"الرجل الضائع".. كيف هرب ترامب من التجنيد؟

ما إن تطلع على سير حياة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، منذ ولادته وحتى سطوع نجمه، ترى قدر ما حوت من متناقضات وحظوظ غريبة.

الرئيس الذي عُرف عنه حربه الجسورة ضد الهجرة، ولد في الرابع عشر من يونيو 1946، من أم اسكتلندية هاجرت للولايات المتحدة في العام 1930، ومن أب هاجر مع عائلته من ألمانيا.

طفل لمهاجرين شقا طريقهما واغتنما الفرصة في أرض الأحلام، فكان والد ترامب فريد ترامب مالكا لشركة عقارات، تستهدف طبقة البيض من العائلات متوسطة الدخل في بروكلين وستاتن آيلاند وكوينز، وربى أبناءه الذكور، فريد جونيور ودونالد وروبرت، للعمل معه ومساعدته.

الهروب من العسكرية

عُرف عن ترامب في طفولته طباعه الحادة، وقال عنه والده إنه كان شخصا قاسيا جدا في صغره، حتى أنه أقدم على صفع معلمه على وجهه عندما كان في الصف الثاني، ما دفعه لتسجيله في أكاديمية نيويورك العسكرية عندما بلغ الثالثة عشر من العمر، وربما كان ذلك السبب الرئيس في هروب دونالد فيما بعد من الخدمة العسكرية الإلزامية، بحسب ما أورده مركز "ميلر" للدراسات.

ففي أواخر الستينات، عندما كانت الحرب في فيتنام في أوجها، كان دونالد ترامب في بداية العشرينات، وكي لا يتم تجنيده لجأ لاستخدام التأجيلات الجامعية والتقارير الطبية؛ من أجل تجنب الذهاب للخدمة العسكرية، وقد نجح إلى حد ما، ولكن تم إجراء تعديل على نظام الخدمة العسكرية لمواجهة التهرب والتحايل عن طريق اليانصيب، وأفلت دونالد مرة أخرى من التجنيد، فكانت أرقام عيد ميلاده خارج الحسبة.

أتم ترامب دراسته في الجامعة وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا، ليكمل مسيرته الاقتصادية في عالم العقارات مع شقيقه روبرت، أما شقيقه فريد جونيور فاختار مهنة الطيران، وتوفي عام 2020 بسبب إدمانه الكحول، ما جعل ترامب يصرح في العام ذاته بأنه يملك سببا وجيها لعدم شرب الكحول.

جميل الديمقراطيين

بدأ دونالد ترامب مسيرته المهنية بينما كان يدرس في الكلية، وحقق نجاحات وانضم للعمل مع والده بشكل كامل، وواجهت شركته في 1973 فضائح وملاحقات قانونية تتهمه بالتمييز ضد الأمريكيين من أصول أفريقية.

رغم كل ذلك استمر دونالد ترامب يوسع من استثماراته العقارية، ولكن المفارقة في الرجل الجمهوري المعادي للديمقراطيين، بأن أهم نقلة استثمارية في حياته كانت بمساعدتهم، ففي عام 1976، عندما كان والد ترامب عضوا بارزا في الحزب الديمقراطي ببروكلين، خطى ترامب خطوته المهمة؛ فقد استطاع الحصول بمساعدة أصدقاء والده على حقوق تطوير فندق غراند حياة، وحصلت منظمة ترامب على تخفيض ضريبي من الحكومة لمدة 40 عاما، لا بل حصل على تسهيلات تتضمن إمكانية تأجيل دفع الضرائب العقارية على الفندق.

ومع مرور السنوات، بدأت المشاكل التمويلية تلوح في أفق شركات دونالد ترامب، لا سيما في العام 1990، عندما اضطر ترامب للاقتراض لتمويل مؤسساته، وقام والده بشراء رقائق كازينو بقيمة 3 ملايين دولار من قلعة ترامب، حتى يستطيع الكازينو دفع الفائدة، ما تسبب بمعاقبته ودفع غرامة 65 ألف دولار.

طائر الفينيق

في العام المشؤوم لترامب 1993، أعلنت شركتان تابعتان له إفلاسهما، وبات يُعرف بلقب "الرجل الضائع".

وكأنه الفينيق، انبعث ترامب من جديد في سنوات لاحقة، مستفيدا من قانون الحماية من الإفلاس، ليعيد تشكيل ديونه وسدادها رغم الفوائد الضخمة المترتبة، وقال ترامب في العام 2011 تعليقا على ذلك: استخدمت قوانين هذا البلد لسد ديوني.

وحتى قبل عام من ترشحه للرئاسة والفوز على الديمقراطية هيلاري كلينتون، كانت الأزمات المالية تضرب شركاته، وكانت الفضائح بشتى أنواعها تلاحقه، ولكنه كان يستطيع الخروج دوما من عنق الزجاجة إلى الفضاء الرحب، ما جعل صحيفة نيويورك تايمز تصفه: "دونالد ترامب.. رجل خارج كل القواعد.. اسمه أصبح مرادفا للنجاح، حتى الضربات الأكثر إذلالا بالكاد تؤثّر على سمعته".