتخابات أنها لا تدعم استقلال تايوان، وأنها لا تتخذ موقفاً بشأن "الحل النهائي للخلافات عبر المضيق، بشرط أن يتم حلها سلميًّا".

وقالت أماندا هسياو، كبيرة محللي الشؤون الصينية في مجموعة الأزمات الدولية، إن "هذا يهدف إلى طمأنة بكين، كما إنها محاولة واضحة من الجانبين للحفاظ على الزخم الناتج عن اجتماع شي وبايدن".

ورأت الصحيفة أنه وحتى لو لم يكن الحوار السياسي رفيع المستوى بين بكين وإدارة لاي القادمة ممكناً، فهناك مجال لتهدئة التوتر على الرغم من أن الكثيرين في تايبيه لا يرون جدوى من محاولة التفاهم مع بكين، وبأن لا أحد يمكنه منع الصين من شن حرب على تايوان.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com